اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
أديبة لا تزال صامدة في منزلها، تعيش مع أولادها وأحفادها، وتهتم بعملها في الأرض وتربية الماشية، رغم القصف الإسرائيلي المتواصل على الضهيرة، وترفه عن نفسها بالغناء ورقص الدبكة، للتخفيف من رعب أزيز الطيران الحربي المستمر.
تصنّف بلدة الضهيرة كمنطقة عسكرية بعدما شهدته من أحداث وعمليات متفرقة، إلى جانب استهدافها بالقذائف الفوسفورية عدة مرات، مما أدى إلى تضرر أكثر من ۳۰ منزلا.
وعلى وقع القصف المدفعي المتقطع، تجلس أديبة “أم نادر” مع أولادها الـ۱۱، ومع ۱۵ حفيدا في باحة منزلها، في حين لم يتبق في القرية سوى عائلات تُحصى على أصابع اليد الواحدة.
وأصرت الحاجة أديبة على البقاء في البلدة، ورفضت أن تُسجل في عداد النازحين، إذ تصر على البقاء في منزلها مع أولادها وأحفادها، وتفاخر أديبة بالقول “نحن صامدون هنا في الضهيرة رغم القصف وتحليق الطيران، لنعلم العالم معنى الصمود. سنبقى في بيوتنا، ولا نريد أن نتهجر عنها، مهما كانت قسوة الاحتلال”.
وعن كيفية قضاء يومها، تقول “نجلس أمام المنزل لمشاهدة القصف من أين انطلق وإلى أي اتجاه أُطلق، صوت الطائرات المسيّرة يخيفنا، ومن ثم تقصف.. في هذا الوقت نخاف وننزل إلى منزلنا تحت الأرض، حيث نستخدمه ملجأ”. ولفتت إلى أنهم يرفهون عن أنفسهم أحيانا “بالغناء ورقص الدبكة”.
يقول نادر أبو ساري (۴۵ عاما) -الابن البكر للحاجة أديبة- “نحن هنا من أهل الصمود منذ بداية التوتر الأمني، لا نريد النزوح، ولا الذهاب إلى أي مكان آخر”.
وأضاف أبو ساري أنه بقي هو وعائلته في المنزل رغم كثافة القصف، وخاصة بقنابل الفوسفور الأبيض، بينما كثير من سكان البلدة غادروها فورا.
وتابع، “بقيت أنا وعائلتي هنا في الضهيرة لنعلم العالم معنى الصمود رغم الخطر. إذا نزحت مَن يطعم بقراتي والمعز والغنم؟.. ستموت وخاصة أنها مصدر رزقي الوحيد أنا وعائلتي”.
وأشار أبو ساري إلى “أن معظم سكان البلدة نزحوا من أول يوم بدأت فيه الأحداث تتصاعد.. ويسألوننا: لماذا لا تنزحون بعد من البلدة؟ ونجيبهم: لن نرحل.. الأرض أرضنا”.
أبو ساري قال إنه “بقي في البلدة نحو ۵۰ شخصا معظمهم من الرجال لحماية أرزاقهم”، داعيا أبناء بلدته النازحين إلى العودة لحماية أرزاقهم وحماية أرضهم.
وأضاف، “كثير من أبناء البلدة يتصلون بي، لأهتم ببقراتهم وماشيتهم، لأنهم تركوها من دون أكل ولا شراب، فأقول لهم: ارجعوا”.
وتقع بلدة الضهيرة في قضاء صور، وتبعد ۱۳۷ كيلومترا عن العاصمة بيروت، و۹۵ كيلومترا عن مركز محافظة صيدا.
ولا تعيش الضهيرة مثل باقي بلدات لبنان، فهي مقسمة بين جزء داخل الأراضي المحتلة من جانب إسرائيل، والجزء الآخر ضمن الأراضي اللبنانية.
ومنذ احتلال إسرائيل لأجزاء من الضهيرة عام ۱۹۶۷، لا يستطيع سكانها الوصول إلى أقاربهم في البلدة ذاتها، ولا زراعة أراضيهم على الجانب الآخر من السور الذي أقامته السلطات الإسرائيلية.
وتعد “الضهيرة” أحد أسخن المحاور في الجنوب اللبناني، وانطلقت منها أولى العمليات العسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في “مستعمرة جردايه”، مساندة لقطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مستمرة منذ ۷ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومنذ اندلاع الاشتباكات في اليوم التالي بين الجيش الإسرائيلي “وحزب الله” اللبناني، تتعرض الضهيرة المحاذية للحدود مباشرة لشتى أنواع الغارات الجوية والقصف المدفعي بالقنابل الفوسفورية.
وبحسب أحدث أرقام منظمة الهجرة الدولية، التابعة للأمم المتحدة، تم تسجيل نزوح ۲۶ ألفا و۲۳۲ شخصا من المناطق التي تصنف ساخنة إلى مناطق أخرى آمنة في لبنان.
المصدر : وكالة الأناضول