اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وتعد البنود المتعلقة بالميراث والأحكام التمييزية في مجلة الأحوال الشخصية أحد أبرز الأمور الجدلية، إذ دعت جمعيات نسوية في عام ۲۰۱۷، إلى مراجعتها لجعل رئاسة العائلة مشتركة بين الزوجين، وإلغاء التمييز على أساس الدين في مسائل النسب واللقب والحضانة والولاية والإرث.وعبّر الاتحاد الوطني للمرأة التونسية وجمعيات أخرى، عن رفضهم القاطع أي تعديل يمسّ الفصول الجوهرية للمجلة، معتبرين أن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الأسرة، والمساس بالهوية العربية الإسلامية لتونس، وتفكيك العلاقات الأسرية، في ظل ضعف الإطار الاجتماعي لحماية المطلقات والأرامل.وتجدد الجدل قبل أيام، حول تنقيح الفصل الـ۳۲ من المجلة، الذي ينص على أن “يختار رئيس المحكمة قاضي الأسرة من بين وكلائه. ولا يحكم بالطلاق إلا بعد أن يبذل قاضي الأسرة جهداً في محاولة الصلح بين الزوجين ويعجز عن ذلك”، وذلك بعد تقدّم ۱۰۵ نواب بمبادرة تشريعية لتنقيح القانون المنظم لمهنة عدول الإشهاد، لينصّ على أن الطلاق بالتراضي يحدث بين الزوجين بمحضر عدل إشهاد في حال عدم وجود نزاع أو ضرر.وقوبل المقترح برفض شديد من قبل هيئة المحامين والجمعيات المدافعة عن المرأة، والتي اعتبرت أنّ ذلك يمسّ حقوق النساء، ويزعزع مؤسسة الزواج. وشدد اتحاد المرأة على أن الطلاق لا يمكن أن يصدر إلا عن المحاكم، محذراً من خطورة هذه المبادرات التشريعية على التماسك الأسري والمصلحة الفضلى للأطفال.في حين حذّر مجلس هيئة المحامين من أن مشروع القانون يكرّس التنفيذ من دون حكم قضائي، ويمسّ مبدأ المواجهة وحق الدفاع، ويفتح الباب أمام الفوضى، والقصاص الفردي، كما يجعل عدالة الإشهاد مهنة فوق القانون من دون حسيب أو رقيب، ويسند لها اختصاصات تتعارض مع الدستور، كما يمثلّ سطواً على مهنة المحامي.
وبحسب المعهد الوطني للإحصاء (حكومي)، تسجلّ تونس أكثر من ۱۴ ألف حالة طلاق سنوياً، بمعدّل ۳۸ حالة طلاق يومياً.وتجدد الجدل في مارس/آذار الماضي، بعد تقديم بعض نواب البرلمان مشروع قانون يتعلق بعفو عام يهم المُطالَبين بديون ترتبت عن أحكام النفقة والطلاق. وينص المشروع على “تمتع الأشخاص الذين صدرت ضدّهم أحكام بالعقوبة السجنية أو المالية بعفو، على أن يستوفوا شرط إثبات الخلاص الفعلي لمبلغ لا يقلّ عن ۸% من جملة الديون، وقضاء عقوبة تعادل أو تزيد عن ۳۰% بمقتضى الأحكام الصادرة”.وذكر النواب الذين اقترحوا القانون أنّ إحصائيات شبه رسمية حصرت عدد المتتبعين بسبب النفقة بقرابة ۲۵۶ ألف شخص. ليطالب البعض بإلغاء النفقة، وإجراء تغيير على مجلة الأحوال الشخصية، وإيجاد صيغة تجنب الزوج السجن في حال لم يستطع الدفع.وتنص مجلة الأحوال الشخصية على أنّ “الإنفاق يستمر على الأبناء حتى بلوغ سنّ الرشد أو بعده إلى نهاية مراحل تعليمهم، على ألا يتجاوزوا الخامسة والعشرين، وتبقى البنت مستحقة للنفقة إذا لم يتوفر لها الكسب أو تتزوج، كذلك يستمر الإنفاق على الأبناء المعوقين العاجزين عن الكسب بغض النظر عن سنهم. ويصدر حكم النفقة من قبل المحكمة الابتدائية مع حكم الطلاق، أو يصدر من قبل محكمة الناحية في قضية مستقلّة، سابقة أو لاحقة لقضية طلاق، وينفذ الحكم القاضي بالنفقة إمّا بخضوع المحكوم عليه طوعياً لدى إعلامه بالحكم، أو بالحجز على مرتّبه عند امتناعه عن الدفع لمدّة تفوق شهراً من تاريخ إعلامه بالحكم الصادر ضده، وطلب تتبّعه عدلياً”.
وترى جمعية “النساء الديمقراطيات”، أنّ مجلة الأحوال الشخصية، التي عدّت مكسباً للنساء عند صدورها، لم تعد في مستوى انتظارات التونسيات والتونسيين، وكرست مع الوقت نموذج العائلة الأبوية، وظلت بعيدة عن المطلب الرئيسي، وهو المساواة وعدم التمييز. يحق لنا أن نذكر بأن التمسّك بالدّيمقراطية والعدالة الاجتماعية يستوجب تفعيل مبدأ المساواة والتوزيع العادل للثروات في جميع المجالات وفي كل الفضاءات، بدءاً بالفضاء العائلي.وفي عام ۲۰۱۸، أعدت “لجنة الحريات الفردية والمساواة” تقريراً شاملاً تضمن مقترحات لتعديل قوانين الأحوال الشخصية، وتضمن ۱۳ نقطة رئيسية، من ضمنها إلغاء التمييز بين المرأة والرجل في الإرث، وتعديل إجراءات الطلاق عبر جعله أكثر مرونة، خاصة في حالات العنف الأسري، كما تشمل السماح بتغيير اللقب العائلي لأسباب اجتماعية أو إنسانية، وتجريم الزواج القسري، وتشديد عقوبات الإكراه الزوجي، إضافة إلى إلغاء المهر بوصفه شرطاً لصحة الزواج، ومراجعة أحكام العدّة.وعاش المجتمع التونسي خلال السنوات الماضية نقاشات مطولة حول قضية المساواة في الميراث بين الرجال والنساء، قبل أن يُعرض مشروع قانون على البرلمان، لكن لم يتم الحسم فيه.
العربی الجدید