اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
«اسمي ثريا الغوراني، وعمري ۸۵ عامًا. شكل النزوح مسار حياتي. أتذكر بوضوح ذلك اليوم من عام ۱۹۴۸ عندما داهمتنا الميليشيات الإسرائيلية. جمع والدي أسرتنا على عجل، وتركنا منزلنا في الفالوجة، وهي قرية صغيرة بين الخليل وغزة. وجدنا ملاذًا في خان يونس، تاركين كل شيء وراءنا. ومنذ ذلك الحين، عاصرت سبع حروب، كان آخرها الهجوم الحالي على غزة. كل حرب كانت تجردنا من كرامتنا شيئًا فشئيًا. لكن هذه الحرب الأخيرة هي الأشد قسوة والأكثر إيلامًا. هي الأطول من بين كل الحروب. نحن محاصرون في غرفة لا تزيد مساحتها عن 4 × ۴ أمتار يعيش بها أكثر من عشرة أشخاص، ومحرومين من ضروريات الحياة الأساسية، والطعام والماء. الأرض تهتز بنا بفعل القصف المستمر، والخوف من الموت حاضر في كل لحظة. لكننا نتشبث بقشة أملًا في العودة يومًا ما إلى المنزل الذي تركناه وراءنا.
تحطمت حياتنا، وحُرمنا من الضروريات الأساسية. هذه الحرب وحشية بشكل لا يمكن تصوره، لا سيما تجاه النساء والأطفال. في الماضي، لم نستطع حمل أمتعتنا عندما هربنا من منزلنا. وعندما عدنا، وجدنا منزلنا وقد استُبيح. أما هذه المرة، لم يعد هناك منزل، لا يوجد سوى أنقاض للعودة إليها. سلبتني هذه الحرب من كل شيء: الكرامة والماضي والمستقبل».
تتحمل النساء عبئًا ثقيلًا بشكل خاص في زمن الحرب. حفيدتي خلود الغوراني البالغة من العمر ۲۸ عامًا تروي الأهوال التي شهدتها بقلب مثقل:
تستعصي هذه الحرب على الفهم. لم نتخيل أبدا أننا سنفقد أحباءنا ومنازلنا وذكرياتنا العزيزة. صار النزوح جزءًا من حياتنا الجديدة القاسية. في ملجأنا الأخير، مستشفى الأمل، استيقظنا لنجده محاصرًا بالجنود والدبابات الإسرائيلية، مما أجبرنا على النزوح مرة أخرى. لن أنسى أبدا ألم فقدان صديقتي العزيزة إخلاص، التي توفيت مع رضيعها بعد أسبوعين فقط من الولادة. لا تزال الحرب مستعرة، وتحصد أرواح المدنيين: الأمهات والبنات والأبناء. يبدو أملنا في السلام وكأنه حلم بعيد المنال، الامل الذي كسرته الخسارة والألم المستمر”.
على الرغم من صغر سنها البالغ ۱۴ عامًا فقط، عانت لين نحال، المولودة في غزة، من صدمة خمس حروب وواجهت النزوح أكثر من أربع مرات. هي تعيش الآن في خيمة لا توفر مهربا من حرارة الصيف الحارقة أو برد الشتاء القارس. تتأمل في تجربتها:
«غيرت هذه الحرب حياتي إلى الأبد. لقد نزحنا مرارًا وتكرارًا، ضاعت فرصتي التعليمية وفقدت أصدقائي. الخوف الملازم لنا أصبح يفوق الوصف. في الماضي، كان لدينا القدرة على شراء الطعام والفواكه والملابس، أما الآن فيتكدس ثمانية منا في خيمة هشة. اضطررت إلى تحمل مسؤوليات لم أكن أعتقد أنني سأتحملها، مثل رعاية أخواتي الأصغر سنًا».
«اعتدت أن أكون طالبة متفوقة، بينما يتابع أصدقائي الذين غادروا غزة تعليمهم. الآن، أجلس في خيمة وقد فقدت كتبي وحقيبتي وزيي المدرسي. أشعر كما لو أنني أفقد مستقبلي وتعليمي وطفولتي. حلمي هو إنهاء هذه الحرب وأن أصبح معلمة تاريخ حتي أشارك قصة تاريخ فلسطين ومعاناتنا التي لا تنتهي. أناشد الأطفال في جميع أنحاء العالم أن يدعموا أطفال فلسطين. نحن نموت كل يوم. أطالب بإنهاء هذه الحرب فورًا حتى تتاح لنا أخيرا فرصة للحياة».
يتحمل كل جيل عبء الحرب بشكل مختلف، لكن الألم والخسارة والقدرة على الصمود تربطهم جميعا.
بالنسبة لثريا، دكت الحرب حياة من الاستقرار، مما أجبرها على مواجهة الخسارة المستمرة لكل من الوطن والأمل. أما بالنسبة لخلود، فقد سلبت الحرب أصدقاءها وعائلتها وأحلامها بمستقبل آمن. أما لين، فقد بَدَّلَتْ الحرب طفولتها، حيث قايضت الكتب المدرسية من أجل البقاء في عالم لا ينبغي أن يختبره أي طفل على الإطلاق.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها هذه الأجيال الثلاثة، لا تزال الروح صامدة. لقد غَيَّرَتْ الحرب الجميع، ومع ذلك فإن النساء – الأمهات والبنات والأخوات – هن اللواتي يتحملن في كثير من الأحيان العبء الأكبر، ويكافحن لحماية أسرهن ومستقبلهن وسط الفوضى والدمار. إن رواياتهم، المنسوجة بالألم والقوة، تحتاج الاهتمام وتبث الأمل.
المصدر: هیئة الأمم المتحدة للمرأة