اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وهذه ليست المرّة الأولى التي تُطلق فيها تحذيرات في هذا الإطار، وسط الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من عامَين ما بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) والتي تسبّبت في مقتل عشرات آلاف المدنيين ونزوح ولجوء ۱۳ مليوناً، في أزمة إنسانية توصف بأنّها بلا حدود. فمنذ بدايات الحرب، راحت الأمم المتحدة ومنظمات دولية تُطلَق مناشدات وتحذيرات ذات صلة بالاعتداءات الجنسية التي تُرتكَب خلالها والتي تُستخدَم سلاحاً في الحرب، بمناطق مختلفة من البلاد.
ووسط الأزمة الإنسانية غير المسبوقة والعنف، تواجه النساء والفتيات خصوصاً خطراً متزايداً في ما يخصّ التعرّض لعمليات اغتصاب جماعية ولاستعباد جنسي ولزواج قسري، بحسب ما حذّرت مجموعة من تسعة خبراء مستقلين أو مقرّرين خاصين لدى الأمم المتحدة. وعبّر هؤلاء، في بيان أصدروه اليوم الأربعاء، عن “شعور بقلق بالغ إزاء التقارير المروّعة عن حالات عنف جنسي واختطاف وقتل تستهدف النساء والأطفال، بما في ذلك في مخيمات النزوح، ما يكشف عن حملة ممنهجة ووحشية ضدّ الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع السوداني”. أضافوا أنّ “العنف الجنسي ما زال يُستخدم بطريقة منهجية سلاح حرب في السودان”.
#Sudan: UN experts strongly condemn the widespread and systematic violations committed against women & girls, including conflict-related sexual violence, abductions, & killings, many attributed to the Rapid Support Forces (RSF).https://t.co/c6ZyeMLRh9pic.twitter.com/PX3WGbk3B8— UN Special Procedures (@UN_SPExperts) May 14, 2025
وأوضح الخبراء، من بينهم المقرّرون الخاصون لدى الأمم المتحدة المعنيون بالعنف ضدّ النساء والفتيات وبالتعذيب وبأشكال العبودية المعاصرة، أنّ ما لا يقلّ عن ۳۳۰ حالة عنف جنسي مرتبطة بالحرب وُثّقت منذ مطلع عام ۲۰۲۵٫ وأشاروا إلى أنّ من المرجّح أن يكون الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، مضيفين أنّ ثمّة اعتقادا بانتحار أعداد من الضحايا اللواتي تعرّضنَ لصدمات. وتابعوا أنّ “الناجيات يفكّرن، بصورة متزايدة، في الانتحار وسيلةً للهرب من أهوال الصراع المستمرّ”.
ورأى هؤلاء الخبراء المستقلون، المكلّفون من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من دون أن يتحدّثوا باسم المنظمة الأممية، أنّ “الشهادات المروّعة” التي جمعوها “توضح حجم أزمة الصحة النفسية التي تعاني منها النساء والفتيات” في السودان. ولفتوا كذلك إلى “انعدام فرص الحصول على الرعاية والدعم، بالإضافة إلى الإفلات من العقاب الذي يتمتّع به الجناة، خصوصاً في المناطق التي انهارت فيها أنظمة المساعدة كلياً”.
من جهة ثانية، تحدّث الخبراء عن ارتفاع كبير في التقارير التي تتناول الإخفاء القسري بالمناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، ويُعتقَد أنّ “نساء وفتيات كثيرات اختُطفنَ لأغراض الاستعباد الجنسي والاستغلال”. وأوضح هؤلاء، في بيانهم، أنّ “الضحايا يُختطفنَ من مخيمات نازحين أو أسواق أو ملاجئ، في ظلّ انهيار أنظمة الحماية”. يُذكر أنّ مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك كان أشار قبل أيام إلى أنّ “الرعب الذي يتكشّف في السودان لا حدود له”.
وحذّر الخبراء المستقلون لدى الأمم المتحدة من أنّ “النطاق المروّع للعنف الذي ما زالت النساء والفتيات يعانينه (عموماً)، يمثّل شهادة مقلقة على تآكل آليات الحماية في خلال النزاعات”، وشدّدوا على “وجوب أن يتحرّك المجتمع الدولي بصورة عاجلة لوقف هذه الدوّامة”.
في سياق متصل، كانت المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق أفريقيا وجنوبها آنا موتافاتي قد صرّحت، في الذكرى الثانية للحرب التي حلّت في إبريل/نيسان الماضي، بأنّهم شهدوا “زيادة بنسبة ۲۸۸% في الطلب على الدعم المنقذ للحياة لضحايا الاغتصاب والعنف الجنسي”. وأكدت: “بدأنا نشهد استخداماً ممنهجاً للاغتصاب والعنف الجنسي بوصفهما سلاح حرب”. أضافت موتافاتي أنّ “أجساد النساء تحوّلت إلى ساحة حرب”، من دون أن تُحدّد الطرف المسؤول عن ذلك في حرب السودان.
وقد قسمت الحرب في السودان، المتواصلة منذ منتصف إبريل/ نيسان ۲۰۲۳، البلاد إلى مناطق نفوذ، فيسيطر الجيش على وسطها وشمالها وشرقها فيما تسيطر قوات الدعم السريع وحلفاؤها على معظم إقليم دارفور في الغرب وأجزاء من الجنوب. من جهتها، أشارت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في السودان، في إبريل الماضي، إلى أنّه “بعد عامَين من الحرب في البلاد، ما زالت معاناة النساء والفتيات مستمرّة ومتفاقمة”، موضحةً أنّهنّ “تعرّضنَ فيها لكلّ أنواع العنف؛ الجسدي والنفسي والاجتماعي والحرمان من الحقوق الإنسانية”.
العربي الجدید