خدمة حتى آخر نفس.. صوت امرأة إيرانية مدوٍّ في قلب سجن اوین

الشهيدة فاطمة قنبري، المساعدة للسجينات في سجن اوین، كانت سيدة فاضلة استشهدت في هجوم إجرامي شنته إسرائيل.

الشهيدة فاطمة قنبري، واحدة من الشهيدات اللاتي استشهدن في الهجوم الصاروخي الإسرائيلي على سجن اوین، سيدة رفضت حتى في لحظاتها الأخيرة مغادرة مكان عملها. فاطمة كانت مساعدة في السجن وعاشقة لعملها.

تحدثنا مع شقيق هذه الشهيدة العظيمة، الشقيق الذي لم يصدق بعد أن أخته لم تعد بجانبه. كانت روايته مؤلمة، لكنها مليئة بالفخر.

فاطمة قنبري كانت عزباء، لكنها لعبت دور الأم الحنون لجميع أفراد الأسرة، وخاصة أبناء أشقائها. كان كل تفكيرها واهتمامها منصبًا على كيفية إدارة دخلها لمساعدتهم. كانت تقول: “أنا لا أحتاج شيئًا، لكن هؤلاء الشباب والأطفال يحتاجون أكثر مني”. كانت طيبتها لا حدود لها، والحب الذي يعود للحياة الآن فقط من خلال استعادة الذكريات التي تركتها.

الشهيدة فاطمة قنبری كانت عاشقة للطبيعة. في مسقط رأسها، دليجان، أنشأت مزرعة صغيرة. كانت تزرع الزهور بحب؛ تمامًا كما كانت تمنح الحياة معنى بالحب. تسلق الجبال كان أيضًا من اهتماماتها الدائمة.

قبل يوم من الحادث، ذهبت في رحلة إلى الجبال مع عائلتها؛ وكأنها عقدت وداعها الأخير مع الأرض طواعية مع الطبيعة.

ولكن ما جعلها مختلفة عن الآخرين هو شعورها بالمسؤولية. في يوم الحادث، لم يكن يوم عملها. ولكن عندما لم يتمكن أحد زملاؤها من الحضور إلى العمل، وعلى الرغم من معرفتها باحتمالية هجمات الکیان الصهيوني على مناطق مختلفة، عادت فاطمة إلى طهران وحلت محل زميلها في العمل، ولم تعد أبدًا.

عندما وقع الهجوم الصاروخي على سجن اوین، لم يصدق أحد أن اسمها سيكون ضمن الشهداء، لكن الاتصالات والبحث باءت بالفشل.

الخاتم الذي تسبب في التعرف على الشهيدة

صور الطب الشرعي لجثمان فاطمة لم تساعد في التعرف عليها. كان وجهها مغبرًا ومحترقًا. في النهاية، كان الشيء الوحيد الذي أكد للعائلة هو صورة لتفاصيل جسد فاطمة المحترق، صورة الخاتم الذي کان على يد الشهيدة في صور الطب الشرعي بين الجثث المحترقة، ونظرة الأخ المضطربة التي تعرفت على الأخت بين الصور.

كانت على اتصال مع أخوات مجاهدات ونشطات ثقافيات في مسجد الحي. كان بيتها بجوار المسجد الذي أصبح مكان تجمع ليالي الدعاء والأنشطة الجهادية وصلاة الليل.

وفقًا لتصريحات شقيقها، في أيام ذروة الهجمات، عندما سمعت أن إيران قد شنت هجومًا صاروخيًا على إسرائيل ردًا على هجمات النظام الصهيوني، فرحت كثيرًا كما لو أنها كانت بنفسها في صف الرد.

لم يحضر والداها مراسم تشييع الشهيدة؛ لأن فاطمة، بعد وفاة والدها ووالدتها، أصبحت أماً لأشقائها وشقيقاتها. عاشت كالأم، وفي النهاية استشهدت مظلومة.

قال شقيقها: “عندما رأينا جثمان أختي لأول مرة في معراج الشهداء، كان وجهها يتمتع بهدوء خاص. لم يكن هناك أي أثر للألم أو الخوف. كان يبدو أنها راضية بالرحيل وكانت تعرف إلى أين تذهب”.

وفقًا لأحد أشقائها، رأت فاطمة في المنام، حيث جاءت إليها وقالت: “لدي قرط كأمانة، يجب أن تعيده إلى زهراء (ابنة أخي)”. ثم ابتسمت، ورفعت يدها، وقالت: “لقد رحلت. وداعاً”.

الشهيدة فاطمة قنبری، لم تكن مجرد موظفة عادية في سجن اوين، بل كانت مثالاً للمرأة المسلمة الإيرانية؛ امرأة امتزجت فيها الغيرة والتضحية والإيمان وحب الشعب في روحها. اسمها الآن مسجل بجانب أسماء شهداء الحق، لكن ذكراها باقية في القلوب التي ارتوت من محبتها.

تعریب خاص لـجهان بانو من وكالة مهر للأنباء