دعوات لتعديل قانون الملكية المشتركة للأزواج في تونس

تُعد الملكية المشتركة بين الزوجين نظامًا قانونيًا يتيح اعتبار جميع الممتلكات والأصول التي تم الحصول عليها خلال فترة الزواج كملكية مشتركة بين الزوجين، في تونس. ويضمن هذا النظام تقسيم الممتلكات بشكل عادل عند الطلاق، إلا أن طول الإجراءات وتعقيدها جعلا خبراء وحقوقيين يدعون لتعديله.

وقالت رئيسة “جمعية قادرات” سامية المالكي إن قانون الملكية المشتركة بين الزوجين يحتوي على إجراءات طويلة ومعقدة خاصة في حال انفصال الزوجين إما بفعل الطلاق أو الموت، معتبرة أنه من بين الهنات التي احتواها هذا القانون حصره الملكية المشتركة في العقارات فقط والحال أن المنقولات قد تكون أغلى من العقارات.

وأضافت، خلال ندوة نظمتها الجمعية لمناقشة ورقة حول تعديل قانون الملكية المشتركة بين الأزواج، أن القانون لا يثمّن عمل المرأة داخل المنزل، وبالتالي هذه النقائص لا تخدم مصلحة العائلة مجتمعة أو مصلحة الزوج والزوجة.

وأشارت رئيسة “جمعية قادرات” إلى أن من بين أهداف هذه الندوة دعوة مجلس نواب الشعب إلى إعادة النظر في هذا القانون وتنقيحه بما يتلاءم مع متطلبات التحولات الاجتماعية والاقتصادية ورفع الوعي بضرورة هذا التغيير.

قانون الملكية المشتركة بين الزوجين في صياغته الحالية غير مفهوم لعامة الناس وخاصة للمتزوجين أثناء عقد القران

وتضيف المالكي أن قانون الملكية المشتركة بين الزوجين في صياغته الحالية غير مفهوم لعامة الناس وخاصة للمتزوجين أثناء عقد القران، مشيرة إلى أنه من بين المفاهيم الرائجة خطأ، هو اعتقاد كلا الزوجين أن الشراكة في الملكية هو سطو على أحد ممتلكات الزوجين في حين أن القانون يشترط أن الملكية المشتركة محددة فقط في بيت الزوجية الذي يقع اقتناؤه بعد الزواج ولا يشمل بالتالي الميراث والممتلكات.

واعتبرت سامية المالكي أن التجربة المغربية رائدة في هذا الشأن ولها الأسبقية في العالم العربي بإعادة النظر في جملة القوانين المرتبطة بمؤسسات الزواج والأسرة على غرار قوانين الحضانة والاشتراك في الملكية، مبينة أن تغيير القوانين في تونس يجب أن يكون متناغما مع روح الدستور التونسي الذي يقر المساواة بين الرجل والمرأة.

من جهتها قالت المديرة العامة للإحصاء والتحليل والتخطيط الإستراتيجي بوزارة الشؤون الاجتماعية، سنية حسيني، إن التنقيح لا يمكن أن يقع بمعزل عن كامل المنظومة القانونية، وذلك للحد من الخلافات بعد الطلاق مثل النفقة وغيرها من التفاصيل.

كما أوضحت أن هذه المراجعات سيكون لها أثر إيجابي على المجتمع الأسري يضمن الإنصاف والعدالة للطرفين وفق قولها. وكان المشرع التونسي قد أقر نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين بمقتضى القانون عدد ۹۴ لسنة ۱۹۹۸ ويرى الخبراء أن هذا القانون جاء في إطار مزيد دعم مكاسب المرأة وتأكيدا لحقوقها.

ويعد نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين نظاما اختياريا أي للزوجين حرية الاختيار بين نظام الاشتراك في الأملاك وبين نظام التفرقة من ناحية ومن ناحية أخرى يجوز للزوجين اختيار نظام الاشتراك في الأملاك سواء في تاريخ إبرام عقد الزواج أو بتاريخ لاحق. والهدف من نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين هو جعل عقار أو جملة من العقارات ملكا مشتركا بين الزوجين متى كانت من متعلقات العائلة طبقا للفصل الأول من القانون.

وقد اقتصر المشرّع على العقارات المكتسبة بعد الزواج أو بعد إبرام عقد الاشتراك حتـى يحتفظ كلّ واحد من الزوجين بالعقارات التي اكتسبها بجهده الخاص أو بوجه الإرث أو الهبة أو الوصية. إلا أنه أجاز إمكانية الاتفاق على جعل الاشتراك شاملا لجميع العقارات بما في ذلك المكتسبة ملكيتها قبل الزواج وتلك المتأتية ملكيتها من هبة أو إرث أو وصيّة. ويرى خبراء وحقوقيون أن القانون يحوي عديد الثغرات.

التجربة المغربية رائدة في هذا الشأن ولها الأسبقية في العالم العربي بإعادة النظر في جملة القوانين المرتبطة بمؤسسات الزواج والأسرة على غرار قوانين الحضانة والاشتراك في الملكية

وكان المستشار بمحكمة التعقيب ونائب رئيس مركز تونس للقانون العقاري والتعمير جعفر الربعاوي قد أكد أن قانون الاشتراك في الأملاك الزوجية الصادر بتاريخ ۹ نوفمبر ۱۹۹۸، والذي تم سنّه لحماية حقوق المرأة ومنها بالخصوص المرأة العاملة، يحتوي على العديد من الثغرات التي لم يتمّ التفطّن إليها لدى سنّ هذا القانون، وهو ما يستوجب تنقيحه.

وبيّن المستشار جعفر الربعاوي خلال مشاركته في الملتقى الوطني حول “نظام الاشتراك في الأملاك الزوجية وتصفيتها”، المنعقد في مايو ۲۰۲۲، بمدينة الحمامات الجنوبية من ولاية نابل، على ضرورة تنقيح هذا القانون باعتباره يطرح عديد الإشكاليات عند الطلاق أو وفاة أحد الزوجين. مشيرا إلى أن الإشكاليات الناجمة عن التوجّه في هذا النظام بين الزوجين تبرز في حال الطلاق، أو وفاة أحد الزوجين، وما ينجر عنه من صعوبات لتصفية المشترك، مضيفا أن اختيار هذا النظام يطرح مشاكل عديدة.

بدوره، أكد عميد عدول الإشهاد قيس عبادة على أهمية هذا القانون الذي يندرج في إطار القانون الاجتماعي المتعلّق بحماية الأسرة وضمان توازنها باعتبار تداعياته المباشرة على الحالة المدنية والمادية للزوجين والاستقرار الأسري في إدارة الأملاك المشتركة.

وأبرز عميد عدول الإشهاد أنه وجب تقييم هذا القانون بعد تجربة دامت أكثر من ۲۰ سنة من خلال تشخيص الإشكاليات الناجمة عن اعتماد هذا النظام، مشيرا إلى أن هذا الملتقى يهدف إلى البحث في الثغرات والهنات، وإصدار توصيات لتحسين هذا التشريع لمزيد تحقيق التوازن الأسري داخل العائلة التونسية.

وقالت المحامية أسمهان الطاهري إنّه رغم أهمية هذا النظام وتأطيره، فإن تطبيقه طرح عديد الإشكالات، أهمها طريقة إنهاء حالة الاشتراك من خلال تصفية الأملاك المشتركة خاصة في حالات الطلاق أو وفاة أحد الزوجين، وهي مهمة موكولة إلى القضاء طبق إجراءات محددة قد تستنزف الوقت والمال، إضافة إلى بقاء الأملاك مجمدة وهو ما يمكن أن يتسبب في ضياع الحقوق.

المصدر: العرب