رغم تبدّل السلطة.. المجلس الاستشاري النسوي السوري يواجه التهميش من جديد 

تتذرع الحكومة الانتقالية (السلطات الجديدة في سوريا) بأن القرار 2254 صدر على دور النظام السابق وأنها غير معنية بتطبيقه، ما يعني استمرار التهميش بحق المرأة من قبل الحكام الجدد في سوريا.

رغم التحولات السياسية في سوريا وتبدل القوى الحاكمة من نظام الأسد إلى الحكومة الانتقالية، إلا أن واقع النساء لم يشهد تحسناً ملموساً، حيث يتكرر الإقصاء ذاته، وإنْ بتبريرات مختلفة. 
هذا ما تكشفه تجربة المجلس الاستشاري النسوي السوري، الذي تأسس عام ۲۰۱۶ بمبادرة من الأمم المتحدة لتمثيل أصوات النساء في العملية السياسية السورية.

المجلس أُسّس استناداً إلى القرارين الأمميين ۱۳۲۵ و۲۲۵۴، واللذين يدعمان دور المرأة في عمليات السلام وصنع القرار. وقد بدأ عمله بـ۲۰ عضوة، تم اختيارهن من خلفيات اجتماعية ومناطقية مختلفة. ولكن، ونتيجة الضغوط السياسية وانعدام الاعتراف من قبل النظام والمعارضة على حد سواء، جرى العمل في ظروف من السرية والحذر، وغالباً من خارج سوريا.

حتى عام ۲۰۲۴، ظلّت أعمال المجلس تتم في الظل. الاجتماعات كانت تُعقد في جنيف أو دول أوروبية، والمعلومات تُجمّع من منظمات بحثية سورية لتُرسل إلى الأمم المتحدة بتقارير مغلقة. ولم تُدعَ النساء للمشاركة في أي حوارات رسمية، ما يُظهر إنكاراً ممنهجاً لدورهن من قِبل جميع الأطراف.

في عام ۲۰۲۴، وفي محاولة لإعادة تنشيط المجلس، جرى تجديد عضويته بالكامل. تقدّمت ۳۰۰ امرأة للعضوية، تم اختيار ۱۵ منهن فقط، بآلية لم تعتمد على تمثيل المؤسسات النسائية، بل على الاختيار الفردي. 

بين العضوات الجديدات هناك ۳ نساء كرديات، اثنتان منهن من خلفيات دينية (إحداهن إيزيدية)، إلى جانب نساء علويات، درزيات، أرمنيات وعربيات، في محاولة لتمثيل تنوع المجتمع السوري.

روكن أحمد، عضوة في المجلس، أوضحت أن العمل بدأ يُفعّل من الداخل السوري بعد انهيار “نظام الأسد”، حيث عُقد أول اجتماع رسمي داخل البلاد في أيار ۲۰۲۵، في العاصمة دمشق، بحضور وزيرة الشؤون الاجتماعية في الحكومة الانتقالية، هند قبوات. 

وخلال الاجتماع، أكدت العضوات ضرورة تجاوز مرحلة “الاستشارة” إلى المشاركة الفاعلة في صناعة القرار السياسي، كما وُجهت انتقادات إلى خطاب الحكومة الانتقالية تجاه النساء والمكونات الأخرى، خصوصاً فيما يتعلق بتصاعد الكراهية والانتهاكات.

لكن موقف الحكومة الانتقالية كان صادماً، إذ أعلنت صراحة أنها لا تعترف بالقرار الأممي ۲۲۵۴، معتبرة أنه “يعود إلى فترة حكم النظام السابق”، وبالتالي لا ترى نفسها معنية به. هذا الموقف يعكس استمرار الإقصاء السياسي للنساء رغم تغير الغطاء السلطوي.

وبعد المجازر والانتهاكات التي وقعت مؤخراً في السويداء ومحيطها، والتي شملت تهجيراً قسرياً، واختطافاً، وقتلاً بحق النساء، أرسل المجلس رسالة إلى الأمم المتحدة طالب فيها بتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات، محذراً من أن المرأة السورية لا تزال تُستخدم كورقة في الصراع دون ضمان حمايتها أو تمكينها.

تجربة المجلس الاستشاري النسوي السوري تسلط الضوء على فشل القوى السياسية المتعاقبة في إشراك النساء بجدية في الحل السياسي، كما تؤكد أن الاستبعاد الممنهج ليس من صنع نظام بعينه، بل هو سلوك متجذر لدى كل من يدّعي تمثيل الشعب دون أن يضمن تمثيل نصفه.

وکالة‌ هاوار للأنباء