رواية حداد أمومي ونداء للإنسانية وسط الحرب

في شتاء العام الذي اجتاح فيه الوباء العالم، كنت أمشي في شارع فيرست أفينيو بقلب محطم. لم أتمكن سوى ثلاث مرات من سماع نبضات قلب ابنتي قبل أن تسكت إلى الأبد. كان هذا حملي الخامس، وبعده تحول العالم إلى مكان قاسٍ بالنسبة لي. في ليالي الأرق، كنت أستعيد تلك النبضات الثلاثة وكأنها نغم مفقود، وأتساءل: هل يتطلب حزن بهذا العمق تصريحاً؟ هل يجب أن تتحقق الأمومة لتستحق الحداد؟

بعد ثلاث سنوات، في السادس من أكتوبر، خضعت للتخدير لاستعادة البويضات. في هذه المرة، نهضت بأمل جديد، بينما كانت ابنتي البالغة من العمر ثمانية عشر شهراً تنتظرني في المنزل. لكن الجلوس على الأريكة ومشاهدة المسلسل تحول إلى مشاهدة كارثة: الأخبار امتلأت بهجوم مفاجئ، صواريخ، حواجز مدمرة، ورهائن. مدينة تلو الأخرى سقطت في الظلام، انقطعت المياه، وسقطت القنابل الأولى. وأنا، الأم التي رأت نفسها في هؤلاء الأطفال، كنت أشاهد أمهات غزة.

في أواخر عام ۲۰۲۳، طلب الأطفال الفلسطينيون في مؤتمر صحفي بلغة غير لغتهم الأم الإنقاذ من العالم. قال أحد الأطفال: “ندعوكم لحمايتنا”. كانت هذه الكلمات كريمة ومدمرة في آن واحد. وكما قالت أودري لورد، فإن مبدأ الرعاية، سواء في النساء أو الرجال، يمكن أن ينقذ البشرية. نحن جميعاً أمهات بهذا المعنى: عندما نستجيب لإنقاذ بعضنا البعض، عندما نختار البقاء والتعليم.

هذه الدعوة هي نافذة على ذواتنا الأمومية. اليوم، في عالم تتلطخ فيه دماء أطفاله في شوارع غزة، يتجاوز السؤال الذي يطرح علينا حدود السياسة والدين: هل يمكننا الاستجابة لهذه الدعوة؟ هل يمكننا حماية الأطفال الذين ليس لهم أم سوى كل واحد منا؟

تعریب خاص لـجهان بانو من وكالة أنباء الجارديان