اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
“ما أعطاني القوة لأكمل الطريق هو حبي لرمسيس وإيماني بكل ما قال” لم تكن صوفي وزوجها فنان النسيج رمسيس ويصا زوجين عاديين، فكانت علاقتهما وأثرها في الحياة أكبر كثيرا من مسمى علاقة زوجية، فقد كانا “مدرسة” وهذا ليس مجازا عن حياة الثنائي صوفي رمسيس، لكنه بالفعل ما تبقى منهما والإرث الذي قررا ألا يكون أموالا لعائلتهما بعد الرحيل، لكنه مدرسة ومركز لفنون النسيج بمنطقة الحرانية محافظة الجيزة، إنه المشروع الذي تقاسم شقاءه الشريكان، والحلم الذي كفل لهما متعة لا تنتهي وسيرة لا تنقطع.
في أغسطس/آب الماضي نعت الكنيسة المصرية “صوفي ” بعد رحيلها عن عمر ناهز ۱۰۲ عام، وذكرت في بيانها “لقد استطاعت الراحلة الكريمة أن توظف فنها لخدمة الإنسان، وجعلت جُل عمرها أن ترتقي بحياة الناس، فأسست مع زوجها الراحل مركز الحرانية للفنون، من أجل تنمية فتيات ونساء القرية الفقيرة التي أضحت بفضلهما الأولى عالميا في مجال فن النسيج وصارت الحرانية علامة فنية مسجلة باسم عائلة ويصا”.
الحرانية الفقيرة -التي وصلتها صوفي مطلع حياتها مع زوجها لمشاركته مشروعه الفني- لم تكن القرية التي خلفتها وراءها بعد رحيلها مؤخرا، والتي خرجت عن بكرة أبيها تودع صوفي، وكانت قبلها واحدة من آلاف القرى المصرية التي لا تزال فيها المرأة حتى الآن تحارب من أجل التعليم والعمل.
في البدء كان الفن للرجال في الحرانية، ينسجون السجاد ويحترفون وحدهم فنون الخيوط، وكان رمسيس المعلم الأول لهم، ثم بعد زواجه من صوفي، ورؤيتها لنقص التغذية الذي يعاني منه أغلب أطفال القرية، قررت أن تنشئ مطبخا خاصا لتعليم الأمهات والنساء بالقرية كيفية إعداد طعام صحي لأطفالهن، ورويدا رويدا زادت ثقة رجال القرية في صوفي فسمحوا لها بتعليم زوجاتهم فنون النسيج، وبدأ عصر جديد من مركز ويصا للفنون، وكانت صور النساء وإبداعهن تتصدر المحافل الفنية العالمية، وتحولت الحرانية للمركز العالمي الأول لفنون النسيج.
عام ۱۹۷۴، رحل رمسيس الزوج والأب الروحي لمركز الفنون بشكل مفاجئ، وتولت صوفي مهام الإشراف على مجموعة من الفنانين كانوا نواة المشروع الأولى، وتعرف هذه المجموعة بالجيل الأول للنساجين المصريين بالعصر الحديث.
عام ۱۹۸۹، قامت صوفي ببناء متحف في حديقة المركز، جمعت فيه المجموعة الدائمة لزوجها وأبرزت تطور النساجين منذ البدايات الأولية للتجربة.
ولم تنس أنها رسامة في الأساس، تلك الموهبة التي ورثتها من والدها، فكان لها إنجازات هامة ولوحات خاصة مزجت فيها رسوماتها بنسج الصوف، كذلك كانت خبيرة بالأصباغ الطبيعية الخاصة بالصوف.
وعرضت أعمال صوفي في أكثر من مكان بالقاهرة ويضم متحف ويصا واصف أيضا بعضا من أعمالها الخاصة.
وانتهت حياة صوفي، لكن سيبقى مركز الحرانية للفنون شاهدا على حب خالص قدمته هذه السيدة وزوجها لأهالي الحرانية، فبادلوهما حبا بحب حتى قالت “إن كان هناك سبب لنجاح ما صنعناه في الحرانية، فهو الحب، نحن أحببنا أهالي الحرانية وأعتقد أنهم أيضا أحبونا ولولا ذلك ما كان لهذا المشروع أن ينجح ويقاوم كل ميراث الفقر والجهل والمرض”.
المصدر : الجزيرة