اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
تلّقت عزيم تهنئة ملكية أثنت على تجربتها الإبداعية والأدبية، ما منحها حافزاً قوياً لمواصلة تحقيق أحلامها وطموحاتها بعد أن تُوجّت بلقب “أصغر كاتبة في العالم العربي“، حين كان عمرها لا يتجاوز ۱۱ سنة، كما حصدت جوائز وطنية وعربية عديدة في القصة القصيرة والشعر والإلقاء، ومثّلت الطفولة المغربية في مهرجانات وملتقيات دولية.
ولدت عبير بمدينة تاهلة في إقليم تازة (شمال شرق) في ۸ مايو/أيار ۲۰۰۹، وهي تتابع دراستها بالسنة الثالثة إعدادي، كما التحقت مؤخراً بمؤسسة بريطانية لدراسة اللغة الإنكليزية عن بعد. وقد فتحت عينيها داخل أسرة شغوفة بحبّ الكتب، وكانت محظوظة بالقصص والحكايات التي ترويها لها والدتها منذ طفولتها المبكرة، والتي شكّلت جزءا من وعيها، وأصبحت قادرة على القراءة في الرابعة من عمرها، لتبدأ قراءة القصص القصيرة المرفقة بالصور، ثم تطوّرت مهاراتها مدفوعة بتقليد والديها اللذين زرعا فيها هذا الشغف، ثم رغبتها في اكتشاف عوالم وتجارب جديدة.تقول عبيرلـ”العربي الجديد”: “في البداية كانت أمي هي بوابتي نحو الكتب، تقرأ لي وأنا أنصت، ورويدا رويداً تحوّلت المطالعة إلى طقس يومي أخُصّص له الوقت، فأمتطي صهوة الصفحات، وأتذوق طعم الكلمات، وأستسلم لسحر العبارات، ما جعلني أخطو إلى عالم الكتابة”.يتسّع منظور الأديبة المغربية الصغيرة للحياة والإنسان والكون، وهي تقرأ وتتأمل وتتساءل وتكتب، وتسعى إلى مراكمة عناصر تجربة ينميها البحث والسؤال، فتختار الكتب العلمية تارة، والأدبية تارة أخرى، كما تقرأ مؤلفات الخيال العلمي، وكتب التنمية الذاتية، وتعمد إلى اختراق آفاق جديدة، والاستفادة من تجارب سابقة من خلال نظرة واعية للواقع والمجتمع، كما تبدي شغفها بعالم القصة القصيرة والرواية، ويستهويها عالم الصحافة والإعلام.قبل ترسّخ فعل القراءة كعادة يومية لدى عبير، كانت تساعدها أسرتها في اختيار الكتب، وأحياناً يقرأ والداها معها، ويناقشون الكتاب الذي وقع عليه الاختيار. وبحسب عزيم، فإنّ أبرز الكتب التي تستهويها تشمل أعمال الأديب جبران خليل جبران، ورائد الرواية العربية نجيب محفوظ، وأدى ذلك إلى تفتح وعيها على قضايا اجتماعية ومواضيع إنسانية حرّكتها نحو الكتابة التي تصفها بأنها جسر يمكنها من إيصال أفكارها للقراء.وتناولت مجموعتها القصصية الأولى “زورق الموت” ظاهرة الهجرة وتداعياتها، وتم توثيقها إلكترونياً من قبل جمعية “إبداع” الثقافية المصرية، ثم مجلس الكتاب والأدباء والمثقفين العرب، وفي عمر ۱۴ سنة، صدرت روايتها “شمس بحجم الكفّ” والتي تقول إنها “تنقل واقع ذوي الهمم، والمشاكل الاجتماعية التي يواجهونها. حاولت أن أوضح أن الإعاقة الحقيقية في الفكر لا الجسد، وأن الاختلاف شيء إيجابي ينبغي تقبله، وركزت على ذوي الهمم لأنني كنت ألاحظ معاناتهم، والنظرة الدونية التي يتعرضون لها، ومن بينهم الطفل الموهوب زكريا اشميط الذي يتحدى الإعاقة ليواصل موهبته في الرسم، وهو أحد أبطال الرواية”.
تمكّنت الكاتبة الصغيرة بفضل دعم وتوجيه أسرتها، أن تربط علاقة وطيدة مع الكتب، فأبدعت في الكتابة جنباً إلى جنب مع تفوقها الدراسي، وأحرزت معدلات أشاد بها معلموها، كما أصبحت قادرة على المناقشة والنقد، فضلاً عن اكتسابها معارف كثيرة تتعلق بثقافات وحضارات وآفاق مغايرة.كسرت عبير عزيم الصورة النمطية عن الجيل الذي يقال إنّ القراءة آخر اهتماماته، وإن وسائل التواصل التهمت كل وقته، وجعلته سطحياً يبحث عن المعلومة السريعة الجاهزة. تقول: “مواقع التواصل الاجتماعي سيف ذو حدين، ومن هذا المنطلق أحاول بمساعدة والدي أن أستغل الأنترنت فيما يعود علي بالنفع، وأيضاً إيصال أفكاري للمتصفحين. لا يمكن التخلي عن كل ما هو إلكتروني، لكنني أنصح الأطفال والشباب بالتقليل من استخدام الهواتف والأجهزة الإلكترونية، وملء أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالنفع ويغذي عقولهم، وعلى الأهل أن يزرعوا في أبنائهم حبّ الكتب، وأن يقربوا إليهم القراءة في سنواتهم الأولى عبر القصص والحكايات المصورة، حتى يتمكنوا لاحقا من اكتساب هذه العادة التي تحصنهم ضد الجهل، وضد مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، أو إدمان الهواتف”.تلقت اليافعة المغربية العديد من رسائل الدعم والتشجيع، كان أبلغها أثراً الرسالة الملكية التي بعث بها الملك محمد السادس بعد تلقيه نسخة من روايتها الجديدة “شمس بحجم الكف” على سبيل الإهداء. تقول عبير: “فرحتي كانت كبيرة بالرسالة الملكية، وما جاء فيها من عبارات التشجيع، والدعوات بالتوفيق والسداد، والتميز في المسار الإبداعي. صراحة لم أكن أتوقع ذلك، بل كان حلما بالنسبة لي، لدرجة أنني قمت بقراءة التهنئة الملكية مرات عديدة، وفي كل مرة كانت فرحتي تزداد”.وبالإضافة إلى لقب “أصغر كاتبة في العالم العربي”، حصلت عبير عزيم على الجائزة الوطنية الكبرى من شبكة القراءة المغربية لسنة ۲۰۲۰، وكان عمرها لا يتجاوز ۱۱ سنة، وجائزة الديوان العربي من مصر في سنة ۲۰۲۱، وجائزة “إبداع” الثقافية من مصر ۲۰۲۰ و۲۰۲۱ على التوالي، وجائزة أحمد بوكماخ سنة ۲۰۲۱، كما حازت في السنة نفسها جائزة الإبداع الشبابي الوطني، وجائزة القصة القصيرة.
وتشارك الفتاة المغربية بورشات للقراءة للأطفال في المؤسسات التعليمية، فضلاً عن حضورها فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب في العاصمة الرباط، لتشجيع الصغار على القراءة، واكتشاف ذواتهم عبر الإبحار في عوالم مختلفة.يقول الكاتب مصطفى اللويزي، لـ “العربي الجديد”، إنّ “التجربة الأدبية الواعدة للكاتبة عبير عزيم جديرة بالاهتمام والدراسة، فمن جهة، تُعتبر مثالاً لأطفالنا الذين يجب أن نُحبّب إليهم القراءة والكتابة، ومن جهة ثانية تُشكّل نموذجاً يُحتذى من أجل الاهتمام بالأدب المكتوب من قبل الأطفال. لعل هذه التجربة المتميزة تعيد عقارب الساعة إلى مكانها، وتدعم رسم سياسات تعليمية جديدة”.
المصدر: العربي الجدید