اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
في سن الخامسة عشرة، كانت تحلم بطفولة عادية، لكن والدها قرر تزويجها لرجل يكبرها سنًا دون أخذ رأيها. “قالولي فلان طلبك، وما حدا سألني رأيي.” لم يكن أمامها فرصة للهروب. فجأة، وجدت نفسها مخطوبة دون موافقتها، وحينما حاولت تأجيل الأمر، قوبلت بالتجاهل. “كنت أترجى خطيبي يتركني، لكنه ما وفى بوعده.”
الزواج المبكر
تعتبر عميقة العينين واحدة من آلاف الفتيات الفلسطينيات اللواتي يُجبرن على الزواج المبكر. وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (۲۰۲۰)، فإن ۲۰% من النساء الفلسطينيات تزوجن قبل سن ۱۸ عامًا، وهي نسبة تعكس انتشار الزواج المبكر في ظل العادات والتقاليد التي تفرض سيطرة العائلة على حياة الفتاةبحيث يتم اتخاذ قرار الزواج في بعض الأحيان بدون استشارتها.
الزواج المبكر يُعرّض الفتيات لمخاطر عديدة، من بينها العنف الأسري، وانتهاك حقوقهن في التعليم والاستقلال الاقتصادي، ويعزز من التبعية المطلقة للرجل، سواء كان أباً أو زوجاً.
العنف والسلطة الأبوية
استمرت خطوبتها عاماً ونصف، تعرضت خلالها لضغوط للقيام بأمور لم تكن مستعدة لها. “كان يطلب مني أمورا لا تليق بمرحلة الخطوبة، لكني كنت أخاف أواجه أهلي.” في يوم الزفاف، لم يكن الفرح حاضرا. “بكيت مثل أي عروس بتترك بيت أهلها، لكنه قال لي: يلا، عياطك أخرنا عن الحفلة!”
في اليوم الثالث، بدأ العنف الجسدي واللفظي. “كان يسب الذات الإلهية بسبب أتفه الأسباب. لما هربت عند أهلي، قالولي: زوجك محترم، بوسي على راسه وجاريه. شو بدهم يحكوا عنك الناس؟”
لم تجد العميقة سنداً حتى بعد ولادتها وكانت عائلة الزوج تتدخل في تربية ابنها الصغير، وتعاملها بسوء. “كانوا يشجعون ابني على ضربي، يعطوه لعبة ويقولوا له: اضرب أمك!” وعندما حاولت العودة لأهلها بعد ولادة طفلها الأول، رفضوا استقبالها. “قالولي: ما عنا بنات بتتطلق.”
عندما حملت بطفلها الثاني، اتهمها زوجها بالخيانة. “لجأت لأهلي للمساعدة، وافقوا بشرط أن أجيب فلوس وأبني مخزن أخوي عشان أعيش فيه.” لاحقا، تعرضت للضرب المبرح من والدها، الذي أجبرها على العودة إلى زوجها.
الخروج من الدائرة المغلقة
تعيش العديد من النساء الفلسطينيات في بيئة تتحكم فيها السلطة الأبوية، حيث يُفرض عليهن الطاعة والخضوع سواء للزوج أو الأب، مما يزيد من هشاشتهن في مواجهة العنف. تشير الإحصائيات إلى أن ۲۹٫۴% من النساء الفلسطينيات تعرضن للعنف الزوجي، بينما ترتفع النسبة إلى ۳۷٫۵% في غزة.
في عام ۲۰۲۲، تعاملت وزارة التنمية الاجتماعية مع ۹۳۵ حالة عنف مبني على النوع الاجتماعي، حيث شكّل العنف النفسي ۳۳% من هذه الحالات، والعنف الجسدي ۳۲% .
تشير الدراسات إلى أن تعزيز القوانين الرادعة، وتوفير ملاذات آمنة للنساء، وزيادة التوعية بحقوق المرأة، هي من أهم سبل الخروج من هذه الدائرة المغلقة. وفقًا لتقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ۵۸% من النساء الفلسطينيات يعتقدن أن المجتمع يبرر العنف ضد المرأة في بعض الحالات.
الصمت ليس خيارا
اليوم، تبلغ العميقة ۳۴ عامًا، وأولادها كبروا، لكنها لا تزال تعيش المعاناة اليومية. “كنت جاهلة، وما كنت واعية. جيل زمان غير عن جيل اليوم.”
لكن هل يمكن أن يكون الغد مختلفًا؟ يبقى السؤال الأهم: متى ينتهي الصمت، ويبدأ التغيير الحقيقي؟
التقرير تم انتاجه ضمن مشروع احنا صحافة بدعم وتمويل برنامج اليونسكو الدولي لتنمية الاتصال( (IPDCوبتنفيذ من اذاعة نساء إف إم وحاضنة نساء الإعلامية.
نساءFM