اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
قالت الناشطة في مجال حقوق الإنسان، فيما يتعلق بجرائم الكيان الصهيوني: طالما لا يوجد رقابة على جرائم المعتدي ولا يتم تطبيق أي عقاب، فإن المجرم يشعر بأنه قادر على فعل أي شيء يريده.
وأكدت “داغر” أن صمود إيران سيحدد مستقبل البشرية في هذه المرحلة التاريخية علينا أن نعي أهمية دورنا كإعلاميين وناشطين حقوقيين وسياسيين وغيره في ممارسة جهاد التبيين لتوعية البشر على المؤامرة الكبرى التي ما زال العدد الأكبر من الناس غافلاً عنها. كما أن نعي بالتالي الأهمية القصوى لتصدي الجمهورية الإسلامية في إيران لما يحاك لها والإطاحة بامكاناتها وسيادتها واستقلال قرارها، على طريق التوجه فيما بعد.
و فيما يلي النص الكامل للحوار مع الناشطة الحقوقية الفرنسية:
-كيف يمكن فهم الدور الوظيفي للكيان الإسرائيلي في المنطقة ضمن سياق المخططات الاستعمارية القديمة والجديدة، وأين تقع المقاومة الإعلامية والحقوقية من مواجهة هذا المشروع؟
الكيان الإسرائيلي تم ذرعه في قلب منطقتنا العربية من طرف الصهيونية لدور وظيفي يلعبه وهو تجميع يهود أوروبا الذي جرى طردهم منها، وبذريعة عودتهم لأرض “إسرائيل” استنادا لتعاليم تلمودية. فيما الهدف الحقيقي هو عدم تمكين شعوب هذه البقعة الجغرافية، التي يوحدها الدين واللغة والتاريخ والثقافة، من سيادتها على ارضها واستغلال خيراتها وتشكيل قوة، قد تهدد نفوذ الامبراطوريات التي اعتاشت على اذكاء الصراعات وتذرير المجتمعات من خلال المكونات العرقية والطائفية وغيره والسيطرة عليه لخدمة مشاريعها. قوى خفية توارت خلف الدول الكبرى واستنزفتها، ثم ضربتها ببعضها مثلما حصل في أوروبا وبريطانيا التي سادت في أزمنة ماضية.
وهي اليوم ما تزال ماضية في مشاريعها عبر دول ظهرت بعد أفول قوى أخرى على الساحة الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي استطاعت ان تجني ثمار تدخلها في الحرب العالمية الثانية، وتبرز كقوة مهيمنة وكراعية للكيان الإسرائيلي، الذي مهدت له الطريق بريطانيا التي ساهمت بتمزيق الإمبراطورية العثمانية، وقسمت دولنا العربية مع فرنسا، ورسمت لها حدودا مصطنعة. فالتفتيت يساعد على احكام السيطرة.
أما الاعتداءات والاغتيلات وقتل المدنيين، فهي ليست سوى قطرة في بحر ممارسات إجرامية عديدة لاستنزاف طاقات البشر وافقار وتجويع وإمراض الاعداد الأكبر منهم. وذلك لبلوغ الهدف النهائي للعصابة التي تتحكم بالعالم من خلف ستار القوة العظمى، الولايات التحدة، ألا وهو التخفف من أكبر عدد ممكن من البشر. بما يسهل إدارة المليار المتبقي، عبر حكومة واحدة تسيطر عليهم بالاستناد للروبوتات والذكاء الاصطناعي الذي تستغله لتنفيذ غاياتها.
إذا كان هذا هو المخطط الموضوع للعالم الذي نعيش فيه، يبقى السؤال: هل هذا الهدف سيبلغ حكماً مآله، أم أن قوى مقاومة ستبرز لاجهاضه؟ من هنا علينا أن نعي أهمية دورنا كإعلاميين وناشطين حقوقيين وسياسيين وغيره في ممارسة جهاد التبيين. لتوعية البشر على المؤامرة الكبرى التي ما زال العدد الأكبر من الناس غافلاً عنها. كما أن نعي بالتالي الأهمية القصوى لتصدي الجمهورية الإسلامية في إيران لما يحاك لها والإطاحة بامكاناتها وسيادتها واستقلال قرارها، على طريق التوجه فيما بعد، إن نجحوا، للدول التي تشكل أحجار الشطرنج الأهم في لعبة الأمم.
-إلى أي مدى ساهمت سيطرة أصحاب النفوذ على وسائل الإعلام في تشكيل الوعي الجماهيري، وكيف يمكن مواجهة التعتيم الإعلامي في ظل المتغيرات الدولية الراهنة؟
للإعلام سلطة وبأس لا جدل عليها، وذلك منذ أن جرى الاستحواذ عليه من أصحاب المليارات والنفوذ وتوظيفه في خدمة اجنداتهم وتشكيل الرأي العام وتوجيهه. ولا يغيب عن بالنا أن هذا الاعلام بهذه الأساليب التي اتبعت قد فقد لحد كبير مصداقيته، كما نشهد في الكيان الصهيوني حالياً على سبيل المثال. مع بث السرديات المطعون بصحتها والتي تشكل آلية من آليات الحرب النفسية التي ترافق الحرب العسكرية ضد العدو. لقد عملوا على منع التصوير وتسريب الأخبار كي لا يتم فضح حقيقة واقعهم في الخارج، كما عدم احباط معنويات مجتمعهم في الداخل.
على ذات المنوال يجري تطويع هذا الاعلام في الغرب الذي ما زال تحت تأثير قوى الهيمنة، والذي يمضي في نهج التعمية على الأبصار. كي لا تكتشف الجموع الحقيقة، وتبقى مغيبة عما يجري، ومحيدة عن تشكيل قوى ضغط مضادة. وذلك للتأثير على مجرى الأمور والمطالبة بالمحاسبة، وبتطبيق القانون الذي هو أيضا تم الدوس عليه، لدرجة باتت المؤسسات الأممية التي أنيط بها مهمة تطبيقه دون سلطة فعلية.
نعيش حالياً في خضم مخاض عنيف يشهد انقلاب توازنات وحالة من عدم الاستقرار الفظيع، بانتظار تشكلات جديدة تعيد رسم الخارطة الدولية. لذا المشهدية تبدو غامضة لمن ليس لديه اطلاع واسع على حقيقة ما يجري على أرض الواقع، وما يرسم في الكواليس من القوى الفاعلة والمؤثرة. وما علينا سوى التنبه لكيفية التعاطي مع مجريات الأمور والتحصن بالوعي والمعرفة وبشبكة علاقات دولية إن أمكن، من أجل تسديد الخطى في معركة النهوض، ومواكبة الجبهات التي تواجه العدوان على حقوق الشعوب أي كان شكله، والمساهمة في نشر الوعي وخدمة الحقيقة.
-لماذا يستهدف العدو الصهيوني المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال، في حروبه، وما هي الأبعاد النفسية والاجتماعية لهذا الاستهداف على بنية المجتمعات المستهدفة؟
عندما يستنفذ العدو أهدافه العسكرية لا يبقى سوى المدنيين للتأثير عليهم، وضرب مناعة المجتمع المستهدف. أكان ذلك في إيران أو فلسطين أو أي مكان آخر. فالوسائل واحدة لإنزال الخسائر بالخصم، سواء منها الناعمة أو الخشنة. وطالما لا رقابة على جرائم المعتدي ولا محاسبة على ذلك، مع تعطيل وظائف المحاكم ورشوة القضاة وغيره من وسائل تأثير، فمرتكب الاعتداء أو الجريمة يشعر بأنه قادر على فعل ما يبتغي. خاصة عندما يجري تربيته وتطويعه على أنه شعب الله المختار، وباقي البشر أغيار، يحق له بالتالي أن ينزل بهم ما تشتهيه نفسيته المريضة.
فالشخصية الإسرائيلية المغترة بشعورها بالتفوق، عدوانية، كاذبة، استعلائية، وقحة، لا أخلاقية. لقد بان خلال العشرين شهرا للعدوان على غزة كيف تعامل الجندي الإسرائيلي مع أهل الأرض وكأنهم قاذورات. وبانت ساديته بأفظع أشكالها، مع الاعتداءات البغيضة والمتعددة الأشكال ضد الشرائح الأضعف، وهي النساء والأطفال خاصة. فاستهداف النساء هو غاية المنى لديهم، كونهن مربيات الأجيال وحاضنة العائلة، بحيث مع تشقق الحاضنة تصبح الصدمات أشد تأثيراً. ذلك إلى جانب أن المجتمع التقليدي يعنيه كثيرا المساس بالنساء وتوهين عزيمتهن والتأثير على سمعتهن.
أما الأطفال، فهم جيل المستقبل، وتعريضهم للصدمات والإعاقة أو القتل، ينشيء جيلاً مريضاً غير قادر على استلام مهمة بناء المجتمع من الأكبر سناً. ورغم أن حقوق الطفل والمرأة مصانة في الشرائع والمواثيق الدولية، إلا أن هذا العدو لا شيء يردعه عن ارتكاب الأفعال الحاطة بكرامة الإنسان، طالما لم يتم تفعيل هذه الآليات وإخضاعه لمقتضياتها.
-ما هي الأهداف الحقيقية من وراء استهداف الجمهورية الإسلامية في إيران، خصوصاً في ما يتعلق ببرنامجها النووي وموقعها في معادلة الصراع الإقليمي والدولي؟
لقد استعمل الكيان الصهيوني كل الأساليب العدائية ضد الشعب الإيراني، من زرع وتحريك الجواسيس، إلى الحرب النفسية والإعلامية، إلى العدوان الصريح على المنشآت الهامة بما فيها النووية، مروراً بالهجمات الالكترونية والسيبرانية وغيره، وصولاً لاستهداف القيادات العسكرية والسياسية واغتيال العلماء، وذلك لإسقاط النظام وإضعاف المجتمع وتأليبه على قياداته. فالمآل كان أن الحكم يجب أن ينتقل لقوة روحية يختارها، بدل القيادة الشيعية. بما ينهي ولاية الفقيه ويخدم النظام العالمي الذي يرسم المؤامرات ويتولى تنفيذها، وكأن العالم طوع بنانه.
لحسن حظه، فشل المخطط ولم يستطيعوا احتلال مبنى الإذاعة والتلفزيون رغم استهدافه، أو وضع اليد على وزارة الداخلية أو مجلس الشورى الإسلامي، كي يصار فيما بعد لتفكيك البرنامج النووي الإيراني، وتحويل إيران من محور ممانع إلى دولة تابعة لإسرائيل، إن قدّر لها أن تكون مهيمنة على الشرق الأوسط. وبحيث تصبح إيران دولة فاشلة مقسمة بين أقاليم وقوى محلية، كما فعلوا بسورية. والمخطط موضوع لإيران كما ظهر منذ ۲۰۰۱، وكشف عنه في ۲۰۰۹٫ وقد تكلم رمزي كلارك عن مخطط هزيمة ۷ دول خلال خمس سنوات، والمخطط مكتوب بالتفصيل.
منذ الخمسينات أعلنت إيران عن نيتها إطلاق برنامج الطاقة النووية للأغراض السلمية، وبدأت به تحت حكم الشاه في السبعينات من القرن الماضي، بعدما وقعت على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. هدف شاه إيران كان المكاسب الاقتصادية المجناة من ذلك إدراكاً منه لحتمية نفاد النفط والغاز. مع انفجار الثورة تعطل انجاز المفاعل الأول حيث امر الإمام الخميني بتجميد المشروع، باعتبار أن الأسلحة النووية محظورة بموجب الأخلاق والفقه الإسلامي. إلى أن أعيد تنشيطه أواخر الثمانينات. للتذكير، إن تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية هو حق مكفول للدول. وإيران لا حاجة لها به كسلاح، فقوتها العسكرية مؤمّنة من الدفاعات الجوية والصواريخ البالستية التي تصد أي عدوان عليها.
في الحقيقة وكما نفهم، الهدف الحقيقي لكل هذه الضوضاء حول برنامج إيران النووي، هو ليس إيقاف تجارب نووية أو تخصيب يورانيوم، وإنما إسقاط نموذج متفرد في الصمود والتحدي، يقف سدا أمام فرض الهيمنة والتطبيع وتصفية القضية الفلسطينية. لذا، الجمهورية الإسلامية في إيران أمام لحظة تاريخية لا تقبل التردد، لأنها معركة وجود وعدالة بوجه الظلم، وكرامة بوجه الإذلال. هي لحظة اختبار حضاري، وفرصة لكتابة التاريخ بالموقف والوحدة والتمسك بالحق، والمستقبل يصنع الآن.
إن ما يجري منذ أسبوع ونيف من مواجهات مع العدو الصهيوني والحامي الأمريكي قد غير مجرى الصراع مع الكيان إلى الأبد. إنه واجب شرعي وتكليف إلهي. وإيران اتهمت بالإرهاب لأنها رفضت ترك المظلومين في فلسطين وغيرها لمصيرهم، ولأنها تؤمن بنهضة الشعوب، لا بالتعالي القومي العنصري.
إن تضامننا كعرب ومسلمين وأحرار من كافة أرجاء العالم، مع الجمهورية الإسلامية في إيران في منازلتها اليوم مع العدو الصهيوني، هو تضامن مع أنفسنا. وأن تخرج رابحة هو انتصار لنا جميعاً في هذه البقعةمن الأرض. فلنهب لنصرتها بما أوتينا من إمكانيات، كل على قدر مستطاعه، ولو بالكلمة التي هي سلاح جبار في هذه المعركة الفاصلة. لنقم بالمهمة التي وجدنا من أجل تحقيقها على هذه الأرض، ونمد أيادينا لبعضنا لخلق عالم جديد يقوم على المساواة والعدل، بدل البغضاء والتحارب. صمود إيران، أو سقوطها معاذ الله، يحدد مستقبل البشرية في هذه الحقبة من التاريخ. حقبة تشهد مخاضاً عسيراً وتحولات كبرى لا بد أن تفضي لمستقبل واعد، بجهود كل من عمل لخير البشرية ولصالح شعوب الأرض.
منظمة هابيليان لعوائل شهداء الإرهاب في إيران