في الخطوط الأماميّة: منظمات بقيادة نسائية في صدارة الاستجابة للأزمة في لبنان، على الرغم من التحديات الكبيرة

زاد احتدام الصراع من وطأة الأزمة الإنسانية التي تفاقَمت في الآونة الأخيرة في لبنان، وألحقَت خسائر فادحة طالت حياة الناس. وتقدّر السلطات الصحيّة اللبنانية أنه ومنذ تصاعد الاعتداءات في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر قُتل 4047 شخصاً في لبنان، كما أُصيب 16638 شخص آخرون بجروح، ومن بينهم 790 سيدة و316 طفلاً. ونزح 899725 شخص، 51% منهم نساء وفتيات أصبحن يعانين بشكل أكبر من تزايد أوجه الضعف المرتبطة بالنوع الاجتماعي، سواء تلك التي كانت قائمة قبل النزاع أو التي ظهرت إثره.

وفي الخطوط الأمامية للاستجابة للأزمات، تقوم منظمات بقيادة نسائية بتقديم مساعدات إنسانيّة حيويّة ومُنقذة للحياة للسكان المتضررين، ولمن يحتاجها من النساء والفتيات. تتمتع هذه المنظمات في لبنان بمكانة فريدة تُمكنها من تلبية الاحتياجات الملحّة للمجتمعات المحليّة. حيث تُمكّنها علاقاتها الوثيقة وفهمها لديناميات المجتمع من الاستجابة بفعالية لمخاوف أولئك/اللواتي يتلقّين الخدمات. بصفتها جهات فاعلة موثوقة وذات خبرة في الجهود الإنسانية والإنمائية وجهود السلام، تتمتع المنظمات التي تقودها النساء بالخبرة اللازمة للتنقل عبر المشهد الاجتماعي والسياسي المُعقّد في لبنان، وتحديد الحلول العمليّة، وتقديم استجابات فعّالة للأزمات في مجتمعاتها.

تاريخياً، لعبت هذه المنظمات دوراً حاسماً في الاستجابة الإنسانية في لبنان. خلال تفشي وباء كوفيد-۱۹، كانت في الطليعة، وقدّمت الخدمات لضمان الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية للمرأة، وساعدت الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي. إلى ذلك، فقد استجابت المنظمات التي تقودها النساء بشكل فعّال لاحتياجات النزوح المتزايدة نتيجة للأزمة في سوريا، حيث قدّمت خدمات الحماية في المخيمات وأقامت مساحات للأنشطة والخدمات التي تستهدف النساء على نحو خاص. وعلى الرغم من الدور الحاسم الذي تضطلع به هذه المنظمات، فإنها كثيراً ما تواجه نقصاً هائلاً في الموارد والقليل من التقدير. تستحق هذه المُنظمات أن تلقى الدعم على نحو أكبر، وأن يسلط الضوء عليها أكثر، وأن يرفع صوتها عالياً، سواءً على المستوى الوطني أو الدولي.

في تشرين الأول/أكتوبر ۲۰۲۴، أجرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة تقييماً سريعاً من أجل فهم أفضل لمشاركة المُنظمات التي تقودها النساء حيال الاستجابة الإنسانيّة في لبنان، ضمن سياق النزاع الحالي، وتحديد دورها والتحدّيات التي تواجهها. ومن خلال استبيان عبر الإنترنت أجري في الفترة الممتدة من ۱۶ إلى ۲۸ تشرين الأول/أكتوبر مع ۵۰ منظمة من المنظمات التي تقودها النساء، أفادت ۴۷ منظمة منها بأنها شاركت في الاستجابة الإنسانية، مما يُسلّط الضوء على المساهمات الحاسمة لهذه المنظمات، على الرغم من افتقارها للموارد.

تلعب منظمات حقوق المرأة والمنظمات التي تقودها النساء في لبنان دوراً بارزاً في الجهود الإنسانية، حيث تتميز بتركيزها على تلبية الاحتياجات العاجلة، الى جانب الدعم المجتمعي الطويل الأمد، بالإضافة الى التزامها بخدمة الفئات الأكثر تضرّراً وتهميشاً، ومن ضمن هذه الجهود:

·       تقديم المساعدة الحيويّة المُنقذة للحياة: ويشمل ذلك توفير الخدمات المتعلقة بالحماية (۷۰%)؛ ومواد الإغاثة الأساسية، مثل البطانيات (۴۵%)؛ والمساعدات الغذائية (۴۰%)؛ والتعليم في حالات الطوارئ (۴۰%).

·       الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً: يشمل ذلك مساعدة اللاجئين/ات (۶۰%)، والعاملين/ات في المنازل الوافدين/ات (۳۶%)، والشابات (۶۴%)، والمُسنّات (۴۵%)، والأشخاص ذوي الإعاقة (۴۰%).

·       دعم مراكز الإيواء: هذه المنظمات هي أيضاً في طليعة المنظمات التي تعمل على توفير المأوى من خلال تأمين أماكن إقامة جماعية (۸۵%) وأماكن إقامة مستأجرة أو مراكز ضيافة (۶۲%).

وعلى الرغم من دورها الحاسم، إلا أن المنظمات التي تقودها النساء تواجه تحديات كبيرة، حيث أن:

·       تمويل الأنشطة الإنسانية لا يصل الى منظمات حقوق المرأة والمنظمات التي تقودها النساء. فوفقاً للاستبيان، ۸% فقط من تمويل الاستجابة الإنسانية يذهب إلى المنظمات التي تقودها النساء. إن عدم كفاية التمويل هذا يَحدّ من قدرة هذه المنظمات على تقديم الإغاثة الطارئة والمساعدات المنقذة للحياة. في الوقت الراهن، ۴۷% من المنظمات التي تقودها النساء، والتي شملها الاستبيان، تقدم خدماتها لأقل من ألف شخص.

·       المشاركة في هياكل تنسيق الأعمال الإنسانية غالباً ما تقتصر على قطاعات ومجموعات عمل محددة، تلك المعنية بالعنف القائم على النوع الاجتماعي والحماية مثلاً، وهذا ما يحد من أثر وقدرة بعض المنظمات التي تقودها النساء كي تكون جزءاً من عملية صنع القرار والاستجابة الشاملة، ويُعرّضها بالتالي لخطر التهميش.

·       مسألة سلامة وأمن الموظفين/ات تؤثّر على ۸۸% من المنظمات التي تقودها النساء، مما يحدّ بشكل كبير من قدرتها على الوصول بأمان إلى السكان المتضررين.

تلفت هيئة الأمم المتحدة للمرأة الانتباه إلى ضرورة المشاركة الكاملة للمنظمات التي تقودها النساء في تخطيط وتنفيذ ورصد وتقييم جميع الخدمات الإنسانيّة، من أجل ضمان التزام جهود الاستجابة بالمبادئ والمعايير الإنسانية الأساسية، أثناء الصراع وبعده، وتلبيتها لاحتياجات النساء والفتيات الأكثر ضعفاً ضمن فئة السكان المتضرّرين من الأزمة.