لقاء مع صديقة فلسطينية نازحة في قطر

كنت مشغولاً بمشاهدة الجمال المذهل من حولي عندما هز قلبي صوت رامية المألوف.. جاءت اللحظة الموعودة واحتضنا وقبلنا مملوء بشغف لا يوصف ودفء دموع ذوق داعبت خدودنا!

احاط الجو الملعب بمشاعر التعاطف مع أمة مضطهدة، والتي حولت مقاومتها التي استمرت مائة يوم ضد العدوان الغاصب النظام الصهيوني إلى رمز للصبر والرضا في عيون العالم.

إنطلق أکثر الناس من بلدان مختلفة ومن جنسيات مختلفة لمشاهدة هذه اللعبة قد ألقوا العلم الفلسطيني على أكتافهم وأظهروا عاطفة غريبة وإثارة مع رموز الدعم لشعب غزة المضطهد و القوي.

كنت منشغلاً بمشاهدة الجمال المذهل من حولي عندما هز قلبي صوت رامية المألوف.. جاءت اللحظة الموعودة واحتضنا وقبلنا بعضنا البعض بشغف لا يوصف ودفء دموع ذوق داعبت خدودنا!

أصوات أخرى مألوفة أعطتني شغفًا جديدًا ولاحظت وجود ابتسام وريما وهما يحملان أختهما الصغيرة شيرين بين ذراعيهما واحتضنتهما بحرارة وحميم. كانت فتيات رامية الجميلات والنشيطات يتمتعن بنفس سحر صورهن في الفضاء الافتراضي، والآن أصبح شعورنا بالصداقة أكثر معهم!

دخلنا الملعب ونظرا لازدحام الجماهير وجدنا أخيرا منصة فارغة للجلوس بجانب بعضنا البعض وكنا مستعدين لدخول اللاعبين وسط أصوات الطبول والشعارات الممتعة للجماهير الإيرانية الداعمة لشعب غزة. وبينما كانت تمسك شيرين وخدودها المزخرفة بالعلم الفلسطيني، كانت رامية تردد الذكر تحت أنفاسها. ابتسام وريما اللتان لوحتا بعلم بلادهما بفخر حاولتا ترديد شعارات الجماهير الإيرانية بلهجتهما العربية!

وقبل بداية المباراة، وقف لاعبو الفريقين دقيقة صمت احتراما على شهداء غزة، ومع عزف النشید  الوطني لكلا البلدين، عبرت كافة الجماهير بصوت عالٍ عن مشاعر التعاطف. نظرت إلى وجوه رامية والفتيات المفعمة بالأمل وارتسمت البسمة على شفتي!

وبعد دقائق قليلة من المباراة، أضاف الهدف الأول للإيرانيين حماسة جديدة للمرمى الفلسطيني، وبدأت الجماهير الفلسطينية تهتف وكما لو لم یکن إحدى مباريات دورة الألعاب الآسيوية، المباراة الأكثر ودية هي التي تشاهد في أكثر المباريات حساسية، و بعد كل هدف للإيرانيين، عزف المسؤولون القطريون مقطوعة من أغنية سالار عقیلي في وصف إيران. كما أبدت شيرين سعادتها بأجواء الملعب وعبّرت عن مشاعرها عدة مرات!

عندما سجل الهدف الأول للاعب الفلسطيني في مرمینا، مع العديد من الجماهير، تعالت صيحات الفرح وشعاراتنا التشجيعية جعلت أجواء الملعب أكثر حميمية. هتفت رامية والفتيات بسعادة وقرأن قصائد باللغة الفلسطينية تحت عنوان المقاومة والصبر، وغيّر أمطار الدموع السعيدة الممزوجة بحزن وألم مواطنيهن المتسامحين والمتسامحين مزاجنا!

وأصبح وقت الراحة بين الشوطين فرصة للحديث الودي حول الوضع الحالي لأهل غزة وفلسطين والأحداث الأخيرة و تحدثنا مع من كان زوجها مراسلاً من جنوب لبنان وكان مطلعاً على وضع الحرب في المنطقة وتحدثنا عن برامج الداعمة الخاصة بهم في المجموعة النسائية الدولية، حيث كانت رامية والفتيات أعضاء فاعلين في جمع الأخبار ذات الصلة ونشرها على المستوى العالمي، ونظرتهم المفعمة بالأمل لمستقبل هذه الحرب غير المتكافئة هدأ قلبي وقلوبهم.

استمر الشوط الثاني من المباراة بمزيد من الإثارة وعندما رأيت حماسة الفتيات والنساء الأحرار من الجنسيات الأخرى اللاتي يهتفن دعماً لفلسطين، كان الأمل في ظهور حكومة عالمية مليئة بالعدالة والسلام تحت راية فلسطين. الإسلام الذي يعد المهدوي بالسلام للعالم، موجود في ذهني، استحضار ودون وعي صرخت، اللهم عجل يا لوليك الفرج، وصوت آمين العالي لرمية والفتيات رسم ابتسامة جميلة على شفاهنا !

بعد المباراة، شعارات الموت لإسرائيل ورفع الجماهير الإيرانية والجنسيات الأخرى العلم الفلسطيني، دعتنا جميعاً إلى مضاعفة السعادة، وعلمت أن انعكاس مثل هذه المشاهد المثيرة والمذهلة على المستوى الدولي سيجذب الكثير من العيون الإنسانية. وبانتظام مع توجيهات ريما وابتسام، كنت أحاول تسجيل صور وفيديوهات من مشاهد مختلفة لوجود فئات مختلفة من الناس في دعم ودي لشعب فلسطين المظلوم، من أجل تخليد ذكرياتنا المشتركة!

بعد تناول الطعام الفلسطيني في مطعم الفندق الذي حجزوه، تحدثنا مرة أخرى عن الذكريات والأحداث المثيرة للاهتمام هذه الأيام في إيران ولبنان لدعم الشعب الفلسطيني، وكتبنا أفكارًا جيدة حول وخططنا الجديدة لتضامن الدولية أكبر. تعاون المجتمع النسائي ومن خلال ملاحقتهن في بلداننا جعلنا العالم أكثر دراية بموقف شعب فلسطين وغزة ولزيادة الغضب والاشمئزاز من اعتداءات إسرائيل الهمجية في قلوب أحرار العالم !

ورغم أمنياتنا، فقد اقترب موعد ذهابهما إلى المطار للعودة إلى لبنان، وغلي في داخلي شعور غريب، ولم أستطع احتواء غضبي إلا بحضن كل منهما، كنت أفرغ غضبي فيهما. مطر من الدموع ومصافحتهم بصدق. وقبّل شيرين التي ارتمت في أحضان أمه الدافئة من الإرهاق، وتمنى لهم النصر والنجاح والأيام التي سيعودون فيها إلى وطنهم الأم بعد تدمير إسرائيل وإعادة بناء الآثار مع مواطنيهم الغيورين، وسألتهم. لهم قريبا دعونا نلتقي في بلدنا الحبيب إيران.

كان الوداع صعبًا وجميلًا، وتخيل أحداث اليوم الجميلة في قلبي، بسبب هذا الشعور بالامتنان من المشجعين الإيرانيين في دعم الشعب الفلسطيني، كنت أفتخر أكثر من أي وقت مضى بكوني إيرانيًا ومسلمًا!