لمياء من غزة: مريضة سرطان تكافح من أجل الحياة وسط الحرب والقصف

في شهر أكتوبر الذي يرمز عالميًا للتوعية بسرطان الثدي، تروي لمياء عمر نواجحة، مريضة سرطان الثدي من غزة، خلال لقاء مؤثر مع إذاعة نساء إف إم، قصتها التي تعكس معاناة آلاف النساء في القطاع اللواتي يخضن صراعًا يوميًا مع المرض في ظل الحرب والحصار.

كان من المفترض أن يكون هذا اللقاء احتفاءً بشفائها، إلا أن استمرار العدوان الإسرائيلي وتدمير المستشفيات وانقطاع الدواء حوّل رحلة علاج لمريضة سرطان إلى معركة بقاءٍ قاسية مع الألم والخوف من الموت.

تقول لمياء بصوتٍ متعب: “كنت قبل الحرب أتنقل بصعوبة لتلقي العلاج، أما اليوم فلا دواء ولا مستشفى يستقبلني، حتى الفحوصات والتحاليل أصبحت حلمًا بعيدًا.”

وتضيف بأسى أنها كانت تزن ۷۳ كيلوغرامًا قبل الحرب، واليوم لم يتبقَّ من جسدها سوى خمسين كيلوغرامًا، بعد أن تدهورت حالتها الصحية وتفاقم المرض وسط ظروف معيشية قاسية.

لم تعد معاناتها مقتصرة على غياب العلاج، بل امتدت إلى تفاصيل الحياة اليومية. في مأوى متهالك بلا سقف يحميها من البرد، تفرش لمياء الأرض ببطانيتين فقط، وتتنفس هواءً ملوثًا بدخان البلاستيك المحترق من محطة قريبة، حتى سوّدت يداها ووجهها آثار السخام. تقول إنها ترتدي كمامة طوال الوقت فقط لتستطيع التنفس.

ومأساة لمياء لا تقف عندها وحدها؛ فابنتها المصابة بمتلازمة داون تعيش معها ذات المعاناة، بلا علاج ولا رعاية، تضطران لقطع مسافات طويلة للوصول إلى حمام مشترك أو للحصول على القليل من الماء أو المساعدة، بينما انقطع الاتصال بالعالم الخارجي لعدم امتلاكهما هاتفًا أو وسيلة تواصل.

تصف لمياء ما يحدث بأنه “حكم بالموت البطيء”، إذ بدأت رحلة علاجها قبل الحرب لكنها فقدت جرعاتها المتتابعة بسبب انقطاع الأدوية وصعوبة التنقل، واليوم لا تجد ما يوقف تقدم المرض سوى الصبر والانتظار.


معاناة المرضى في الحرب

قصة لمياء نواجحة، التي نقلتها نساء إف إم، ليست إلا مرآة لمعاناة آلاف المريضات في غزة اللواتي حُرمن من حق الكشف المبكر والعلاج الكيماوي والإشعاعي والمتابعة الطبية، فتحولن من حالات قابلة للشفاء إلى حالات ميؤوس منها.

وبينما يضيء العالم باللون الوردي في أكتوبر، تغرق نساء غزة في لون الحرب والحرمان، ويفقدن حتى أبسط حقوقهن في استكمال رحلة علاج بدأتها الشجاعة وانتهى بها الحصار.

وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن النساء في القطاع يواجهن حرمانًا متواصلًا للعام الثاني على التوالي من بروتوكولات وبرامج الفحص المبكر لسرطان الثدي، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر وما خلّفه من تدمير لمراكز الرعاية الأولية وأقسام الفحص والتصوير التشخيصي.

وأوضحت الوزارة أن النساء اللواتي تم تشخيص إصابتهن بالمرض قبيل وخلال الحرب لا تتوفر لهن أدنى مقومات العلاج التخصصي أو المتابعة الطبية، مشيرة إلى أن أدوية السرطان من أكثر الخدمات تضررًا جراء النقص الحاد في الأدوية والمستهلكات الطبية، ولا سيما الخاصة بسرطان الثدي.

وأضاف البيان أن تدني مستويات التغذية السليمة والمتكاملة ترك آثارًا صحية كارثية على المصابات، في ظل افتقار المنظومة الصحية لمقومات الوقاية والسيطرة وطرق الكشف المبكر، الأمر الذي يتعارض مع التوجهات الصحية الدولية.

كما شددت الوزارة على أن عدداً من المريضات بحاجة ماسة للعلاج الإشعاعي غير المتوفر في قطاع غزة، فيما يُحرمن من السفر إلى الخارج لتلقيه بسبب إغلاق المعابر ومنع الأدوية وتدمير مراكز العلاج التخصصي، إلى جانب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

واختتمت الوزارة بالتحذير من أن هذه الظروف تفاقم خطورة الوضع الصحي لعديد الحالات، داعية المجتمع الدولي والجهات الإنسانية إلى التدخل العاجل لتوفير العلاج والدواء للنساء المصابات.

نساء‌FM