اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة – قالت ليلى بكر “إن ۲٫۲ مليون شخص، من بينهم ۵۰ ألف امرأة حامل منهن ۵۵۰۰ على وشك الولادة، محاصرون في قطاع غزة منذ شهر”.
وأعربت عن القلق “لاستهداف المستشفيات والكوادر الطبية” وقالت إن تلك الأعمال تزيد من وضع النساء الحوامل سوءا. وأكدت أن فريق صندوق الأمم المتحدة للسكان على الأرض، يبذل أقصى ما بوسعه لدعم السيدات الحوامل بمساعدات وإنْ كانت بسيطة إلا أنها يمكن أن “تشكل فارقا بين الحياة والموت”.
ونبهت المسؤولة الأممية كذلك إلى الوضع الذي تعيشه الفتيات في ظل الافتقار إلى الخصوصية في الملاجئ المكتظة بالنازحين.
وأكدت بكر أن “الأهم الآن هو وقف إطلاق النار، والسماح ليس فقط بإدخال المساعدات، بل وإعادة بناء غزة، ومساعدة أهالي القطاع على البقاء في بيوتهم في أمان ودون أي خوف”.
وأشارت إلى أن الصندوق والمنظمات الإنسانية الأخرى التي تحاول المساعدة “في هذه اللحظة الصعبة للغاية”، لا يمكن أن تكون بديلا للحكومة أو الجهات التي تعمل في القطاع الصحي أو الأهلي، أو قطاع الحماية.
فيما يلي نص الحوار الذي أجريناه مع المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان في منطقة الدول العربية، ليلى بكر.
ليلى بكر: لا وصف ولا مثيل للوضع على الأرض حاليا في غزة. الكارثة التي ارتكبتها الدول خلال الأسابيع الأربعة الماضية بالسماح بحصار ۲٫۲ مليون فلسطيني داخل غزة أدت إلى كوارث عديدة.
نحن، في صندوق الأمم المتحدة للسكان، قلقون جدا على حالة السكان وبالتحديد النساء، والنساء الحوامل. هل تعلم أنه الآن يوجد ۵۰ ألف امرأة حامل، منهم ۵۵۰۰ امرأة على وشك الولادة خلال الأسابيع القادمة.
وفي ظل الأوضاع السيئة والحزينة في غزة حاليا، هناك أخبار عن تدمير النظام الصحي وعدم وجود أطباء. استهداف الأطباء والكادر الطبي والمستشفيات بشكل مباشر أدى إلى انهيار هذا النظام.
وبالنسبة لامرأة حامل، من المفترض أن تكون المستشفيات من أكثر الأماكن أمنا على وجه الأرض. هل يمكن تخيل وضع امرأة حامل في تلك الظروف؟ حياتها مهددة تحت الضربات المتواصلة والمباشرة. وعندما تصل إلى المستشفى يمكن ألا يكون هناك طبيب. أو يوضع الطبيب أو الطبيبة في موقف صعب بإجراء عملية جراحية دون أي نوع من التخدير لإنقاذ هذه السيدة وطفلها.
لا يمكن أن أتخيل كامرأة أن أكون محل هذه المرأة. كيف يمكن لها أن تتخيل البقاء على قيد الحياة؟ وإذا كان لديها أطفال، ما الذي سيحدث لهم؟ وفي بعض الأحيان، يمكن أن يضطر الطبيب لإنقاذ الأم ويضحي بالطفل، أو العكس.
هناك أطفال يصلون للمستشفيات دون أهل. ما هو مصير أولئك الأطفال في ظل هذا الوضع؟ ولهذا نطلب من كل إنسان وكل دولة عندها ضمير إنساني، أن يطلبوا وقف إطلاق النار، وإتاحة المجال للأمم المتحدة للاستمرار في إيصال كل المستلزمات الإنسانية.
ليلى بكر: أنا سعيدة لأنه كان هناك تحرك من رؤساء وكالات الأمم المتحدة، هذا يؤكد على أهمية الموضوع وأهمية الالتزام بالقانون الدولي الإنساني لتوصيل المساعدات والاهتمام بأكثر من ۲٫۲ مليون شخص محاصرين خلال الأسابيع الأربعة الماضية. وهو ليس فقط نوع من الضغط فحسب، بل وأيضا المناشدة والمطالبة بحق ۲٫۲ مليون نسمة ليس فقط في أن يعيشوا، بل وأن يعيشوا بكرامة وأمان.
نأمل أن يكون الرد على هذا المستوى من الأهمية والالتزام لإنقاذ الناس الموجودين في غزة.
© UNICEF/Eyad El Baba
أسر فلسطينية تلتمس الأمان في إحدى مدارس الأونروا في ظل اكتظاظ منشآت الأمم المتحدة التي تؤوي النازحين.
ليلى بكر: نشكر دولة مصر على انفتاحها ومساعدتها ومساندتها لهذا الموقف. لولا مصر، ما كان هناك أي باب أمل أو مدخل لإيصال المساعدات.
ولكن مستوى الكارثة وعدد الناس الذين يحتاجون للمساعدات فاق إمكانية أي دولة وحتى الأمم المتحدة. ولو كانت هناك إمكانية للوصول لكافة الموارد لإنقاذ حياة ۲٫۲ مليون شخص، لا يمكن أن نكون بديلا – حتى وفقا للقانون الدولي الإنساني – لأي حكومة أو أي جهة وخصوصا تلك التي تعمل في القطاع الصحي أو القطاع الأهلي أو قطاع الحماية. نحن لسنا بديلا. نحن نحاول المساعدة في لحظة صعبة جدا، وتقديم ما يحتاجه الناس من الحد الأدنى من المساعدات بما فيها المياه والكهرباء والوقود والأدوية والغذاء.
ولكن الأهم الآن هو وقف إطلاق النار، والسماح ليس فقط بإدخال تلك المساعدات، بل وإعادة بناء غزة، ومساعدة أهالي غزة على البقاء في بيوتهم في أمان ودون أي خوف.
ليلى بكر: نبذل قصارى جهدنا. ودعني أحيي كل العاملين في قطاع الصحة ومن بقي في غزة، الذين صمدوا ويحاولون مساعدة الناس التي تصل إلى المستشفيات بمن فيهم النساء الحوامل.
عدم وقف إطلاق النار صعّب إيصال المساعدات التي تدخل، وخاصة شمال القطاع. ونحن نحاول الوصول إلى النساء أينما كنّ، بحقائب بها مواد بسيطة يمكن أن تسهل عملية الولادة الطبيعية، فيها مفرش بلاستيكي، ومقص لقص الحبل السري، وقطعة صابون. هي مواد بسيطة وبدائية ولكن يمكن أن تشكل فارقا بين الحياة والموت.
وفي حال توافر هاتف لهؤلاء النساء، لدينا أطباء وممرضات يمكنهم الاتصال بهن لتقديم إرشادات بشأن عملية الولادة.
ولكن إذا احتاجت هذه المرأة طبيبا أو جراحا أو دما، فلا يمكن أن أتخيل كيف سيكون الوضع إذا كنتُ محلها، أو موقف الطبيب في ظل الضغط الحالي والأعداد الهائلة من الجرحى والذين يلجأون للمستشفيات. وحتى هذه الحماية غير مضمونة، لاسيما أن أكثر من ۱۳۰ موقعا طبيا وصحيا تم استهدافه بشكل مباشر.
يهتم صندوق الأمم المتحدة كذلك بالفتيات. هؤلاء الفتيات يحتجن في هذه المرحلة نوعا من الخصوصية لاسيما التعامل مع التغيرات الجسدية التي تحدث لهن. ولكن تخيل أن المدارس التي صارت ملاجئ والتي تبلغ طاقتها الاستيعابية ۴۰۰ شخص فقط كحد أقصى، يوجد في بعضها حاليا ۱۲ ألف نسمة، وهو ما يعني إمكانية أن يكون هناك حمام واحد لألف نسمة.
لا أستطيع أن أتخيل كيف تتعامل بنت عمرها ۱۲ أو ۱۴ سنة مع هذا الوضع. وفي بعض الأحيان لأنه لا توجد مياه أو حمامات أو مستلزمات لهؤلاء الفتيات، بدأ الأهالي – حسبما سمعنا – يعطون نوعا من الحبوب لبناتهم لوقف العادة الشهرية.
هذا الانقطاع عن شيء طبيعي في جسد الفتاة يمكن أن يعطل حياتها الطبيعية. ويمكن أن يؤدي إلى تأثيرات نفسية أبدية على هذه الطفلة.
ولذلك عندما نتحدث عن وصول الموارد والمستلزمات الإنسانية، فهذا لا يتعلق فقط بالجانب المادي، فهناك كرامة الإنسان التي يجب أن نحافظ عليها. ولنحافظ على هذه الكرامة، يجب على المسؤولين، الضغط من أجل وقف إطلاق النار، والسماح للناس بأن تعود لبيوتها، كي تستطيع هذه الطفلة أن تعيش مع أهلها في بيتها حيث يوجد ماء ومدرسة وصحة لها لتحافظ على نفسها وتكبر في سلام.
المصدر : الأمم المتحدة