“ملهمات الوطن” يناقش دور المرأة الفلسطينية في حماية التراث البيئي

ناقشت الحلقة الرابعة والثلاثين من برنامج "ملهمات الوطن"، الذي يُبث عبر إذاعة "نساء إف إم" ضمن برنامج "قريب"، بتمويل من الوكالة الفرنسية للتنمية الإعلامية (CFI) دور المرأة الفلسطينية في حماية التراث البيئي.

واستضافت الحلقة كلًا من الدكتورة سارة الشماس، الكاتبة والباحثة في التراث والعلوم التربوية، والسيد فياض فياض، مدير مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني وباحث في التراث، حيث قدّما رؤى معمّقة حول أهمية صون التراث البيئي، في ظل التحديات البيئية والاجتماعية المتسارعة.

نساء فلسطين… حافظات للمعرفة البيئية

أكدت الدكتورة الشماس أن النساء الفلسطينيات، لا سيما في المناطق الريفية، يشكّلن خزّانًا حيًا للمعرفة البيئية المتوارثة. فقد نقلن عبر الأجيال استخدامات الأعشاب الطبية، وطرق الزراعة المستدامة، والتقاليد المرتبطة بالمواسم الزراعية. واعتبرت أن هذا النوع من المعرفة غير الرسمية يشكّل ركيزة في بناء الوعي البيئي لدى الأجيال.

توثيق مهدد بالاندثار

بدوره، دعا السيد فياض فياض إلى ضرورة صياغة خطة وطنية شاملة لحماية التراث البيئي الفلسطيني، مشددًا على أن النساء يمثلن عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على هذا الإرث. وأشار إلى أن العديد من المعارف المتعلقة بالأعشاب الطبية وممارسات الزراعة التقليدية مهددة بالضياع في حال لم يتم توثيقها وتبنيها ضمن أطر علمية ومؤسساتية.

دور المرأة كناقل للتراث ومقاومته الثقافية

وأشارت الشماس إلى أن المرأة الفلسطينية لا تحتفظ بالمعرفة فقط، بل تنقلها بشكل يومي إلى بناتها وحفيداتها، وهو ما يشكّل شكلًا من أشكال المقاومة الثقافية في وجه محاولات طمس الهوية. ووصفت هذا الدور بأنه “مقدّس” ويُعد أحد وجوه الصمود في السياق الفلسطيني.

واتفق الضيفان على أن حماية التراث البيئي ليست مجرد مسؤولية ثقافية، بل فعل مقاومة ناعمة. فالمرأة التي تنقل أسرار النباتات الطبية وطقوس الزراعة والطبخ التقليدي، تزرع في أبنائها وبناتها وعيًا هوياتيًا وبيئيًا يعزز ارتباطهم بالأرض ويقوي قدرتهم على الصمود.

تحدث السيد فياض عن الارتباط الوثيق بين المرأة الفلسطينية وشجرة الزيتون، التي ترمز للصمود والثبات. وأشار إلى أن النساء يشاركن بفعالية في العناية بأشجار الزيتون وقطافها، ما يعكس دورهن الحيوي في الحفاظ على هذا الرمز الزراعي والثقافي الممتد في الوجدان الفلسطيني.

دعوة إلى التوثيق والعمل المشترك

اختتم الضيفان الحلقة بالتأكيد على ضرورة تكثيف الجهود بين المؤسسات الثقافية والبيئية والمجتمع المحلي، لضمان حماية التراث البيئي من الاندثار أو التزوير. كما شددا على أهمية إشراك النساء بشكل فعلي في مشاريع التوثيق والزراعة المستدامة.

يأتي هذا اللقاء ضمن جهود برنامج “ملهمات الوطن” لتسليط الضوء على النماذج النسوية الفاعلة، وإبراز أدوار النساء في حماية الهوية الفلسطينية، من خلال الحفاظ على المعرفة البيئية المتوارثة والمرتبطة بجذور الأرض.

نساء FM