اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
صباح یوم الأربعاء ، خرجت الأم من خيمتها قبل أن تضع لقمة في فمها، تحمل أوراقًا نقدية لم تعد تصلح لشراء شيء، تبحث في السوق عن أي طعام يسد رمق بناتها. لم تجد سوى الأبواب المغلقة والوجوه المنهكة، وعادت لخيمتها مكسورة الخاطر، خالية اليدين، منهكة الجسد. فقدت وعيها ثلاث مرات في الطريق، لا دواء لضغطها، ولا علاج لأعصابها، ولا حتى ماء بارد يخفف وطأة التعب.
في غزة، لا يُشترى الطعام بالمال فقط، بل بالمجازفة. من يذهب للحصول على مساعدات لا يعلم إن كان سيعود حاملًا كيسًا من الطحين، أو محمولًا على الأكتاف. وأم البنات، التي لم تعد تملك حتى ورقة نقدية صالحة، لا تملك خيار المجازفة، ولا تملك رفاهية الانهيار.
بناتها الصغيرات ينظرن إليها كجدار أخير لا يجب أن يسقط. وهي، رغم كل شيء، تحاول أن تبقى واقفة. لا أحد يسأل عن الأمهات اللواتي يُصبن بالإغماء في الطرقات، ولا عن اللواتي يخفين دموعهن كي لا ينهار البيت من الداخل. أم البنات واحدة من آلاف النساء اللواتي يحملن غزة على أكتافهن، بصمت، وبلا ضجيج.
في زمن الحرب، لا تُكتب البطولات كلها في ساحات القتال. بعضها يُكتب في خيمة، على وجه أم، وفي عيون بنات ينتظرن وجبة، وحضنًا، وأملًا لا يأتي.
نساء FM