اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
تقول أميرة الشيخ عبود (۳۳ عاماً)، وهي نازحة من قرية معيشورين جنوب إدلب وتقيم في مخيمات الدانا، إنها تبلل خيمتها ببعض المياه للتخفيف من درجة الحرارة التي فاقت الـ ۴۰ درجة أخيراً، مشيرة إلى أنها حالها حال الآخرين اعتادت التعامل مع تقلبات الطقس. تضيف في حديثها لـ “العربي الجديد”: “في ظل انعدام وسائل التبريد، عادة ما نستخدم المياه لرش الخيمة وتحميم الأطفال باستمرار. نبحث عن الحلول الممكنة التي يمكن أن تخفف معاناة أطفالنا خوفاً من تعرضهم لأمراض أو ضربة شمس”.تمضي أميرة يومها في تنظيف الخيمة والغسل والطبخ والعناية بالأولاد، وسط ظروف صعبة وإمكانات قليلة. وتقول: “عادة ما يتركز طعامنا حول ما يتيسر من أنواع الخضار والبرغل. ونادراً ما نتناول اللحوم بسبب غلاء الأسعار”. حتى قارورة الغاز ليست متوافرة في خيمة أميرة بعدما عجز زوجها عن تأمينها. وصل سعر تعبئة القارورة إلى ۱۲ دولاراً ونصف دولار، فيما لا يستطيع الزوج العاطل من العمل تأمين هذا المبلغ نتيجة ضعف الفرص وانعدامها. تستعين أميرة بموقد بدائي للطبخ، وأبعدته في هذا الجو الحار عن الخيمة تجنباً للحرائق، وتستعمل ما تيسر من القمامة والعيدان والكرتون والأحذية المهترئة لإشعاله وإعداد الطعام لأسرتها.أما دلال القدور (۲۹ عاماً)، فلا تتوقف عن كنس الخيمة من جراء الغبار في المخيم. وتقول لـ “العربي الجديد” إنها تشغل وقتها بأعمال التنظيف من دون أن تجد نتيجة نهائية تسرّها، وعادة ما يعود الوضع إلى ما كان عليه خلال وقت قصير. وعلى الرغم من الظروف القاسية التي تعيشها دلال مع عائلتها المؤلفة من زوجها وثلاثة أبناء في خيمة قديمة بالية أنهكتها الظروف الجوية وتقلبات الطقس، تبحث عن فسحة للحياة من خلال زراعة شتى أنواع الزهور حول خيمتها، تمنحها بعض الاستقرار والراحة النفسية.
وتتحدث القدورعن كيفية اعتنائها بالنباتات، وكيف تجهد في نقل المياه من مسافات بعيدة لسقيها، وتبدل أماكنها باستمرار من الشمس إلى الفيء وبالعكس من دون كلل أو ملل، ومن أنواعها الحبق والياسمين وتلك العطرية وإكليل الجبل.
من جهتها، تقول ميساء الحمود (۳۲ عاماً) إنها تختار أوقات المساء للعمل المنزلي كالغسل والتنظيف، إذ إنها لا تستطيع القيام بأي عمل وقت الظهيرة من جراء الارتفاع الكبير في درجات الحرارة أخيراً. وأشارت إلى أنها تضع أطفالها في أوعية بلاستيكية مليئة بالمياه طوال النهار من أجل التخفيف من شدة الحرارة عنهم، وكثيراً ما تطعمهم شطائر الزعتر والزيت خشية اشتعال الخيمة إن حاولت الطبخ اعتماداً على الغاز المنزلي.وعلى الرغم من إقامة ميساء مع عائلتها في مخيمات سرمدا منذ قرابة خمس سنوات في خيمة لا تتجاوز مساحتها ۴ أمتار، لم تعتد الحياة فيها ولا تزال تحلم بمنزل له “سقف من الإسمنت وأرضية مبلطة ومطبخ وحمام” كمنزلها الذي أجبرتها قوات النظام السوري على مغادرته، ولا يزال يراودها أمل في أن تنعم بحياة طبيعية كسائر البشر، على حد تعبيرها.
ومع حالة الإرهاق والتعب والضغوط النفسية التي تواجهها الكثيرات في مخيمات النزوح، إلا أنهنّ دائماً ما يجدن أنفسهنّ مجبرات على اعتياد هذه الحياة بسبب الفقر وارتفاع بدلات إيجارات المنازل.وعن المشاكل النفسية التي تواجهها النازحات في المخيمات، تقول المرشدة النفسية لمياء المحمد (۳۱ عاماً) إن حياة المخيمات خلقت مشاكل نفسية للنازحات، على رأسها الاكتئاب والحزن وفقدان لذة الحياة، بالإضافة إلى نقص آليات التكيف الإيجابي والتأقلم مع الواقع والخوف من المستقبل.من جهة أخرى، أشارت إلى أن المرأة النازحة أظهرت شجاعة وتحملاً وقدرة على اجتياز كل تلك الضغوط النفسية، على الرغم من التحديات المختلفة، بما في ذلك الظروف المناخية القاسية، ونقص الاحتياجات والموارد الغذائية، وصعوبة الوصول إلى مرافق الصرف الصحي والمياه النظيفة.
المصدر : العربي الجدید