نرجس محمدي وجائزة السلام الكاذبة

 خطاب نرجس محمدي في الذكرى السنوية لقصف هيروشيما، بدلًا من إدانة الولايات المتحدة، استهدف إيران بلغة موالية للغرب وحوّل السلام إلى أداة لتقويض السيادة الوطنية.

في الذكرى السنوية للقصف الذري لهيروشيما وناجازاكي، ألقت نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، كلمة في مؤتمر كان من المفترض أن يتحدث عن “السلام”. لكن هذا السلام لم يكن ذلك الذي يقاوم جرائم القوى العظمى، بل كان سلامًا مشوهًا، فبدلاً من إدانة القاذفات، وجه أصابع الاتهام نحو الشعب الإيراني. محمدي، بدلًا من إدانة إسرائيل والولايات المتحدة على عقود من التهديدات النووية، والعقوبات، واغتيال العلماء، والهجمات على البنية التحتية الإيرانية، قدمت إيران كمسؤولة عن جميع المشاكل بلغة نابعة من عقول غربية. هذا الخطاب، لم يكن في سبيل السلام على الإطلاق، بل بدا وكأنه استمرار لنفس الاستراتيجية التي اتبعتها في بيان حرب الأيام الـ ۱۲، أي تقويض حق إيران في السيادة وإضفاء الشرعية على العدوان الخارجي. من ناحية أخرى، كان يجب أن يكون الاحتفال بالذكرى السنوية للقصف الذري لهيروشيما وناجازاكي منبرًا لإدانة الحكومة التي نفذت هذا القصف النووي، لكن نرجس محمدي، بدلًا من إدانة الولايات المتحدة، أدانت إيران.

تبرئة جرائم أمريكا في هيروشيما

يعد قصف هيروشيما في السادس من أغسطس ۱۹۴۵، بالقنبلة الذرية المعروفة باسم “الولد الصغير” من قبل الولايات المتحدة، واحدة من أحلك اللحظات في تاريخ البشرية. هذا الهجوم، بالإضافة إلى قصف ناجازاكي بعد أيام قليلة، أودى بحياة عشرات الآلاف من الأبرياء في لحظة وعرض جيلًا بأكمله لآثار الإشعاع الذري. هيروشيما وناجازاكي هما رمزان لضحايا جرائم الحرب الصامتين. كان يجب على محب السلام الحقيقي في مثل هذه الذكرى إدانة المجرمين الرئيسيين، أي القوى التي تمتلك أسلحة نووية، والمطالبة بنزع سلاحها النووي بالكامل، وليس لوم الضحايا أو تبييض الجرائم.

تحدثت محمدي في خطابها عن الفقر، والعقوبات، والعزلة، والتهديد بالحرب، ولكن ليس كنتيجة للسياسات الغربية العدائية، بل وكأن إيران هي سبب هذه المشاكل بنفسها. وصفت برنامج إيران النووي السلمي، الذي أثبت التزامها بمعاهدة عدم الانتشار مرارًا وتكرارًا، بأنه “لعب لغوي” و”غطاء للسعي وراء السلطة”. وكأن إيران تسعى للحرب، وليس السعي للبقاء في عالم يتم فيه تصميم تهديد جديد ضد إيران كل يوم. لم تذكر كلمة واحدة عن التهديدات العسكرية الإسرائيلية أو الرؤوس النووية لتل أبيب، لكنها طالبت بإجراء استفتاء في إيران تحت إشراف الأمم المتحدة؛ نفس المنظمة التي تلتزم الصمت أمام مذابح غزة أو الهجمات على إيران. ادعت محمدي أن برنامج إيران النووي قد تقدم دون إرادة الشعب، في حين أن ملايين الإيرانيين دافعوا مرارًا وتكرارًا عن حقهم في الطاقة النووية من خلال المظاهرات والحملات الافتراضية.

تحدث عن التهديد والعقوبات

ادعت نرجس محمدي أن الشعب الإيراني يعارض البرنامج النووي، ولكن أي شعب؟ لم تظهر أي استطلاعات رأي أو مسوحات عامة مثل هذا الأمر. حتى في الاحتجاجات السابقة، لم يكن وقف البرنامج النووي أبدًا مطلب الشعب. أظهر الإيرانيون في حرب الأيام الـ ۱۲ وحملات مختلفة أنهم يريدون حقهم في الطاقة النووية ويفهمون جيدًا الفرق بين الصديق والعدو. لكن محمدي، بلغة يبدو أنها أُمليت عليها، حاولت تصوير الشعب الإيراني كضحية لبرنامجه النووي، وليس كضحية للعقوبات والتهديدات الغربية.

لا يمكن تحقيق السلام الحقيقي دون إدانة الظلم والجريمة. لكن محمدي في خطابها لم تتحدث عن الإبادة الجماعية في غزة، ولا عن قصف إيران، ولا عن العدوان على أراضي البلاد. بدلًا من الوقوف بجانب الشعب الإيراني، لعبت في ملعب العدو. هذا ليس سعيًا للسلام، ولا دفاعًا عن حقوق الإنسان. خطابها في هيروشيما، بدلًا من تكريم ضحايا القصف الذري، ساعد في تبرئة القاذفات وإضفاء الشرعية على العدوان. اليوم، يعرف الشعب الإيراني من هو صوته الحقيقي ومن يتآمر مع العدو وراء قناع السلام. نرجس محمدي، بهذه المواقف، لا تستحق جائزة نوبل ولا احترام الشعب الإيراني.

نوبل أو أداة لتعزيز السياسات الغربية؟

تحولت جائزة نوبل للسلام، التي كان من المفترض أن تكون رمزًا للنضال من أجل السلام والعدالة، الآن إلى أداة لتعزيز السياسات الغربية. لقد رافق حضور نرجس محمدي في هذا السياق العديد من الجدل. في حفل تسليم جائزة نوبل للسلام لها، شوهدت شخصيات مثل عبد الله مهتدي، زعيم جماعة كومله الإرهابية، وناهيد بهمني، من الحزب الديمقراطي الانفصالي الأهوازي. هؤلاء الأفراد، الذين عملوا لسنوات ضد وحدة أراضي إيران، حضروا الحفل بدعوة من تقي رحماني، زوج محمدي. هذا الحدث كشف القناع عن ادعاء محمدي بالحرية وحب إيران، وأظهر أنها تتحرك في اتجاه يخدم الجماعات الانفصالية والتخريبية. بالإضافة إلى ذلك، أثار لقاء عائلة محمدي بملك السويد ورسالتها إلى رئيس وزراء هذا البلد جدلًا آخر. في هذه الرسالة، دعمت محمدي محاكمة حميد نوري، السجين الإيراني في السويد، ووصفتها بأنها “شعلة أمل للمطالبين بالعدالة”. هذا في حين أن محاكمة نوري تتم بناءً على ملفات ملفقة من قبل منظمة مجاهدي خلق وضغوط من هذه الجماعة الإرهابية. نوري، الذي لم يكن دبلوماسيًا ولا مسؤولًا حكوميًا، حوكم في محكمة غير عادلة في السويد، حيث تم تقييد وصول عائلته إليه وسجن في أحد أسوأ سجون السويد. في المقابل، تمكنت محمدي من إجراء مقابلات مع وسائل إعلام أجنبية مثل التلفزيون السويدي من داخل السجن في إيران، وتم نشر رسائلها بسهولة. هذا الوضع يدل على تنسيق غريب بين محمدي ومجاهدي خلق وداعميهم الغربيين.

ضد إيران في الحرب

في حرب الأيام الـ ۱۲ بين إيران وإسرائيل، وقعت نرجس محمدي وشيرين عبادي، وهما حائزتان على جائزة نوبل للسلام، بيانًا طالبتا فيه بوقف تخصيب اليورانيوم وتنحي الحكومة الإيرانية، دون إدانة العدوان الإسرائيلي على المدنيين الإيرانيين. هذا البيان، بلهجة غير مبالية بمقتل أكثر من ألف إيراني، بمن فيهم نساء وأطفال، صور إيران كالمتسبب الرئيسي في الصراع وأضفى الشرعية فعليًا على الهجمات العسكرية الإسرائيلية. حتى أن عبادي وصفت اعتقال عملاء الموساد في مدن مثل تبريز، وأرومية، ويزد، وكهكيلويه وبوير أحمد بأنه “قمع سياسي” وسمتهم “الشعب”، في حين أن هؤلاء الأفراد متهمون بالتجسس وتخطيط عمليات تخريبية باكتشاف أسلحة وطائرات بدون طيار.

على الرغم من أن جائزة نوبل للسلام من المفترض أن تحتفي بالسلام، إلا أنها في الواقع تحمل معنى معاكسًا للسلام بالنسبة للشعب الإيراني، وقد تحول الإيرانيان اللذان حصلا على هذه الجائزة إلى بوق لتكرار المواقف الغربية العدائية ضد إيران.

تعریب خاص لـجهان بانو من صحيفة فرهيختكان