نسرين البخشونجي: المرأة مُشاركة في تحوّل المجتمع وذكوريته!

تتميّز رواية نسرين البخشونجي الجديدة “اتجاه عكسي” بنَفَس نسوي رافض للمجتمع الذكوري بكلّ ممارساته الإستبدادية ضد المرأة.

هذه الإشكالية كانت ومازالت حاضرة في الأدب العربي، رغم كلّ التقدّم الذي وصلت اليه النساء العربيات علمياً واجتماعياً. وعن هذه الاشكالية، سألنا الكاتبة المصرية نسرين البخشونجي فأجابت: “قبل فترة قصيرة استوقفني مشهد سريع من فيلم قديم بطولة فاتن حمامة ولكن له دلالة اجتماعية وثقافية كبيرة. حين مرت البطلة بجوار رجل وضع يده خلف ظهره في حركة لا إرادية، تلك الحركة التي لا أظن أنها تمّت بطلب من المخرج. السؤال ما الذي تغير فينا ليصبح المجتمع بهذا القدر من الذكورية المزيفة، حتى أصبحت أخبار قتل النساء مشهدا متكررا يثير الخوف في نفوسنا. بالنسبة إليّ المشكلة تكمن في الجهل والفقر، حين أصبح الدين مجرد مظهر يتجلى بوضوح في شكل الملابس من دون أن نستوعب قيمه الروحانية. ومع ذلك هذا لا يعني أن المرأة ذاتها لم تشارك في جريمة تحول المجتمع بهذا الشكل الفج، لأن مسؤوليتها تأتي من فعل الأمومة وتربيتها لأولادها الذكور”.

وفي معرض حديثها عن الرواية قالت إنّ كتابة “اتجاه عكسي” لم تكن سهلة: “استغرقت كتابتها ثلاثة سنوات توقفت احيانا وترددت احيانا اخرى وبكيت بعد كتابة بعض الفصول. كانت البداية، عن مشكلة التعليم في مصر، خاصة وأني تعرفت على نساء كثيرات يشتكين من التعنيف والتنكيل بأبنائهن لأنهم مختلفين. وجاءت فكرة الرسائل حين فقدت صديقتي إيمان خيري شلبي، لأنها كانت تشاركني كثيرا الحديث عن هذا الموضوع”.

وعن البعد الواقعي في رواية “اتجاه عكسي” أجابت: “الرواية فيها خط يمسني على نحو شخصي، وهو مشكلة تسليع التعليم ربما لذلك قارنت في الرواية بين التعليم في المدارس الحكومية في صعيد مصر مطلع الثمانينيات والمدارس الاستثمارية المتاحة حاليا وبكثرة. ما زلت الطبقة المتوسطة تؤمن بأهمية التعليم، وتعتبره استثمارها الأكبر، وفي مصر عدد كبير من الطلاب الرائعين الذين يحتاجون إلى نظام تعليمي يستوعب مواهبهم وقدراتهم”.

وعن انعكاس الواقع على الأدب، سألنا الكاتبة عن مستقبل الأدب في ظلّ الحروب الدائرة اليوم، قالت: “الأدب والفن هما وسيلة البشر للنجاة من الشعور بالخذلان والرغبة المحمومة في التعبير عن الرأي، فالشعوب العربية ليسوا أصحاب قرار. منذ بداية الحرب في غزة على سبيل المثل كان هناك أكثر من مبادرة أدبية وفنية، إما للتنديد بالمحتل الغاشم، أو للتعريف بما يحدث من خرق للقانون الدولي. أحببت مثلا مبادرة “هنا غزة” التي ساعدتنا على التعرف إلى شعراء من فلسطين وساهم إلقاء بعض مشاهير الفن والإعلام لهذه القصائد في انتشارها، والوعي بالقضية”.

وفي حديثها عن موقعها الأدبي وتعامل المشهد الثقافي المصري والعربي معها، أكدت نسرين أنها محظوظة منذ إصدارها الأول “بُعد إجباري” بحيث حصدت ردود أفعال نقدية من كتاب مرموقين مثل الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد، والكاتبة زينب عفيفي، وكذلك الكاتب علاء الأسواني الذي تحدث عن المجموعة في جريدة لوموند الفرنسية. حظت كذلك رواية “عطر شاة” بدراسة نقدية من مروة مختار نشرت في كتابها “بين الهامش والمتن”.

وبعد سؤالها عن الجوائز الأدبية العربية وانعكاسها على واقع الأدب اليوم أجابت: “هناك مقولة للكاتب الإنكليزي كينجسلي أميس: الجوائز كلها هراء، إلى أن أحصل على واحدة”. وبغض النظر عن مسألة من هو أحق بالجائزة من الآخر، لا يمكن إنكار أن الأدب في حد ذاته ذائقة. وبالتالي لا يستطيع أي كاتب إرضاء جميع القراء، فما بالك بالنقاد والمفكرين الذين يترأسون لجنة تحكيم جائزة؟ ولكن مع ذلك، يسعدني اهتمام بعض الدول العربية بالأدب، وهذا أمر حميد، مع علمنا بوجود النميمة الثقافية كنتيجة لتلك الجوائز. وعلى المستوى الشخصي، أشعر بالفرح للزملاء الذين يحصلون على الجوائز”.

عن الأسماء الأدبية المحفزة لها في بداية مسيرتها قالت: “تعلقت بفعل القراءة في سن صغير، بدأت بقراءة الأدب الإنكليزي ثم تعرفت على الأدب العربي في العاشرة، حين قرأت “أوليفير تويست” و”قصة مدينتين” للإنكليزي تشارلز ديكنز، تلتها أعمال شكسبير ولويزا ماي إلكوت ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم. لم أخطط للكتابة الأدبية أبدا، ولكني كنت أشعر بأهمية الكتابة بالنسبة لي منذ الصغر وأردت دائما العمل بالصحافة. وكانت البداية مع كتابة يومياتي بأسلوب ساخر، ثم حاولت كتابة الشعر، ثم بدأت في كتابة أول قصة عام ۲۰۰۷ يومها اكتشفت شغفي بالحكايات”.

المصدر: شفقنا