هذا واقع نساء تونس الريفيات وسط حرائق الغابات

حذّرت جمعيات نسوية في تونس من تأثير حرائق الغابات في الفئات الهشّة بالمناطق المتضرّرة، ولا سيّما النساء اللواتي صرنَ أكثر عرضة للعنف الاقتصادي وكذلك الاجتماعي بسبب فقدان مواطن الرزق في الغابات، الناجم عن خسارة الغطاء الغابي. وجاءت المطالب بحماية النساء من تأثيرات حرائق الغابات النفسية والاجتماعية بعد مرور عام كامل على واحدة من كبرى الحرائق التي شهدتها البلاد في منطقة ملولة بولاية جندوبة شمال غربي البلاد، والتي أسفرت عن خسارة مئات الهكتارات من غابات تونس التي كانت مصدر كسب لنساء المنطقة.

وقد عرضت جمعية “كلام” الناشطة من ضمن الديناميكية النسوية في تونس، في ندوة صحافية ، تقريرها الخاص بشأن حرائق الغابات في تونس انطلاقاً من تلك التي شهدتها منطقة ملولة في عام ۲۰۲۳٫ والتقرير الذي أتى في قسمَين، الأوّل علمي بيئي في حين يهتمّ الثاني بالإطار القانوني والمؤسساتي من خلال عرض مبسّط لأبرز التشريعات الوطنية والدولية ذات العلاقة، كشفت من خلاله الجمعية أنّ سلسلة حرائق ملولة التي وقعت في يوليو/ تموز من عام ۲۰۲۳ دمّرت نحو ۴۰۰ هكتار.

وأضافت “كلام”، في التقرير نفسه، أنّ محافظة جندوبة تأتي من بين المناطق الأكثر تضرّراً على مدى أعوام، إذ خسرت في عام ۲۰۱۹ أكثر من ۳۲۰۰ هكتار من الغابات، وقد كانت المتضرّرة الأولى في عام ۲۰۲۰ مع ۱۴۸ حريقاً، وخسرت في عام ۲۰۲۱ أكثر من ۳۵۰۰ هكتار. إلى جانب ذلك، بيّنت الجمعية أنّ إجمالي مناطق الغابات التي اجتاحتها الحرائق في تونس بين عامَي ۲۰۱۶ و۲۰۲۳ بلغ نحو ۵۶ ألف هكتار، أي ما تعادل نسبته ۴٫۷% من إجمالي مساحة الغابات في البلاد.

ولفتت منسقة قسم النسوية البيئية لدى جمعية “كلام” ضحى اليحياوي إلى أنّ “النساء اللواتي يعشنَ في محيط الغابات صرنَ في مرمى الهشاشة الاقتصادية والنفسية نتيجة تأثيرات الحرائق”، إذ “ارتفعت نسبة تعرّضهنّ للعنف الاقتصادي وكذلك الأسري والزوجي، نظراً إلى غياب وسائل الحماية القانونية اللازمة من هذا الصنف من الكوارث الطبيعية الذي بات أكثر تواتراً من جرّاء تغيّر المناخ”.

وتحدثّت اليحياوي لـ”العربي الجديد” عن “نقص وسائل رعاية النساء اللواتي يفقدنَ مواطن كسبهنّ بسبب الحرائق، بالإضافة إلى تغييبهنّ عن قرارات إعادة إعمار المناطق المتضرّرة، على الرغم من أنهنّ الأكثر مشاركة في الأعمال الاقتصادية في تلك المناطق”. وشرحت أنّ “النساء يُكلَّفنَ بالرعي وبجمع منتجات الغابات، كما يشاركن في حملات التشجير”، في حين أنّهنّ “غائبات عن رسم السياسات العامة لإنقاذ المناطق المتضرّرة من الحرائق، علماً أنّهنّ اكتسبنَ خبرة كبيرة في التعامل مع محيطهنّ”.

وتوفّر المراعي الغابية في تونس ۲۰% من الاحتياجات الغذائية للقطعان، فيما يساهم قطاع الغابات بـ ۱۴% من إنتاج الطاقة في تونس.  ويُقدَّر الدخل الناتج عن الغابات التونسية بـ۲۲۰ مليون دينار تونسي (نحو ۷۰ مليون دولار أميركي) مع اعتماد نحو مليون نسمة، من إجمالي سكان البلاد، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على ما تقدّمه الغابات من موارد ومداخيل.

وأوضحت منسقة قسم النسوية البيئية لدى جمعية “كلام” أنّ “النساء يمثّلنَ ۶۰% من مليون نسمة تعتمد على منتجات الغابات. ومن بين نحو ۶۰۰ ألف امرأة، تجني نسبة ۳۰% الدخل الكامل من الغابات”. ووصفت اليحياوي “حضور الإناث في مناطق الغابات بأنّه مكثّف بنسبة تتفوّق على حضور الذكور. فنسبة كبيرة من الذكور المتحدّرين من مناطق الغابات ينزحون بحثاً عن الكسب في المدن، فيما تتشبّث الإناث بمواقعهنّ، الأمر الذي يدلّ على تعلّقهنّ بمواطنهنّ الأصلية على الرغم من قساوة المناخ وكذلك قساوة صانعي القرار عليهنّ”.

تجدر الإشارة إلى أنّ المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة والفئات الهشّة في المناطق المتضرّرة من حرائق الغابات توصي بـ”تنقيح مجلة (قانون) الغابات لإدراج عناصر تغير المناخ والتنمية المستدامة والوقاية وتحديد المخاطر وتقييمها في صون الغابات وحمايتها”. كذلك تشدّد التوصيات على “دور المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني في صون الملك الغابي وحمايته والحفاظ عليه”.

المصدر: العربي الجدید