اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وتحمل بكالوريوس هندسة حاسوب، وماجستير هندسة كهرباء اختصاص أجهزة وأدوات طبية، من جامعة البلمند في لبنان، وتعمل الآن في الاستشارات الإستراتيجية، بدأت حكايتها مع السفر قبل نحو ۶ سنوات، فما حكاية الرحالة خبيرة السفر نغم البدوي المقيمة في قطر، والتي ترويها للجزيرة نت، في لقاء خاص.
حياتي خلال ۱۸ عاما -من الطفولة حتى الثانوية- جعلتني أتعلم كيف أتقبل وأتعايش مع مختلف الثقافات، وكيف أتأقلم بسرعة مع التغييرات، وأعطتني العديد من الصفات التي جعلتني إنسانة لا تقدر أن تُحصر أو تبقى في مكان واحد لفترة طويلة. ولكن السفر السياحي لم أكتشفه إلا في عمر ۳۴ عاما.
كنت أعمل بوظيفة مرموقة، متزوجة، وأعيش حياة روتينية كمعظم النساء العربيات.
وفي يوم عمل عصيب من عام ۲۰۱۸، قررت أن ألحق بصديقتي وأسافر معها إلى تركيا وكانت هذه الخطوة الأولى في رحلتي بالسفر، حيث تجولنا في عدة أماكن.
كانت لحظة تحول في حياتي، حيث شعرت أنني كنت أعيش ولكنني لا أحيا. السفر فك عني قيودا كثيرة عقلية ونفسية.
أتذكر أنني لم أكن أعود إلى الفندق لمدة تزيد عن ۲۴ ساعة، أشهد غروب الشمس، وانتظر بزوغ الفجر، وأمشي في كل مكان.
عندما عدت من تركيا، كان كل تفكيري مكرسا على التخطيط لوجهات السفر، والبحث، والقراءة، وخلق رحلات وهمية في عقلي. وكلما قرأت أكثر، تعلقت أكثر بالفكرة.
وفي يوم عصيب آخر في العمل، استقلت رغم رفضهم لاستقالتي -باعتقادهم أنني أمر في لحظات عصيبة وأحتاج إلى راحة- خاصة وأنني أتخلى عن وظيفة مرموقة في عز الأزمة الاقتصادية. ولكن الحقيقة هي أنني وجدت نفسي.
فعلا، فقد استخدمت مدخرات نهاية خدمتي لبدء السفر. في السنة الأولى، وسافرت أكثر من ۱۰ رحلات سياحية.
ولأن ميزانيتي محدودة، كنت أبحث وأتعلم وأسأل عن كل الوسائل التي تمكنني من التوفير خلال السفر.
مع كل رحلة، كنت أكتشف ذاتي أكثر، أعرف ما أحب وما أستطيع أن أفعل.
ومع كل مغامرة سفر، أدرك أنني اخترت القرار الصحيح. وأنا أعتقد أن السفر اكتشاف لقدرات الذات أكثر مما هو اكتشاف معالم الأماكن.
سافرت إلى أكثر من ۶۵ وجهة، واختياري يعتمد في معظم الأحيان على الوجهات غير المشهورة والغريبة ولكن الفريدة مثل كمبوديا وفيتنام، وأيضا على الطقس، حيث إنني لا أحب المناطق الحارة.
أحب أن أستمتع بالطبيعة ورياضة المشي، ولا أحب المناطق المزدحمة التي تحرمني من تجربة المكان بهدوء.
وتلعب -كذلك- الميزانية دورا كبيرا في اختيار الوجهات، ومع الخبرة تعلمت أنه -وبأي ميزانية- يمكنني السفر إلى أي دولة، ولكن بطرق مختلفة.
تعلمت خلال التخطيط للرحلات أن أبحث عن الأمور المجانية التي يمكن الاستمتاع بها في كل دولة، وقبل أن أسافر أبحث عن المطاعم غير السياحية الجيدة، وكذلك خصومات بطاقات السياح، ومعرفة طريقة استخدام المواصلات العامة، وكذلك حجز الفنادق البوتيك “فنادق صغيرة وأنيقة، تقع عادة في مواقع حضرية وعصرية”، أو البحث عن طرق إقامة مجانية قد تمنح للرحالة لقاء العمل التطوعي، أو مخصصة للتخييم مجانا.
فعلا، سافرت أيضا في رحلات تطوعية كثيرة، مما مكنني من عمل الخير بتكاليف منخفضة واستكشاف دول لم تخطر ببالي.
وخلال سفري تطوعت في محميات للحيوانات في جنوب أفريقيا، وتطوعت في مدارس للأيتام لتعليمهم اللغة الإنجليزية، حيث تمكنت من الحصول على الوجبات والسكن بتكاليف منخفضة، وكذلك الاستمتاع بالانغماس في الثقافة المحلية لجنوب أفريقيا، ومعرفة أهل البلد والعيش قريبا منهم.
بعد ۶ سنوات من السفر والترحال، يمكنني القول إن أجمل أنواع السفر هو عندما تمارسه كمواطن في تلك البلد، فتراها بعيون حقيقية بعيداً عن الصور على الإنستغرام وأقوال المشاهير أو الفنادق والشركات السياحية.
من أجمل الوجهات التي زرتها وتعلمت منها:
أفضل رحلاتي هي الرحلات التي أذهب فيها وحدي، لأنني فيها أستطيع أن أفعل ما تريده نفسي، آكل كما أريد، أذهب أو أتوقف حينما أريد، أسمح لنفسي بفرصة التعرف على أهل المكان وأمضي وقتا معهم، أعيد ترتيب أفكاري وأهدافي وأولوياتي، أبتعد عن كل ما يحزنني وأنغمس في رحلتي.
هذه هي الرحلات التي أسميها “رحلات إثبات حبي لذاتي”. فالسفر وحدي علمني حب الذات وجعلني أمارسه فعليا.
واعتمد في اختياري لتلك الرحلات الوجهات الآمنة، وبالوقت نفسه أتأكد من خلال البحث العميق تعلم أهم وسائل المحافظة على الأمان خلال السفر.
السفر علمني أن المرأة يمكن أن تكون الشخص الذي تريده، وأن القيود فقط في عقلنا وفي بعض الكلمات التي تقال لنا.
ولا أعني بالحرية أن تخرج المرأة عن القيم والتقاليد والأخلاق، بل أن تتحرر من القيود التي تقلل من قدراتها.
وأرى أن تحمل المسؤولية، ومهام الوظيفة، وعيش الحياة العائلية، كلها يمكن أن تعاش بالتوازي مع ممارسة الهواية التي ما نحب، وجرأة عيش المغامرة.
أعشق القراءة، وأعمل على إنقاذ الحيوانات من التعرض للإساءة، وحتى خلال رحلاتي في السفر احرص على اختيار مغامرات وتجارب سفاري حذرة لا تضهد أي حيوان أو أي كائن حي في الطبيعة.
وجهتي القادمة هي جزيرة سقطرى في اليمن، أحن كثيرا لاكتشاف هذه الجزيرة العذراء، والتعرف على شعبها وندرة طبيعتها وشواطئها.
المصدر : الجزيرة