اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وتعرّض التقرير الذي جرى تقديمه في ندوة إقليمية استعرضت واقع النساء في كل من الأردن والمغرب وتونس إلى خطورة العنف المبني على النوع الاجتماعي في الدول الثلاث ما يحوّل النساء اللاتي اشتدت عليهن أزمات التفقير والتمييز والتحقير إلى نساء مستهدفات بشكل مباشر بجرائم القتل البشعة. وبحسب الشهادات التي أدت بها النساء ضحايا العنف في الدول الثلاث، فإن الوضع المأساوي الذي وصلن إليه ناتج عن التقصير في حماية النساء وعدم تقدير المخاطر وبطء الإجراءات وغياب التوعية وعدم المعالجة الجدية للأسباب الجذرية للعنف القائم على أساس النوع وعدم التطبيق الجدي للقوانين.
وتقول المديرة التنفيذية لجمعية أصوات نساء سارة بن سعيد إن “هناك مواطن شبه كثيرة في البلدان الثلاثة في الظروف الاجتماعية التي تهيئ لارتكاب جرائم ضد النساء، حيث غالباً ما يَكُنّ ضحايا أشكال من العنف السابق الذي تطبّع معه المجتمعات قبل أن تصطدم لاحقاً بتطوره إلى مستوى جريمة القتل، مؤكدة لـ”العربي الجديد” أن الجرائم المرصودة في ۲۰۲۴ أثبتت أن المعركة ضد جرائم قتل النساء في تونس لا تزال بعيدة عن وقفها بسبب تعقيد هذه الظاهرة وتعدد عواملها مع غياب استراتيجية وطنية واضحة المعالم لمناهضة قتل النساء.
وبحسب الجمعية سجلت تونس العام الماضي ۲۶ جريمة قتل ارتكبت في ۱۶ محافظة من مجموع ۲۴ محافظة تونسية، ومقارنة بعام ۲۰۲۳ توسعت الرقعة الجغرافية للجرائم المسجلة، حيث انحصرت الجرائم المرتكبة خلال تلك السنة في ۱۱ محافظة فقط، وبحسب الأرقام التي أفصحت عنها جمعية أصوات نساء أسفرت الـ ۲۶ جريمة عن ۳۰ ضحية نظراً إلى أن الجريمة الواحدة استهدفت في بعض الحالات أكثر من شخص ومثلت الفئة بين ۲۶ و۳۵ سنة أعلى شريحة عمرية للضحايا بنسبة ۲۸% مقارنة بالشرائح العمرية الأخرى.
وتقول بن سعيد إن جرائم قتل النساء لم تعد ترتكب في الفضاءات الخاصة بل تحولت إلى الفضاء العام، حيث أزهقت أرواح النساء في الشارع على مرأى ومسمع المواطنين في مشهد يوحي بأن الجاني يسعى إلى الجهر بجريمته وجعل الضحية عبرة. وأشارت في سياق متصل إلى أن هذا الصنف من الجرائم على بشاعته لا يخلو أيضاً من التشفي والانتقام، إذ أظهرت الفحوصات وجود آثار واضحة للعنف المادي مثل الكدمات، وقطع الأعضاء على غرار الأيدي والحرق بالسجائر وهو ما يؤكد تعمّد الإيذاء والإذلال قبل تنفيذ الجريمة.
وأضافت “تطالب الجمعيات النسوية الدولة بالتعامل الجدي مع العنف ضد النساء من خلال رصد الإمكانات اللازمة والتطبيق الشامل لقانون مناهضة العنف ضد النساء الصادر عام ۲۰۱۷ وعدم اعتبار ضحايا العنف أرقاماً ترصد بشكل كمي جاف، بل هي “حياة” نساء نشأن في ظل التمييز والهيمنة وفقدن الدعم والمرافقة فأصبحن مستباحات”. وأشارت إلى أنه أصبح من الضروري اعتماد “التقتيل” توصيفاً قانونياً للجرائم العمدية التي ترتكب على الضحايا لأنهن نساء، مؤكدة أن التدقيق القانوني لوصف الجريمة سيمكن من اعتبار “الجندر” (التفرقة على أساس الجنس) خطوة هي الأولى من أجل مكافحة هذه الآفة وفق تقديرها، وطالبت بضرورة وضع آليات تقييم مستوى الخطر الذي تواجهه النساء الناجيات من العنف من أجل اتخاذ الآليات القانونية الكفيلة بحمايتهن باعتبار أن التساهل مع العنف ومرتكبيه هو بمثابة “الضوء الأخضر” للمعنّف للتمادي حدّ القتل.
وتوصي المنظمات النسوية في تونس بإنشاء هيئة في وزارة المرأة لتقييم فعالية السياسة العامة في مكافحة العنف والتصدي لجرائم قتل النساء مع إجراء جرد لأنظمة حماية ضحايا العنف بهدف تطويرها وتنظيم حملات توعوية وطنية تشترك فيها مختلف الوزارات والهياكل المشمولة بالقانون ۵۸-۲۰۱۷ مع وجوب اعتماد “مؤشر تقييم للمخاطر” من قبل الفرقة المختصة بالقضاء على العنف ضد المرأة وقاضي الأسرة.
العربي الجدید