اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
هناك أشخاص تعرفوا على بعضهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولكن لم يلتقوا وجها لوجه من قبل، واختاروا اللقاء في معرض فيينا الذي حقق هذا العام رقما قياسيا في عدد الزوار. فبعد أن استقطب ۵۱ ألف شخص في عام ۲۰۲۲ و۵۸ ألف شخص في العام الماضي، سجل معرض الكتاب لعام ۲۰۲۴، الذي اختتم فعالياته يوم الأحد ۲۴ نوفمبر الجاري، حضور ۶۵ ألف شخص من محبي القراءة في قاعة “د” بمعرض فيينا، وفقا لما أعلنه المنظمون.
الإقبال كان كبيرا للغاية لدرجة أن متجر التذاكر اضطر للإغلاق لفترة قصيرة. وعلى الرغم من ذلك، يحتفظ المعرض بأجوائه الهادئة والعائلية والمريحة مقارنة بنظيره الألماني، حسب ملاحظات صحيفة “بريس”. ومن بين هذه الأجواء المميزة، يبرز ركن “غرفة المعيشة” الخاص بنوع الأدب الجديد “نيو أدولت”.
من الطبيعي أن تجد أكوام الكتب على طاولات معرض الكتاب، ولكن رؤية أكوام الكتب محمولة على أذرع الزوار، وخاصة النساء، هو مشهد أقل شيوعا. يغلب على هذه الكتب ألوان ناعمة ومتنوعة مع هيمنة البنفسجي والوردي، وبعضها مغطى ببريق أو يحمل أغلفة سوداء توحي بالغموض، وكلها تنتمي إلى أدب “نيو أدولت”.
هذا النوع الأدبي يتميز بالرومانسية، سواء كانت خفيفة أو مظلمة، مع أو دون عناصر من الخيال العلمي أو الفانتازيا، ولكنه دائما يتمحور حول الحب والعواطف الجياشة. غالبا ما تكون القصص على شكل سلاسل، موجهة لجمهور نسائي يتراوح بين المراهقات وأواخر العشرينات. يشهد هذا النوع الأدبي رواجا كبيرا عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل “بوك توك”.
على الرغم من أن “نيو أدولت” يحتل مساحة واضحة قرب مدخل المعرض، إلا أن القسم لا يزال صغيرا مقارنة بالمعارض الدولية الأخرى. لكن ما يميزه هو الأجواء العائلية والمريحة التي تفتقر إليها المعارض الأكبر.
في “غرفة المعيشة” الخاصة بـ”نيو أدولت”، يتمتع الزوار بمساحة مريحة تتضمن أريكة وفانوسا قديما يشبه ذلك الموجود في قصص الرومانسية الباريسية، بالإضافة إلى جدار مزين بألوان زاهية لالتقاط الصور لمشاركتها على موقع إنستغرام. يوجد أيضا رفّ كتب من طراز “كالاكس” الشهير من إيكيا، والذي يُستخدم كثيراً على “بوك توك” لعرض مجموعات الكتب.
نادا، فتاة تبلغ من العمر ۲۴ عاما، تحدثت مع “جيس”، إحدى المؤثرات على “بوك توك” التي تعمل لدى دار النشر “ليكس” الرائدة في مجال أدب “نيو أدولت” في المنطقة. من بين التوصيات التي حصلت عليها كانت رواية “Between My Worlds” للكاتبة بسمة حلاق، التي تتحدث عن قصة حب في أيسلندا، ورواية “Single All the Way” للكاتبة ستيلا تاك، التي تدور حول رحلة في عاصفة ثلجية تجمع بين طالبة جامعية وشاب كسر قلبها.
نادا كانت قارئة شغوفة عندما كانت طفلة، ولكنها توقفت لسنوات حتى أعادتها “بوك توك” إلى عالم القراءة. تقول: “صديقتي وأنا نقرأ الكتب في الوقت نفسه ونتحدث عنها سويا.” هذا النوع من التفاعل الثقافي يعزز التواصل بين القراء.
رغم انتشار الكتب الإلكترونية، يفضل معظم زوار هذا القسم الكتب المطبوعة. يشكل الغلاف وتصميم الكتاب عنصرا أساسيا لجذب القراء، حيث يفضل الكثيرون النسخ الخاصة التي تحتوي على تفاصيل فنية جذابة. معظم الكاتبات الناجحات في هذا النوع الأدبي يكتبن سلاسل، ما يجعل جمع جميع الأجزاء أمرا مهما، سواء لأسباب محتوى القصة أو مظهر الكتب.
أشارت ماريا شريتل، المسؤولة عن قسم المشتريات لدى دار “ثاليا”، إلى أن أدب “نيو أدولت” أصبح أحيانا تجربة تربط الأمهات وبناتهن. تقول فتاة شابة: “هل تعلمين كم مرة استعارَت أمي كتبي دون علمي؟”
وأضافت ماريا أن هناك توجها في السوق الآن لاستهداف النساء الأكبر سنا اللواتي بدأن قراءة “نيو أدولت” في شبابهن، حيث يتم تقديم قصص مشابهة موجهة لهن مع علامات نشر جديدة مثل “بولا” من دار “ليكس”.
أوضحت إحدى الزائرات أن الكاتبات في هذا النوع ينضجن مع جمهورهن. مع تطور أعمار القراء، تنمو الكتب لتلبي احتياجاتهم الجديدة، مما يجعل أدب “نيو أدولت” بوابة لعالم القراءة بشكل عام، حيث يتغلب العديد من القراء على حواجز الخوف من الأدب بفضل هذا النوع.
“نيو أدولت” (New Adult) هو نوع أدبي يركز على قصص موجهة لجمهور يتراوح بين سن المراهقة المتأخرة (۱۸ سنة تقريبًا) وأواخر العشرينات. يُعتبر هذا النوع جسرًا بين أدب “الشباب البالغين” والأدب المخصص للبالغين، حيث يتناول موضوعات وتجارب أكثر نضجًا من تلك التي توجد في أدب الشباب، ولكنه لا يزال قريبًا من شريحة الشباب من حيث الشخصيات والأسلوب.
وقال بينيديكت فوغر، رئيس الاتحاد الرئيسي لتجارة الكتب النمساوية: “الناس يتوقون إلى التواصل الحقيقي، والنقاش الحقيقي، والتبادل الحقيقي للأفكار.” بينما أعرب باتريك زوهرر، المدير العام لمعرض “كتاب فيينا”، عن سعادته قائلا: “كنا نأمل في تحقيق زيادة مقارنة بأرقام السنوات السابقة، ولكن لم نتوقع أن نستقبل ۶۵ ألف زائر وأن يصل الحضور إلى حدود الطاقة الاستيعابية.”
الأبطال في قصص “نيو أدولت” عادةً ما يكونون في مرحلة انتقالية، مثل دخول الجامعة، بداية العمل، أو اكتشاف الذات. غالبا ما تتراوح أعمارهم بين ۱۸ و۳۰ عاما. ويناقش هذا النوع قضايا مهمة مثل العلاقات الرومانسية، والهوية الشخصية، والمسؤوليات الجديدة، والحياة المهنية، فضلا عن التحديات النفسية والاجتماعية مثل الاكتئاب أو التحرر من سلطة الأهل.
وقد تشمل الموضوعات تفاصيل ناضجة أكثر من تلك التي تذكر في أدب “الشباب البالغين”، مثل العلاقات العاطفية المعقدة والمشاهد الرومانسية.
وهذا النوع من الكتب أكثر ما يستهدف النساء، كما يجذب أيضا القراء من الجنسين. ومن هذه الكتب، القصص الرومانسية، وأخرى تحتوي على عناصر من الفانتازيا أو الخيال العلمي، وروايات تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية أو النفسية التي تواجه الشباب في بداية حياتهم المستقلة. شهد هذا النوع الأدبي شعبية واسعة بسبب منصات التواصل الاجتماعي، مثل “بوك توك” (مجتمع محبي الكتب على تيك توك).
أدب “نيو أدولت” شائع بشكل خاص في أسواق الكتب المطبوعة، حيث تكون أغلفة الكتب وتصاميمها جذابة جداً لجمهورها. باختصار، “نيو أدولت” يعبر عن مرحلة حياتية معقدة وغنية بالتجارب، مما يجعله نوعا أدبيا جذابا يعكس مشاعر الشباب وتحولاتهم.
المصدر: العرب