انتقادات واسعة لتصريحات مسؤول سوري جديد حول “عدم ملاءمة” المرأة للمناصب القيادية

أثار تصريح عبيدة أرناؤوط، المتحدث الرسمي باسم “الإدارة السياسية التابعة لإدارة العمليات العسكرية في سوريا”، موجة من الانتقادات الواسعة، خصوصًا بين النساء السوريات والناشطات في مجال حقوق المرأة.

وكان أرناؤوط قد صرّح مؤخرًا بأن “كينونة المرأة وطبيعتها البيولوجية والنفسية لا تتناسب مع كل الوظائف كوزارة الدفاع مثلاً”، في إشارة إلى رفضه لفكرة تولي النساء مناصب معينة في الحكومة، مما اعتبره العديد من السوريين والسوريات إهانة لدور المرأة في المجتمع وتقليلاً من كفاءتها وقدراتها.

ردود فعل نسائية غاضبة 

النساء السوريات لم يتأخرن في الرد على هذا التصريح، حيث عبّرن عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عن استيائهن مما وصفنه بأنه “خطاب تمييزي ومجحف بحق النساء”. الناشطة الحقوقية منال السالم، التي تعمل في مجال تمكين المرأة، قالت في منشور لها على “فيسبوك”:

“هذا التصريح ليس فقط إهانة للمرأة السورية التي تحملت عبء الحرب واللجوء وقادت مجتمعات بأكملها في ظل أصعب الظروف، بل هو أيضًا تعبير عن عقلية تقليدية لا تزال تسعى لتهميش النساء”.

وفي تصريح مماثل، أكدت الكاتبة والصحفية سمر حسن أن “الحديث عن البيولوجيا والنفسية كعائق أمام تولي المرأة المناصب القيادية ليس جديدًا، لكنه يُظهر استمرار النظرة النمطية للمرأة في مجتمعنا”. وأضافت: “هل كانت طبيعتنا البيولوجية عائقًا أمام عملنا في الخطوط الأمامية خلال الحرب، أو أمام قيادة أسرنا ومجتمعاتنا عندما غاب الرجال؟”.

بين التاريخ والواقع 

تصريح أرناؤوط أثار جدلاً واسعًا أيضًا حول الإطار التاريخي لدور المرأة في المجتمع السوري. فقد ذكّر العديد من المنتقدين بتاريخ المرأة السورية في المشاركة السياسية والاجتماعية، بدءًا من كونها عضوًا بارزًا في الحركات الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي، وصولاً إلى وجود وزيرات وبرلمانيات ومشاركات فاعلات في مختلف القطاعات.

الصحفية رنا الخطيب أشارت في مقال لها إلى أن هذا التصريح يأتي في وقت تعمل فيه منظمات المجتمع المدني على تعزيز حضور المرأة في المجالات السياسية والاقتصادية. وتابعت: “بدلاً من تعزيز المساواة بين الجنسين، نواجه اليوم تبريرات تهدف إلى حصر المرأة في أدوار نمطية”.

دعم محدود للتصريح 

رغم الانتقادات الكبيرة، وجد تصريح أرناؤوط بعض الدعم من الأصوات التي ترى أن هناك وظائف تتطلب ظروفًا خاصة قد لا تتناسب مع طبيعة المرأة، وفق تعبيرهم. المحلل السياسي خالد عثمان أشار في لقاء تلفزيوني إلى أن “تصريح أرناؤوط كان مبنيًا على أسس موضوعية تتعلق بطبيعة بعض الوظائف التي قد تكون مرهقة جسديًا ونفسيًا”. لكنه في الوقت نفسه دعا إلى “ضرورة عدم تعميم هذا الرأي على جميع المناصب والوظائف”.

مطالب بالتراجع والاعتذار 

في ظل هذا الجدل، تصاعدت الدعوات المطالبة بتراجع أرناؤوط عن تصريحاته وتقديم اعتذار علني. ناشطات حقوقيات أكدن أن مثل هذه التصريحات تكرّس الفكر التمييزي وتعيق الجهود المبذولة لتحقيق المساواة بين الجنسين في سوريا.

واختتمت الناشطة هبة دياب حديثها قائلة: “إذا كنا نطمح لبناء وطن متماسك بعد سنوات من الحرب، فلا بد أن نبدأ بإزالة الحواجز التي تعيق النساء من المساهمة في هذا البناء. المرأة ليست نصف المجتمع فقط، بل هي قوته وطاقته الحقيقية”.

هذا ويظل النقاش حول دور المرأة في سوريا محوريًا، خاصة في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية التي تشهدها البلاد، فيما يرى كثيرون أن مثل هذه التصريحات تمثل عائقًا أمام تحقيق مستقبل قائم على العدالة والمساواة.

المصدر: شفقنا