اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ولعله من الغريب أن تكون عقول الفلاسفة الأكثر تفتحا وحكمة في كل مجالات الحياة معادية للمرأة بشكل صريح وواضح إذ يجهر الفلاسفة الغربيون بتلك المعاداة للجنس اللطيف وكأنها من البديهيات، والوضع أشد انغلاقا في العالم العربي الذي كان يوجه فيه خطاب أكثر قسوة ناحية فكر النساء، وهو ما تجاوزته بشجاعة الكثير من الأقلام النسائية التي بدأت شيئا فشيئا تفتك لها مكانة هامة في عالم الفكر العربي.
ويأتي العدد الجديد من مجلة الفيصل لتجاوز المقولات الراسخة التي روجت لها الذكورية بشكل يجانب الحقيقة، حول أن المرأة كائن عاطفي ولا يصلح للتفلسف وممارسة الفكر.
تاريخٌ ممتد من فرض الرواية الذكورية على التاريخ ألقى بظلاله على بلورة منظور واضح وكلي لإسهامات المرأة في المجال الفكري في ظل هيمنة الفلسفة الذكورية على تاريخ الفلسفة، من هنا تكتسب الكتابات عن الفكر النسائي أهميتها في تبيان الجانب الفكري للنساء اللاتي طالما عانين من حصرهن في دائرة الجسد في مقابل التعتيم على جهدهن الفكري.
وشارك في الملف كل من رسلان عامر، كاتبا عن “غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ”، وخديجة زتيلي بورقة تتساءل فيها “هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟” بينما كتب فرانك درويش مساهمته بعنوان “المرأة في محيط الفلسفة”.
وساهم في الملف كذلك أحمد برقاوي بمقال عنونه بـ”ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟” وكتبت ريتا فرج حول “الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر،” وتناولت يمنى طريف الخولي موضوع “النساء حين يتفلسفن”، أما نذير الماجد فكتب عن “الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟” واختتم الملف بمقال مترجم كتبه كلير مثاك كومهيل وراشيل وايزمان “كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟” وجاء بترجمة سماح ممدوح حسن.
ولعل التركيز على الجانب الفكري للنساء عبر التاريخ وفي الوقت الراهن على المستويين العالمي والعربي يحمل أهمية كبيرة في دحض كل الأوثان الفكرية التي دأبت منذ أزمنة غابرة على التأسيس للنظر إلى المرأة كعاطفة متقدة وفكر قاصر.
وعلاوة على ملفها قدت المجلة حوارا مع المفكر التونسي فتحي التريكي إذ حاوره مرزوق العمري، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم.
وكذلك تضمن العدد حوارا مع الروائي المصري إبراهيم عبدالمجيد، الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط؛ ولكن أن تنظر حولك فترى وطنا لم يعد وطنا، وقد حاوره حسين عبدالرحيم.
ونشر العدد الجديد مقالات متنوعة، إذ نطالع فيه مقالات حول مختلف القضايا الفكرية والأدبية والفنية، من بينها نذكر مقالا للمفكر والفيلسوف المغربي عبدالعزيز بومسهولي حول “الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية،” بينما تناول الكاتب والأكاديمي السعودي عبدالله البريدي “اللغة والقيم العابرة.. مقاربة لفك الرموز”، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة في تمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال “الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي” إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها.
وكتب الروائي والناقد السوري هيثم حسين مقالا بعنوان “أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة”، بينما نقرأ بعنوان “العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية” ليوسف القدرة، و”هومي بابا: درس في الشغف” للطفية الدليمي.
ونشر العدد كذلك عددا من المواد المترجمة فترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي “من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم”. ونقرأ مقالا للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان “مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن”، ومقال “لا تحرر الحرية” لأريانا ماركيتي، ترجمه إسماعيل نسيم.
ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عددا من الموضوعات المهمة، حول عدة ظواهر، فنقرأ مقالات “سقوط التماثيل.. إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات” لنزار أغري. كما نقرأ في ركن ثقافات “هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟” لميليسا فيبوس بترجمة خولة سليمان. وخصص علي حس الفواز بورتريه بعنوان “محمد خضر.. المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر”.
وواصل العدد تقديم مقالات ومواد مختلفة في فن العمارة، وتناول أبرز الكتب والمؤلفات العربية والغربية في قراءات نقدية وافية، بينما خصص التحقيق لقضية الترفيه بعنوان “الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي”، وكتبته هدى الدغفق.
كما نطالع في العدد نصوص “مارتن هيدجر يصحو من نومه” لسيف الرحبي، ومختارات من الشعر الكوري، قدمها محمد خطاب، و”سحر الأزرق” لمشاعل عبدالله، و”معرض وجوه” لطاهر آل سيف، و”سارقة الذكريات” لوجدي الأهدل، ختاما بنص “أوهام الشجر” لمنصور الجهني.
المصدر: العرب