۴۰ في المئة من ضحايا الانتحار في تونس من الشباب

كشف التقرير الشهري للمرصد الاجتماعي التابع للمنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، أن 40 في المئة من ضحايا الانتحار في تونس خلال الربع الأخير من سنة 2024، كانوا من الشباب، بينما مثل الكهول النصف تقريبا، إضافة إلى حالة انتحار لطفل. وأشار التقرير إلى أنه تم تسجيل 22 حالة ومحاولة انتحار تضمنت 17 رجلا و5 نساء. وأكد التقرير أن الشباب يمثل الفئة الأكثر عرضة للانتحار وهو ما يعكس أزمة نفسية واجتماعية تتطلب اهتماما عاجلا

كما أن استئثار الفضاء الخاص (السكن) بعدد كبير من الحالات (۱۱ حالة) يشير إلى الضغط النفسي داخل المحيط الأسري. وفي عام ۲۰۳۲ رصد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ۹۵ حالة انتحار و۵۳ محاولة انتحار أغلبها في صفوف الشباب، وأكثر من ۸۰ في المئة منهم من الذكور. وأوضحت عضو المنتدى رحاب المبروكي أن أعلى نسبة سجلت في ولاية القيروان (وسط) حيث أصبح هذا السلوك ظاهرة ولم يعد يقتصر على حالات فردية، مشيرة إلى أن ذلك يعود لهشاشة الوضعية الاجتماعية والاقتصادية بالجهة.

بدورها أعلنت المكلفة بالإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية نجلاء عرفة في ندوة صحافية في أكتوبر ۲۰۲۱ عن نتائج تقرير شهر سبتمبر ۲۰۲۱ حول الاحتجاجات الاجتماعية والانتحار والعنف والهجرة غير النظامية، أنه تم تسجيل ۱۵ حالة ومحاولة انتحار خلال سبتمبر.

وأكدت عرفة أنه تم تسجيل ۱۵ حالة انتحار ومحاولة انتحار خلال شهر سبتمبر دون اعتبار ما تم تعتيمه أو عدم الإعلام به ليصل المجموع العام لـ ۱۱۶ حالة خلال سنة ۲۰۲۱ وهي نسبة منخفضة نسبيا مقارنة بـ۱۹۱ حالة انتحار تم تسجيلها في الفترة نفسها من سنة ۲۰۲۰٫ وأوضحت أن هناك خمس حالات انتحار في صفوف النساء والنسبة نفسها في صفوف الرجال من مجموع الـ۱۵ حالة.

وبينت أن أكثر الولايات التي تصدرت نسب حالات الانتحار تضم من جديد ولاية القيروان بـ۴ حالات تليها منوبة بحالتين وسوسة بحالتين، موضحة أن أكثر ضحايا الانتحار هم من الفئة التي يتراوح سنها ما بين ۲۶ و۳۵ سنة والتي تعاني بنسبة أكبر من محاولات وحالات الانتحار.

ووجهت عرفة نداء للحكومة للانتباه إلى الشريحة العمرية ما بين ۱۶ و۲۵ و۲۶ و۳۵ الأكثر تضررا بمحاولات وحالات الانتحار والتي تتطلب لفتة اجتماعية من الحكومة. وأشارت إلى أن أكثر الآليات المعتمدة في عمليات الانتحار كانت بنسبة اكبر حرقا بـ۳۳٫۳ في المئة وبآلية رمي النفس ببئر أو من أعلى سطح مبنى بلغت نسبة ۲۶٫۷ في المئة في ما انخفضت حالات الانتحار باعتماد الشنق إلى ۱۳٫۶ في المئة أما بالمواد السامة فقد بلغت ۲۰ في المئة.

وفسّر عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر تنامي ظاهرة الانتحار في صفوف الشباب بثقل العبء الاجتماعي والأسري الملقى على عاتقهم، إذ باتت هذه الفئة تواجه صعوبات كبيرة بعد جائحة كورونا، ما من شأنه أن يخلف أزمات نفسية حادة، تنتهي لدى بعضهم بالانتحار.

وقال بن عمر إن “الفئات المهددة بالانتحار الناجم عن الأزمات النفسية هي الأكثر مواجهة للتحديات الاجتماعية، والمثقلة بالالتزامات العائلية التي زادت بسبب فقدان كثيرين الشغل من جراء الجائحة،” مشيرا إلى أن البيانات الشهرية التي تصدر عن المنتدى لا تعكس الأرقام الحقيقية المتعلقة بالانتحار، “فالأرقام أكبر بكثير مما يتم رصده وتوثيقه.”

وأضاف أن الهياكل الرسمية لوزارة الصحة لا تفصح عن الأرقام الحقيقية، والبيانات المعلنة تعتمد على رصد الحالات المنشورة عبر وسائل الإعلام، والتي باتت بدورها أكثر تحفظا في التعاطي مع ظاهرة الانتحار، كما أن اللجنة المتخصصة في رصد حالات الانتحار بوزارة الصحة أصبحت شبه منحلة منذ عام ۲۰۱۶، ولم تصدر إلا تقريرا وحيدا عن هذه الظاهرة الخطيرة التي تتصاعد بسبب قلة الرعاية النفسية لمن يشكون من صعوبات تؤدي إلى محاولة وضع حد لحياتهم.”

وأرجع بن عمر رصد أكبر عدد من حالات الانتحار في العاصمة التونسية إلى التحديات المعيشية داخل المناطق الحضرية، مؤكدا أن الأحياء الفقيرة في محيط العاصمة تشكو من هشاشة أكبر، ما يؤثر على الصحة النفسية لسكانها، والأزمة الاقتصادية المتبوعة بأزمات نفسية تكون أكثر وطأة في المناطق الحضرية عنها في مناطق الريف، نظرا لاختلاف المتطلبات المعيشية، وهو ما يفسر قلة حالات الانتحار في الأرياف، وكذا قلتها بين النساء باعتبارهن أكثر قدرة على مجابهة المصاعب الاجتماعية.

وتواجه تونس أيضا ظاهرة انتحار الأطفال. وقالت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بلحاج موسى سابقا “إن ۲۵۹ طفلا قاموا بمحاولة انتحار خلال سنة ۲۰۲۲ مقابل ۱۹۴ طفلا سنة ۲۰۲۱ أي بزيادة بنسبة ۳۳ بالمائة.” وأبرزت، خلال لقاء بمناسبة اختتام شهر حماية الطفولة خصص لعرض البيانات الإحصائية لنشاط مكاتب مندوبي حماية الطفولة لسنة ۲۰۲۲، أن ۸۰ في المئة من محاولات الانتحار تم تسجيلها لدى الفتيات. وشددت بالحاج موسى على أن الوزارة ستشرع في إنجاز دراسة للوقوف على خصائص محاولات الانتحار في صفوف الأطفال بهدف فهم أسباب هذه الظاهرة بشكل علمي وموضوعي.

المصدر: العرب