إدماج النساء المغربيات العاملات في برنامج “وفيرة” يقيهن الخصاصة

يهدف برنامج “وفيرة” إلى إدماج العاملات الزراعيات اللاتي يرمن مغادرة قريتهن أو مدينتهن بالمغرب والتوجه إلى دولة ما للشغل واكتساب تجربة مهنية والحصول على دخل قبل قرار عودتهن ونهاية مدة عملهن، وفق ما كشفه وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات يونس السكوري، تزامنا مع انطلاق الرحلات لنقل العاملات الموسميات إلى الضيعات الزراعية بإسبانيا لموسم 2025.

واعتبر السكوري أن الشراكة بين المغرب وإسبانيا في مجال إدماج المهاجرين (من أجل العمل) أثمرت تعاونا إيجابيا مكن من إدماج النساء العاملات بشكل موسمي في مشاريع الجارة الشمالية في إطار برنامج “وفيرة”، والتي استفادت منها ۲۰۹ نساء أنجزن مشاريع مدرة للدخل.

وأضاف المسؤول الحكومي، ضمن كلمته في حفل اختتام مبادرة “وفيرة” وإطلاق النسخة الثانية منها، أن هذا المشروع “يروم إدماج من يقرر مغادرة قريته أو مدينته الأصلية ويفترق عن أهله وذويه بهدف التوجه إلى دولة ما للشغل واكتساب تجربة مهنية والحصول على دخل قبل قرار عودته ونهاية مدة عمله،” مؤكدا أنه “حينما نعود النساء المعنيات بهذه الهجرة فإنهن لن يصبحن نفس الأشخاص ولن يبقين في نفس الحالة الاجتماعية التي غادرن فيها، وبالتالي لا بد من بذل مجهود لإعادة إدماجهن في هذا المشروع.”

جمعيات حقوقية تطالب ببذل جهود إضافية عبر تنظيم السلطات المغربية حملات توعية لتمكين هؤلاء النسوة من معرفة الحقوق التي اكتُسبت لصالحهنّ في السنوات الأخيرة

وأطلقت رابطة فيدرالية حقوق النساء نداء لتعزيز الجهود المبذولة من أجل تحسين ظروف وشروط العمل والإقامة، بما يضمن كرامة العاملات الموسميات ويحفظ حقوقهن، مع ضمان بيئة عمل تصون الكرامة، منوهة بوجود تحسن ملحوظ في هذه الظروف بالمقارنة مع سنوات خلت، عندما كانت فيها الأوضاع مزرية، وتم تسجيل انتهاكات خطيرة، ليس وفقا لتصريحات فقط بل انطلاقا من زيارات ميدانية نفذتها الرابطة وواكبت فيها ملفات عديدة، كما سجلت الحاجة إلى “بذل المزيد من الجهود للقضاء عليها تماما.”

وأكدت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، لـ”العرب” أن الفيدرالية كان لها ترافع طويل عن ملف العاملات الزراعيات في حقول الفراولة بالجارة الشمالية، إذ قدمت توصيات عديدة إلى السلطات المغربية والإسبانية من أجل الحد من هضم حقوقهن من قبل المشغلين وتحسين ظروف اشتغالهن، مردفة أن “التعديلات التي أجريت على قانون عمل المهاجرين في إسبانيا حسنت وضعهن بشكل ملموس.”

وبحكم أن العالم في حركية مستمرة اعتبرت إلما سايز ديلغادو، وزيرة الإدماج والحماية الاجتماعية والهجرة الإسبانية، ضمن كلمتها في الفعالية نفسها، أن مبادرة “وفيرة” تبين أن تدابير الهجرة ليست أساسية فقط وإنما هي واجبة، وهذا ما أثبتته العلاقات والتعاون بين المغرب وإسبانيا في هذا المجال، مشيرة إلى أن هذه المبادرة تبين القدرة على استباق حاجة السوق الإسبانية إلى اليد العاملة من خلال تأطير العاملات الزراعيات ومواكبتهن.

وتعتبر مبادرة “وفيرة” من المشاريع المدرة للدخل والنموذجية لتنمية ريادة الأعمال النسائية لفائدة العاملات المهاجرات الموسميات من المجتمعات القروية بالمملكة، حيث أكدت الوزيرة الإسبانية أنها فرصة سانحة للتحول و”تمكين النساء العاملات بشكل موسمي من اكتساب تقنيات وريادة أعمال حينما يعدن إلى مجتمعاتهن، وفرصة لتوسيع هذه التجربة من خلال الاستعداد لإطلاق الجزء الثاني من “وفيرة” لفتح أهدافها على آفاق جديدة.”

من جهته أشار السكوري إلى أن هذا المشروع بالغ الأهمية ويعكس التعاون والانسجام المتفق عليه بين المملكة المغربية وشريكتها الإسبانية بدعم من الاتحاد الأوروبي، مشددا على أن مثل هذه المشاريع مرجعية بحكم أنها تدمج الأفراد في المجتمع بعد انتهاء فترة عملهم في الدول المستقبلة لهم.

مثل هذه المشاريع مرجعية بحكم أنها تدمج الأفراد في المجتمع بعد انتهاء فترة عملهم في الدول المستقبلة لهم

ويعتبر برنامج “وفيرة” مبادرة للهجرة الدائرية التي تهدف إلى منح العاملات القرويات المغربيات فرصًا لاكتساب خبرات دولية، وتطوير مهاراتهن، وتحقيق دخل، إذ يساهم البرنامج في دمجهن الاجتماعي والاقتصادي من خلال إنشاء أنشطة مدرة للدخل، خاصة تحت نظام المقاول الذاتي، كما يعزز تنمية المجتمعات الأصلية للمشاركات ويساعدهن على تعزيز استقلالهن المالي.

وبفضل هذه المبادرة سيغادر نحو ۱۸٫۸۰۰ شخص، غالبيتهم من النساء، إلى إسبانيا في عام ۲۰۲۵ للعمل في وظائف موسمية، إذ سيتم توفير إشراف دقيق على ظروف عملهم وحقوقهم خلال فترة عملهم هناك.

وطالبت جمعيات حقوقية نسائية ببذل جهود إضافية عبر تنظيم السلطات المغربية حملات توعية لتمكين هؤلاء النسوة من معرفة الحقوق التي اكتُسبت لصالحهنّ في السنوات الأخيرة، كي لا يسمحنَ بأي سلوك يتعارض مع المقتضيات القانونية، منبهة إلى أن القوانين الإسبانية عدلت لفائدتهنّ.

وأكدت المديرة العامة للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، إيمان بلمعطي، أن هذه المبادرة تندرج ضمن برنامج التنقل الدائري الذي يجسد نموذجا للشراكة الناجحة بين المغرب وإسبانيا في مجال التشغيل وتنقل اليد العاملة، مشددة على أهمية هذا البرنامج الذي ينسجم مع الرؤية الوزارية لوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، والتي تسعى لتعزيز التنقل المهني الدولي وتطوير فرص العمل للنساء المغربيات في ظروف تحفظ كرامتهن وتضمن حقوقهن.

وأعلنت جمعية منتجي ومصدري الفراولة مؤخرا عن قرارها توسيع استقدام العاملات الموسميات من المغرب، في إطار معالجة نقص اليد العاملة الذي شهدته الحملة السابقة، حيث تم ترك حوالي ۳۰۰۰ وظيفة شاغرة من الحصة المقررة للعاملين الموسميين، وهو ما أثر بشكل ملحوظ على الإنتاج الزراعي في ويلبا، أحد أكبر المراكز الأوروبية لإنتاج الفراولة.

المصدر: العرب