مهاجرات أفريقيات ضحايا شبكات الاتجار بالبشر

في ظل تصاعد موجات الهجرة من أفريقيا نحو أوروبا، تكشف تقارير حقوقية عن واقع مأساوي تعيشه آلاف الشابات الأفريقيات اللاتي وجدن أنفسهن ضحايا لشبكات الإتجار بالبشر، بعد أن خدعن بوعود العمل والحياة الكريمة.

ووفق تقرير نشره موقع “إنفو ميغرون” الفرنسي، تسلط قصتا بلسينج من نيجيريا، وسارة من كوت ديفوار، الضوء على حجم الاستغلال الذي تتعرض له النساء المهاجرات، لاسيما في إيطاليا، حيث يُجبرن على امتهان الدعارة لسداد ديون مفروضة عليهن من قبل المهرّبين.

وأشار التقرير إلى أن “بلسينج، القادمة من نيجيريا، وسارة، من كوت ديفوار، خُدعتا من قِبل مهربين أوهموهما بفرص عمل وحياة جديدة، لكن ما إن وصلتا أوروبا حتى فوجئتا بمطالب مالية ضخمة وواقع مرير، لم يكن أمامهما سوى القبول بالدعارة كوسيلة لسداد الديون”.

بلسينج، التي تحمل شهادة في علوم الحاسوب، غادرت نيجيريا قبل أكثر من عقد متوجهة إلى  بعدما وُعدت بوظيفة محترمة، لكنها تقول: “حين وصلت، لم يكن هناك عمل ولا تأشيرة، كان فخًا”.

أُجبرت بعدها على الانتقال إلى نابولي بإيطاليا، حيث أُبلغت بأنها مدينة بـ۶۵ ألف يورو، قيمة “رحلتها”، ولم يكن أمامها خيار سوى بيع جسدها لسداد الدين.

أما سارة، فكانت رحلتها أكثر قسوة، خُدعت في كوت ديفوار من أشخاص وثقت بهم، ووصلت إلى ليبيا العام ۲۰۱۸، وهناك تعرضت للسجن والاغتصاب من قبل أحد الحراس، وأنجبت طفلًا في زنزانتها، وبعد الإفراج عنها، التقت امرأة وعدتها بالمساعدة، ثم عرضت عليها عبور البحر الأبيض المتوسط مقابل “الدفع لاحقًا”.

وافقت سارة، وركبت القارب مع ابنها، لتصل إلى إيطاليا حيث استقبلها “معارف المهرّبة”، وبعد أيام، أُبلغت بأن وقت السداد قد حان: “قالوا لي: يجب أن تدفعي الآن، بمعنى آخر: بيعي جسدك لسداد الديون”، كما روت بتأثر.

وفي شتاء ۲۰۲۳، هربت سارة إلى فرنسا وقدّمت طلب لجوء، لكنها تخشى إعادتها إلى إيطاليا، تقول: “إذا عدت، سيجدونني أنا خائفة جدًا”.

وبين التقرير، ان “قصتي بلسينج وسارة ليستا استثناءً، بل هما جزء من ظاهرة أوسع، فوفقًا لخط المساعدة الوطني لمكافحة الاتجار بالبشر في إيطاليا، يتعرض ما بين ۱۵ ألف إلى ۲۰ ألف شخص سنويًا لخطر الاستغلال، ويظل الاستغلال الجنسي هو الشكل الأكثر شيوعًا، خاصة بين النساء القادمين من نيجيريا (۶۸٫۴%)، كوت ديفوار (۳٫۵%)، وباكستان (۳%)”.

واوضح ان “الأرقام الرسمية لا تعكس الحقيقة الكاملة، إذ تؤكد المفوضية الأوروبية أن الإحصاءات المتاحة أقل من الواقع بسبب “صعوبة التعرف على الضحايا” و”خوف كثيرات من الإبلاغ خشية الترحيل أو الانتقام”.

وبهذا الصدد تقول مارجو برنارد من منظمة أطباء بلا حدود: “نشك في حالات كثيرة لنساء بمفردهن أو برفقة رجال غرباء، لكنهن يرفضن الكلام، ولا نريد أن نعرضهن للخطر”.

أما المحامية الإيطالية كاثلين تائيب، فتشير إلى أن “المهاجرات يُجبرن على تسديد ديون تتراوح بين ۳۵ و۴۰ ألف يورو في أقصر وقت ممكن، ما يدفعهن للاستسلام للاستغلال”.

ورغم قسوة التجربة، نجحت بلسينج في الخروج من دائرة العبودية، ففي عام ۲۰۱۸، أسست جمعية “Weavers of Hope” قرب نابولي، لتقديم الدعم النفسي والتدريب المهني للناجيات من الاتجار.

وتقول: “أريد أن أقول لكل امرأة واقعة تحت هذا الظلم إن هناك مخرجًا، وإن الحياة تستحق أن تُعاش”.

أما سارة، التي فرّت من جحيم ليبيا ثم من الاستغلال في إيطاليا، لا تزال تترقب مصيرها في فرنسا، يحاصرها الخوف لكنها تتمسك بالخيط الأخير من الأمل.

شفقنا