الأمومة في زمن الحرب: كيف تدمر غزة أحلام الأمهات وتُحيل حياة الأطفال إلى كابوس؟

في غزة، حيث لا تهدأ أصوات القصف، تنقلب مفاهيم الحياة رأسًا على عقب. تصبح الأمومة معركة يومية من أجل البقاء، ويتحوّل الطفل – الذي يفترض أن يكون محميًا – إلى معيلٍ يحمل أعباء تفوق سنوات عمره.

بين ركام المنازل وندرة الغذاء والخوف المستمر، تعيش النساء والأطفال واقعًا نفسيًا واجتماعيًا قاسيًا، تصعب فيه ملامح الطفولة وتتشوه فيه ملامح الأمل.

الأمهات… بين الفقد والنجاة

تُشير بيانات وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن أكثر من 35 ألف أم فقدن أطفالهن منذ بداية العدوان، وأصبح الحزن جزءًا من حياتهن اليومية.
وتُظهر تقارير نفسية أن 85% من الأمهات يعانين من اضطرابات نفسية حادة نتيجة الفقد أو النزوح القسري، بينما 50 ألف امرأة حامل تواجه خطر الولادة في بيئة تفتقر لأبسط مقومات الرعاية الصحية.

تقول أم شام، التي فقدت طفلتها البالغة من العمر سنتين ونصف في قصف استهدف منزلهم بمخيم النصيرات: “كنت أحلم أن أرى ابنتي تكبر بين يديّ، أن أضفر شعرها وأحضنها عند النوم… لكن الحرب سرقتني منها إلى الأبد.”

 

الأطفال… من الحماية إلى الإعالة

لم يسلم الأطفال من تبعات الحرب النفسية والاجتماعية.

  • ۴۰ ألف طفل فقدوا عائلاتهم بالكامل، ليجدوا أنفسهم مسؤولين عن أشقائهم رغم صغر سنهم.
  • ۲۰ ألف طفل دون العاشرة أصبحوا أيتامًا بلا أم أو أب، يكافحون يوميًا للبقاء على قيد الحياة وسط الجوع والخوف.

محمد قديح… طفل في العاشرة يحمل عبء العائلة

بعد استشهاد والده، أصبح محمد قديح هو المعيل الوحيد لعائلته. يوازن يومه بين الدراسة في خيمة تعليمية، والعمل مع بائع متجول يبيع “الشراب المثلج” في شوارع غزة.

يقول محمد:

“لا أستطيع الراحة، أمي وإخوتي بحاجة إليّ… أحيانًا أبحث عن دقيق لساعات دون أن أجد. لا أعرف كيف سأكمل دراستي، لكني لا أملك خيارًا آخر.”

رغم براءة وجهه وصغر جسده، يحمل محمد همّ عائلة كاملة، ويخوض معركة يومية من أجل البقاء، في مشهد يتكرر في آلاف البيوت الفلسطينية.

صدمة نفسية جماعية

تُظهر تقارير منظمة الصحة العالمية أن 90% من أطفال غزة يعانون من اضطرابات نفسية تتراوح بين القلق والاكتئاب والتبول اللاإرادي، نتيجة الصدمات المستمرة.

ويحتاج أكثر من 120 ألف شخص في غزة إلى دعم نفسي عاجل، في وقت نزح فيه 85% من السكان قسرًا، مما تسبب في تفكك آلاف الأسر وفقدان الإحساس بالأمان والانتماء.

نساء FM