المرأة السورية تحت نيران الانتهاكات عام ۲۰۲۵ 

تكشف سلسلة الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق النساء السوريات منذ مطلع عام 2025 وحتى اليوم، عن ملامح واقع قاتم لما هو مقبل، فقد وُثّق مقتل أكثر من 635 امرأة، إلى جانب اختطاف المئات، لا سيما في مناطق السويداء والساحل، ضمن بيئة أمنية متدهورة.

تعرّضت النساء في سوريا خلال عام ۲۰۲۵ لسلسلة من الانتهاكات الجسيمة، بدأت بالاستبعاد الممنهج من مواقع صنع القرار ومساهمتهن في رسم مستقبل البلاد، وتواصلت بأشكال أكثر عنفاً كحالات القتل، والخطف، والاعتداء الجنسي، خصوصاً في مناطق الساحل والسويداء.

توجهات إقصائية

ورُصدت خلال العام تصريحات متكررة لمسؤولين في الحكومة الانتقالية في سوريا، تعكس توجّهاً لإقصاء النساء من المراكز القيادية. أبرزها تصريح ما يُعرف بالمتحدث باسم الحكومة عبيدة أرناؤوط، الذي برر استبعاد النساء من المجالات العسكرية والأمنية بـ “الطبيعة النفسية والبيولوجية للمرأة”، في خطاب يعتبر كامتداد للفكر الذكوري المهيمن، ما أثار انتقادات واسعة.

وفي السياق ذاته، صرّحت رئيسة مكتب شؤون المرأة في الحكومة الانتقالية عائشة الدبس، بأن “مكان المرأة الطبيعي هو المنزل”، وأكدت رفض تعيين نساء لا يلتزمن بالنهج الديني والثقافي للحكومة، في ظل وجود امرأة واحدة فقط في الحكومة، ضمن حقيبة ثانوية ودون صلاحيات واضحة.

كما أثار الإعلان الدستوري المطروح من قبل الحكومة جدلاً واسعاً، بسبب غياب أي نصوص تضمن تمثيل النساء في الحياة السياسية أو في لجان صياغة الدستور. 

وقد أشار تقرير صادر عن المجلس النسائي السوري إلى أن المشروع يكرّس تركيز السلطة التنفيذية بيد رئيس الحكومة، مع إقصاء واضح للنساء.

أرقام صادمة للنصف الأول من ۲۰۲۵

ومنذ مطلع العام الجاري وحتى الآن، قتلت أكثر من ۶۳۵ امرأة نتيجة القتل المباشر في مجازر وأحداث عنف متفرقة داخل مناطق سيطرة الحكومة الانتقالية، وفق تقارير صادرة عن “المرصد السوري”، و”شبكة الراصد”، و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”. 

كما سجّلت هذه الجهات الحقوقية أكثر من ۴۰۰ حالة اختفاء قسري، إلى جانب العديد من حالات الخطف التي استهدفت النساء والشابات في مختلف المدن السورية.

وفي شباط ۲۰۲۵، وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال امرأتين ضمن حملة شملت ۲۰۰ حالة اعتقال تعسفي في ريفي دمشق وحماة. 

كما أفادت نساء من إدلب وسهل الغاب وريف حلب الغربي بتعرضهن لمضايقات واستدعاءات أمنية بسبب نشاطات مدنية أو آراء سياسية.

مجازر دامية في السويداء والساحل

وعلى الصعيد الميداني، تحولت السويداء وريفها في تموز الجاري، إلى مسرح لانتهاكات دموية طالت النساء والأطفال بشكل مباشر. 

ففي ۱۳ من الشهر نفسه، قُتل طفل في حي المقوس برصاص الاشتباكات. وفي ۱۵ تموز، قُتلت امرأة وطفلان داخل مضافة آل رضوان خلال عملية إعدام جماعي.

وبين ۱۶ و۱۹ تموز، وُثّقت إعدامات ميدانية لأكثر من ۱۸۰ شخصاً، بينهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى جرائم حرق متعمد داخل المنازل. 

وفي ۱۷ تموز، قُتلت الطبيبة فاتن هلال برصاصة أثناء توجهها إلى عملها.

وفي ۱۹ تموز، قُتلت امرأة من عشائر البدو مع أطفالها الثلاثة بعد اقتحام منزلهم. كما تم توثيق اختفاء نحو ۷۰ امرأة وشابة درزية منذ اندلاع الصراع في السويداء.

كما شهدت مناطق الساحل السوري بين ۶ و۱۰ آذار، هجمات واسعة نفذتها مجموعات مسلحة تابعة للحكومة الانتقالية، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ۱,۰۶۰ شخصاً، بحسب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، وأشار المركز في تقرير صادر عنه إلى وقوع العديد من الانتهاكات الأخلاقية، من تعذيب، وضرب، وإهانات طائفية، إلى تهديدات بالقتل وترويع الأطفال.

كما أفادت وكالة رويترز بأن عدد الضحايا بلغ نحو ۱,۴۰۰ قتيل، في حين تؤكد مصادر محلية أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.

وأفادت تقارير محلية، بتعرض مئات النساء في اللاذقية وحمص وحماة وطرطوس، للاختطاف ولا يزال مصير العديد منهن مجهولاً. كما لم يتم نشر أي تحقيق أو تقارير رسمية أو محاسبة المتورطين فيها.

تشريعات مقيدة للحريات الشخصية

وفي حزيران ۲۰۲۵، فرضت الحكومة الانتقالية قانوناً يلزم النساء بارتداء “الزي الشرعي” في الأماكن العامة، مع فرض غرامات أو الطرد من المكان للمخالفات. 

كما تم توثيق حملات تفتيش من قبل ما يُعرف بـ “الشرطة الأخلاقية”، استهدفت النساء في الشواطئ والمرافق العامة، وسط استثناء واضح للمقرّبات من القوى النافذة.

وکالة‌ هاوار للأنباء