الفحوص تشمل الأمراض الوراثية والمعدية والصحة النفسية وتعاطي المخدرات.

البحرين تسعى لتحصين الأسرة بتوسيع حزمة فحوص ما قبل الزواج

يسعى مشرعون بحرينيون إلى الدفع قدما بمشروع يوسع دائرة فحوص ما قبل الزواج لتشمل الناحية النفسية وتعاطي المخدرات، من أجل المساهمة في تحصين الأسرة مستقبلا والحد من حالات الطلاق التي تشهد تزايدا ملحوظا.


المنامة – ناقش مجلس النواب البحريني مقترح قانون جديد يهدف إلى توسيع نطاق الفحص الطبي الإلزامي قبل الزواج، كي لا يقتصر على الأمراض الوراثية والمعدية فحسب، بل يشمل أيضا الصحة النفسية والكشف عن تعاطي المخدرات أو المواد غير المشروعة، باعتبارها عوامل تؤثر بشكل مباشر في استقرار الحياة الأسرية.

ويعتبر الفحص الطبي السابق للزواج إحدى الركائز الأساسية للوقاية الصحية وضمان حياة أسرية مستقرة وحماية الأجيال القادمة من الأمراض الوراثية والمعدية. كما أنه خطوة حاسمة نحو زواج ناجح وأسرة متماسكة ومجتمع أكثر أمانا وذلك في ظل التحولات الاجتماعية المتسارعة وتزايد المشاكل الصحية.

وينص المقترح على إلزام المقبلين على الزواج بإجراء فحوص شاملة، تتضمن الأمراض الوراثية والمعدية، والصحة النفسية، إضافةً إلى فحص تعاطي المواد المخدرة، مع منح وزير الصحة صلاحية تحديد فحوص إضافية عند الحاجة.

كما يلزم القانون الأطباء المختصين بتقديم المشورة للطرفين، ويُحمل المكلفين بإبرام عقود الزواج مسؤولية التأكد من استكمال الفحوص قبل إتمام عقد الزواج. وأكدت النائبة باسمة مبارك، وهي من بين مقدمي المقترح، أن الهدف من التعديل هو ترسيخ مفهوم “الفحص الشامل قبل الزواج” بدلًا من الفحص التقليدي، بما يضمن تأسيس أسر مستقرة وسليمة صحيّا.

وأشارت مبارك إلى أن الكثير من حالات الطلاق والتفكك الأسري تعود إلى غياب هذا النوع من الفحوص، موضحةً أن الكشف المبكر عن تعاطي المخدرات أو الاضطرابات النفسية يساعد في تحديد مدى ملاءمة الطرفين للزواج. ولفتت إلى تجارب إقليمية ناجحة، مثل برنامج الفحص الطبي في السعودية، الذي أسهم في تقليص حالات الزواج عالية الخطورة بنسبة ۶۰ في المئة خلال ست سنوات، لذلك فإن تحديث التعريف القانوني للفحص الطبي يعزّز وقايةً صحيةً ونفسيةً واجتماعيةً للأسرة البحرينية.

وبحسب المذكرة الإيضاحية للمقترح، فإن الدستور البحريني يؤكد على أهمية رعاية الأسرة وحمايتها، معتبرًا إياها ركيزة لبناء مجتمع مستقر. وأوضحت أن مفهوم الصحة العامة لم يعد يقتصر على الأمراض الجسدية، بل يشمل الصحة النفسية ومخاطر الإدمان التي قد تؤثر سلبًا على الزوجين والأبناء.

وتؤكد الدراسات أن الزوجين اللذين يعاني أحدهما من تعاطي المخدرات أو الكحول يعيشان توترا شديدًا وضعفًا في التواصل، ما يزيد احتمالات الانفصال. وهو ما ينعكس عالميًا أيضًا، إذ تشير دراسات أميركية إلى أن أكثر من ۳۲۱ ألف طفل فقدوا أحد والديهم بسبب الجرعات الزائدة خلال عقد واحد فقط.

وبحسب صحيفة “الأيام” المحلية، سجلت البحرين أكثر من ۱۲٫۳۹۵ حالة زواج في عامي ۲۰۲۰ و۲۰۲۱، مقابل ۱٫۷۲۴ حالة طلاق في عام واحد، لافتة إلى أن هذه المعدلات وفق مختصين تكشف الحاجة إلى تعزيز عوامل الوقاية من الانفصال المبكر، لاسيما في مجتمع تتزايد فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية.

وعادة ما تتضمن الفحوصات الطبية السابقة للزواج استشارة طبية متخصصة لتحاليل دم هامة وخاصّة، تليها جلسات إرشاد ومشورة صحية بناء على النتائج، كما توفر العيادات معلومات مهمة تساعد على اتخاذ قرارات صحية واعية بشأن الإنجاب، وتساهم في الحد من انتقال العدوى داخل الأسرة والمجتمع، وتشكل إضافة فحوصات جديدة تتعلق بالصحة النفسية وتعاطي المخدرات نقلة نوعية بهذا الشأن تحصن الأسرة المستقبلية من تداعيات ومخاطر كبيرة. وبالتالي تحافظ على تماسك المجتمع.

وتكمن أهمية فحوصات ما قبل الزواج في وضع خطة عائلية سليمة، وتعد هذه الفحوصات برنامجا أساسيا لجميع الأزواج، وتشمل تقييم مدى الاستعداد لإنجاب الأطفال، وتحديد المشاكل المحتملة أو الحالات الصحية التي قد تؤثر على الحمل والجنين، ووضع خطة علاجية مناسبة لزيادة الخصوبة في حال وجود مشكلة.

ومن أهم الفحوصات التي يجب الخضوع لها فحص الأمراض المنقولة جنسيًا، ومن أكثرها شيوعًا التهاب الكبد الوبائي ب، وفايروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وفايروس الورم الحليمي البشري، وهي أمراض تحدث بصمت مع أعراض غير واضحة، لذلك يصعب ظهورها في مرحلة مبكرة. وإذا دخل المرض مرحلة خطيرة، أو انتشر إلى الزوج أو الزوجة، أو انتقل من الأم إلى الطفل، فسوف يؤثر بشكل كبير على صحة الأسرة ويزيد من أعباء الحياة الأسرية.

ويساعد فحص ما قبل الزواج على اكتشاف الأمراض المنقولة جنسيًا، وإذا كان أحد الزوجين يعاني من أحد هذه الأمراض فلا يزال بإمكان الزوجين منع انتقال العدوى المتبادلة من خلال إجراء الفحوصات قبل الزواج. بالإضافة إلى ذلك، وبناءً على نتائج الاختبار، سيقدم الطبيب تدابير العلاج والتعليمات حول كيفية الحماية. وبفضل الاكتشاف المبكر والعلاج يعد الفحص أيضًا عاملًا مهمًا للمساعدة في تقليل خطر العقم أو الإجهاض لأنه يتم التحكم فيه بنشاط في وقت مبكر.

وتعتبر فحوصات ما قبل الزواج للرجل والمرأة مفتاح تحقيق السعادة الزوجية، لتكوين أسرة كاملة مكونة من أب وأم وطفل سليم معافى، وتجنب مجموعة واسعة من المشكلات مثل الاضطرابات الوراثية والأمراض المنقولة بالدم والأمراض المعدية، وبالتالي يمكن تقديم العلاجات المناسبة في حالة اكتشاف أي تشوه.

العرب