سعاد رجب.. تقهر الإعاقة وتلهم السينما .. «بطلة».. فيلم وثائقي ليبي جديد

لم يكن الفيلم مجرد عرض سينمائي فحسب.. بل هو رسالة مفتوحة حول الحقوق المنسية لذوي الاحتياجات الخاصة. وتجسيد لإرادة شابة رفضت الاستسلام.. لتصبح قصتها وثيقة بصرية تعكس التحدي والإصرار.

قدمت شركة «ضُوّاية للإنتاج» سنة ۲۰۲۴ فيلمًا وثائقيًا قصيرًا، حمل توقيع المخرج محمد مصلي، ومدير التصوير محمد القصيّر، ومساعد مخرج نهلة بن صالح، ليسلط الضوء على قصة استثنائية لبطلة رياضية من ذوي الاحتياجات الخاصة، هي سعاد رجب، التي تحوّلت معاناتها إلى مصدر إلهام داخل ليبيا وخارجها.

الفيلم، الذي عُرض لأول مرة في مدينة بنغازي بحضور لجنة صياغة الدستور، تناول ثلاث قضايا رئيسية تمس واقع ذوي الاحتياجات الخاصة:

إيقاف المعاش الأساسي للمرأة عند الزواج، بناءً على قانون قديم صدر عام ۱۹۸۵، مقابل تجاهل تنفيذ قانون حديث صدر عن البرلمان عام ۲۰۱۷ في بنغازي، يضمن استمرار المعاش حتى بعد الزواج.

ضعف دمج ذوي الإعاقة في سوق العمل، وغياب السياسات الفاعلة لتمكينهم اقتصاديًا.

غياب الدعم الكافي لرياضيي ذوي الاحتياجات الخاصة، رغم ما يحققونه من إنجازات فردية.

رحلة كفاح يومية

تدور قصة الفيلم حول سعاد رجب، الشابة القادمة من مدينة تاورغاء الليبية، والتي تضطر لقطع أكثر من ۲۰ كيلومترًا ثلاث مرات أسبوعيًا إلى مدينة مصراتة، لممارسة التمارين الرياضية استعدادًا للمشاركة في البطولات. وكانت في البداية تتحمل تكاليف المواصلات بنفسها، بما يقارب ۳۰ دولارًا ذهابًا وإيابًا، قبل أن يتدخل صندوق التضامن الاجتماعي لاحقًا، لتوفير وسيلة نقل لها، وإعادة صرف معاشها الأساسي، الذي لا يتجاوز ۱۲۰ دولارًا.

جرح اللقاح

يحمل الفيلم أيضًا بُعدًا إنسانيًا حساسًا، إذ يكشف أن سبب إعاقة سعاد يعود إلى تلقيها لقاح شلل الأطفال في عمر ستة أشهر، مما أدى إلى ارتفاع حرارة تسبب بشلل في رجلها اليسرى. المخرج رصد شهادات لأربع حالات مشابهة بين تاورغاء ومصراتة، مما يفتح باب التساؤلات حول صلاحية اللقاحات وظروف تخزينها.

لم يكن الفيلم مجرد عرض سينمائي، بل هو رسالة مفتوحة حول الحقوق المنسية لذوي الاحتياجات الخاصة في ليبيا، وصرخة ضد التهميش الإداري والقانوني، وتجسيد لإرادة شابة من تاورغاء رفضت الاستسلام، لتصبح قصتها وثيقة بصرية تعكس التحدي والإصرار.

صدى واسع وجوائز مستحقة

الفيلم، الذي عُرض في بنغازي ثم في مصراتة وطرابلس، أحدث صدى إعلاميًا واسعًا، حيث سلطت وسائل الإعلام المحلية الضوء على قضاياه، ودفع بلجنة صياغة الدستور إلى مناقشة حقوق ذوي الإعاقة ضمن اجتماعاتها.

وعلى صعيد الجوائز، حقق العمل نجاحًا ملحوظًا، حيث فاز بجائزة أفضل سيناريو لفيلم وثائقي قصير في مهرجان ليبيا الدولي للأفلام القصيرة ۲۰۲۴، وحصل على تنويه خاص من لجنة التحكيم بمهرجان أيام سينمكنة للأفلام الشعرية بمدينة المكنين في تونس. كما يواصل رحلته بالمشاركة في محافل إقليمية ودولية، من بينها:

مهرجان عنابة المتوسطي بالجزائر (سبتمبر ۲۰۲۵)، في فئة الأفلام الوثائقية القصيرة لجائزة عمار العسكري.

مهرجان HECare في تورنتو – كندا (أكتوبر ۲۰۲۵).

القبس