اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول ۲۰۲۳، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي نحو ۱۲ ألفاً و۵۰۰ امرأة فلسطينية، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فيما تعيش عشرات آلاف الناجيات وسط ظروف إنسانية قاسية في مخيمات نزوح بمختلف أنحاء القطاع المحاصر.
ومع تواصل القصف الإسرائيلي واتّساع رقعة الدمار، اضطرّت آلاف من نساء غزة إلى النزوح والعيش في خيام نُصبت فوق ركام منازل، أو في ساحات مدارس ومستشفيات، أو على جوانب طرقات. وقد تحوّلت هذه الخيام إلى مأوى هشّ يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة والخصوصية، علماً أنّ النساء الفلسطينيات يواجهنَ البرد القارس شتاءً والحرّ الشديد صيفاً، وسط غياب شبه تام للخدمات الصحية والمياه النظيفة. ومع مرور الوقت، لم تعد هذه الخيام مجرّد مأوى مؤقّت، بل صارت عنواناً لمعاناة متواصلة تحت القصف الإسرائيلي والتجويع الممنهج، وغياب الأمان ونقص الغذاء والدواء، من جرّاء الحصار المطبق الذي يفرضه الاحتلال.
إلى جانب ظروف النزوح القاسية، تتضاعف معاناة الحوامل مع انهيار المنظومة الصحية التي دمّرته حرب الإبادة الإسرائيلية. فغياب الرعاية الطبية ونقص الأدوية والمستلزمات أدّيا إلى أكثر من ۱۲ ألف حالة إجهاض منذ بدء الإبادة، وفقاً لبيانات المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة. وتضطرّ نساء كثيرات إلى الولادة في ظروف قاسية، من دون وجود طواقم طبية كافية أو أدوات تعقيم، الأمر الذي يهدّد حياة الأمهات والمواليد على حدّ سواء.
ولا تتوقّف مأساة نساء غزة عند النزوح أو المرض، إذ فقدت الآلاف أزواجهنّ قتلاً أو اعتقالاً من قبل القوات الإسرائيلية، ليجدنَ أنفسهنّ في مواجهة مسؤوليات إعالة أسرهنّ، في ظلّ غياب العمل وانهيار الاقتصاد. وتشير بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إلى ۲۱ ألفاً و۱۹۳ أرملة، كثيرات منهنّ يعلنَ أطفالاً يعانون سوء التغذية والمرض، في وقت يصعب فيه تأمين الحدّ الأدنى من الغذاء أو الدواء.
وتقتل إسرائيل يومياً نحو ۱۴ امرأة في القطاع، وتحوّل كلّ يوم ۲۹ امرأة متزوّجة إلى أرامل، وتسبّب إجهاض ۱۶ امرأة حامل في المتوسّط، الأمر الذي يعكس حجم الكارثة التي تصيب النساء بصورة يومية. كذلك تشمل معاناة النساء في ظلّ الحرب الإسرائيلية الحرمان من أبسط احتياجات الحياة اليومية الضرورية.
من جهة أخرى، مع ارتفاع الأسعار وانعدام الإمدادات، تعاني نساء كثيرات ما يُعرَف بـ”فقر الحيض”، إذ يستخدمنَ الملابس البالية أو قطع قماش للتعامل مع الدورة الشهرية بعد نفاد الفوط الصحية من الأسواق، علماً أنّ أسعارها مرتفعة في حال وُجدت. على سبيل المثال، يبلغ سعر ستّ فوط صحية نحو ۲۵ شيكلاً (۷٫۶ دولارات أميركية) بعد أن كان لا يتجاوز شيكلَين (۰٫۶ دولار) قبل الإبادة الإسرائيلية، وفقاً لشهادات ميدانية، الأمر الذي يزيد من معاناة النساء ويعرّضهنّ لمضاعفات صحية خطرة بسبب غياب النظافة والتعقيم
🚨 Every week, at least 15 women are delivering babies outside a health facility in #Gaza.They are forced to give birth alone as maternal health services are collapsing.See how @UNFPA is delivering life-saving care for mothers and newborns: https://t.co/xYyMQs6k6H pic.twitter.com/B5m7aAZ0pI— UNFPA (@UNFPA) October 4, 2025
وفي مايو/ أيار الماضي، أفاد صندوق الأمم المتحدة للسكان بأنّ الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة جلبت للنساء والفتيات “رعباً شهرياً إضافياً”، إذ صارت عملية الحيض كابوساً لنحو ۷۰۰ ألف امرأة وفتاة في ظلّ غياب الفوط الصحية والمياه والمراحيض والملابس النظيفة، وانعدام الخصوصية في أماكن النزوح. وأوضح الصندوق، في تقرير، أنّ قطاع غزة يحتاج شهرياً إلى نحو ۱۰٫۳ ملايين فوطة صحية لتغطية احتياجات النساء فيه، لكنّ مستلزمات النظافة الشخصية أوشكت على النفاد مع استمرار الحصار الإسرائيلي الشامل، الأمر الذي يفاقم الأزمة الصحية والإنسانية في القطاع.
وأشار الصندوق الأممي، في التقرير نفسه، إلى أنّ أسعار الفوط الصحية ارتفعت إلى نحو خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، لتصير بعيدة عن متناول معظم الأسر، في حين لم تتضمّن المساعدات القليلة التي سمح الاحتلال بإدخالها أخيراً إلى القطاع أيّ مستلزمات خاصة بالنظافة الشخصية أو الدورة الشهرية.
ووسط الظروف المأساوية التي يعيشها أهل قطاع غزة المحاصرون والمستهدفون، بيّنت الأمم المتحدة أنّ النساء والفتيات يواجهنَ “معاناة مهينة” نتيجة النزوح القسري والحرب. وفي الثامن من أغسطس/ آب الماضي، ذكرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أنّ مليون امرأة وفتاة في قطاع غزة يواجهنَ “مجاعة جماعية”. أضافت الوكالة أنّ “النساء والفتيات في غزة يضطررنَ إلى تبنّي استراتيجيات بقاء متزايدة الخطورة، مثل الخروج للبحث عن الطعام والمياه رغم خطر القتل أو الإصابة”، مشيرةً إلى أنّهنّ يلجأنَ إلى “أساليب بقاء محفوفة بالمخاطر لإنقاذ أسرهنّ”.
وفي مطلع أكتوبر الجاري، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أنّ الفلسطينيات فيه محرومات، منذ عامَين، من الكشف المبكر عن سرطان الثدي وكذلك علاجه، بسبب الحصار الإسرائيلي وحرب الإبادة المتواصلة. وأوضحت أنّ “تدمير الاحتلال مراكز الرعاية الأولية وأقسام الفحص والتصوير التشخيصي حرم النساء من الاستفادة من هذه البرامج” ذات الصلة.
أضافت الوزارة أنّ النساء اللواتي شُخّص لديهنّ سرطان الثدي، قبل الحرب الأخيرة وفي أثنائها، “لا تتوفّر لهنّ مقوّمات العلاج التخصّصي أو المتابعة الطبية”. إلى جانب ذلك، تعمد سلطات الاحتلال إلى عرقلة عمليات إجلاء المرضى الفلسطينيين الذين تتطلّب حالاتهم علاجاً منقذاً للحياة في الخارج، من بينهم فلسطينيات مصابات بسرطان الثدي، وسط الحصار المشدّد الذي يحرمهنّ من الأدوية المنقذة للحياة.
وسبق أن أكّد مسؤولون لدى وزارة الصحة في غزة، بالإضافة إلى تقارير حكومية وحقوقية، أنّ كلّ المستشفيات والمرافق الصحية التي ما زالت تعمل في القطاع تقدّم خدمات “جزئية” للفلسطينيين بعد خروج أقسام منها عن الخدمة، إثر تعرّضها للاستهداف الإسرائيلي بالقصف والتدمير ومنع إدخال الأدوية والمستلزمات الصحية والأجهزة، الأمر الذي من شأنه أن يؤثّر سلباً على النساء المريضات أو جريحات الحرب.
العربي الجديد