اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
في بيوتنا نركض لأطفالنا إذا بكوا لنرى ما يريدون، وفي غزة يموت الأطفال جوعا وعطشا ولا أحد يركض إليهم إلا الموت، أليس كذلك؟
في مشهد يجسد أفظع صور استهداف المدنيين في الحروب، تتوالى الأخبار المفجعة يوميا عن وفاة الأطفال جوعا في قطاع غزة المحاصر، هذا الجوع الذي يُستخدم سلاحا ممنهجا لإزهاق أرواح السكان، يشهد معه القطاع كارثة إنسانية متعمدة، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي استغلال التجويع أداة للضغط السياسي، وسط تواطؤ دولي، وخذلان عربي، وصمت إعلامي وأخلاقي مشين.
أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، أن الجوع بات القاتل الجديد في قطاع غزة، وشدد على أنه حان الوقت لتقديم المساعدات بشكل آمن ودون عوائق.
غزة، هذا الشريط الساحلي الضيق والمحاصر تحوّلت اليوم إلى مسرح لجريمة إنسانية موصوفة، أكثر من مليوني إنسان يُصارعون للبقاء وسط دمار شامل، قصف مستمر، انهيار النظام الصحي، والأخطر من كل ذلك مجاعة تلوح في الأفق القريب، لم يعد الجوع مجرد معاناة إنسانية أو فشل في إيصال المساعدات، بل أصبح أداة ممنهجة تُستخدم لتركيع شعب بأكمله.
العالم كله يتذكر تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت في أكتوبر عام 2023، عندما اعلن وبكل وقاحة: "لن يدخل كهرباء، ولا طعام، ولا ماء إلى غزة، نقاتل حيوانات بشرية وسنتعامل معهم على هذا الأساس"، حينها لم يهتم الكثيرون بهذا التهديد، واعتبروه ردة فعل انية فرضتها الضربة الموجعة التي وجهتها المقاومة الفلسطينية لجيش الاحتلال في السابع من اكتوبر من نفس العام.
بعد جدل حاد أثارته قضية الطالبة الفلسطينية من غزة نورعطاالله التي وصلت إلى فرنسا بمنحة دراسية ومن ثم اضطرت لمغادرتها إلى قطر يوم الأحد في 03 آب/ أغسطس 2025 بسبب اتهامات بمنشورات لها معادية للسامية على مواقع التواصل، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو التوقف عن استقبال أي لاجئين من غزة حتى انتهاء التحقيقات.
تشهد غزة مستويات غير مسبوقة من الجوع، ما دفع أعداداً كبيرة من السكان إلى المخاطرة بحياتهم من أجل تأمين وجبة واحدة أو حتى ما يمكن وصفه بـ"شبه وجبة".
وسط خيام مهترئة وتحت هدير الطائرات الحربية، يستعد آلاف الطلبة الجامعيين في قطاع غزة لتقديم امتحاناتهم النهائية في ظروف غير مسبوقة، ومع توقف العملية التعليمية داخل الحرم الجامعي بسبب العدوان المتواصل، بات التعليم الإلكتروني الخيار الوحيد، لكنه لم يعد مجرد وسيلة تعليمية، بل تحوّل إلى معركة يومية يواجه فيها الطلبة تحديات نفسية وتقنية خانقة.
قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين يوم الاثنين، ونقلاً عن محاميتها بعد زيارتها لسجن"الدامون"، بأن الاسيرات يتعرضن للانتهاكات المستمرة من قبل إدارة المعتقل.
يقول المثل العربي: "لا صوت يعلو فوق صوت الجوع". الآن، أصبح هذا المثل حقيقة مؤلمة تحيط بنا، وتتفاقم مع كل يوم يمر. لم أتخيل يوما أن الجوع يمكن أن يكون أشد رعبا من القنابل والقتل. لقد باغتنا هذا السلاح، وهو شيء لم نعتقد قط أنه سيكون أكثر وحشية من أي شيء آخر واجهناه في هذه الحرب التي لا نهاية لها.