اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
تبقى الخطبة الفدكية التي ألقتها مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها مناراً خالداً على مرّ العصور، لأنها صدرت من فم شخصيةٍ ليست عادية، بل من إحدى الشخصيات التي خوطبت بقول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ (1). وهي المحور في حديث الكساء حيث قال الله تعالى لجبرئيل: « هُمْ أَهْلُ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَمَعْدِنُ الرِّسالَةِ، هُم فاطِمَةُ وَأَبُوها وَبَعْلُها وَبَنُوها » (2). ومن أبرز الجوانب التي تتجلّى في هذه الخطبة المباركة البعد التربوي العائلي، حيث رسمت الزهراء عليها السلام معالم التربية التي يمكننا أن نتعلم منها في نطاق الأسرة، باعتبارها النواة الأولى لبناء المجتمع الإيماني السليم.
الخطبة الفدكية لفاطمة الزهراء سلام الله عليها من الكلمات الخالدة في تاريخ الإسلام بل تاريخ البشرية بأجمعه. لما فيها من النكات العظيمة والجذابة. هذه الخطبة ليست مجرد احتجاجٍ على مصادرة حقٍّ ماديٍّ في فدك، بل هي مرافعة إلهيّة كاشفة لجوهر الرسالة ومقاصدها، وصرخة وعيٍ في وجه الانحراف بعد رحيل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله. هذه الخطبة تمثّل قمّة البيان المحمّدي في لسان مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها، حيث جمعت بين عمق العقيدة ودقّة الاستدلال وروعة التصوير البلاغي وحرارة الموقف الإيماني.
الخطبةُ الفدكية لسيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام من أعمق النصوص الدينية والفكرية التي خلدها التاريخ الإسلامي، فهي ليست مجرد احتجاج على سلب فدك أو دفاع عن حقٍّ ماديٍّ مغصوب، بل هي وثيقة فكرية وتربوية تحمل في طياتها أبعاداً واسعة تمتد إلى العقيدة والأخلاق والمجتمع والسياسة. فالسيدة زهراء عليها السلام، من خلال كلماتها المضيئة، قدّمت نموذجاً راقياً في كيفية الجمع بين البيان العقلي والعاطفي، وبين التربية الفكرية والتوجيه الروحي والاجتماعي