اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
في خيمة صغيرة شمال قطاع غزة، تقف سجود الغبن ذات الـ14 عاما، تحاول بيديها الصغيرتين تضميد ما تبقى من حياة، بعد أن خسرت كل شيء تقريبا.
تحت جنح ظلمة البحر، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي "السفينة حنظلة" التي كانت تبحر في المياه الدولية لكسر الحصار عن غزة، وعلى متنها ناشطون إنسانيون وبعض صناديق حليب الأطفال والدمى المحشوّة، لكنها تعاملت معها كأنها "تهديد وجودي"، في مشهد شكّل نموذجا مصغرا لكل ممارسات الحصار والإبادة والعقاب الجماعي المفروض على أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة.
في ركن هادئ داخل مستشفى ناصر التي تتنفس الألم بصمت، تقيم الشابة نهام فرج الله، ابنة الثالثة والعشرين من عمرها، التي تجسد في تفاصيل حياتها حكاية مأساوية تفيض بالصبر والإيمان. بين الجدران الحارة وغياب الإمكانيات، تحمل نهام أكثر مما تحتمل أجساد الأصحاء، فتغدو قصتها صوتًا لا يجب أن يُهمَل.
حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة عشرات آلاف الأطفال الرضع في القطاع، نتيجة استمرار منع إدخال حليب الأطفال منذ 150 يوما متواصلة.
في أحد زوايا الحياة التي رممتها الإرادة، تقف مزن فضل محمد الصوص، شابة غزية تبلغ من العمر 21 عامًا، خريجة هندسة ديكور وتصميم داخلي من قسم الهندسة المعمارية، تحمل في قلبها شغفًا جماليًا يتجاوز الهندسة ليخلق الفن وسط العتمة. في زمنٍ سرقت فيه الحرب الأبسط وأغلى ما في حياة أهل غزة، وجدت مزن طريقة لاستعادة شيء من النور، لكن هذه المرة من خيمة وبإمكانيات تكاد لا تُذكر.
في قطاع غزة، لا تعني الحرب فقط القنابل والانفجارات، بل تصاحبها مجاعة صامتة، وأمومة مُنهكة، ومسؤوليات طبية ثقيلة تتقاطع جميعها فوق أكتاف النساء العاملات في القطاع الصحي هؤلاء النساء لا يقدّمن فقط الإسعافات الأولية للجرحى، بل يُسعفن أنفسهن وأطفالهن بكرامةٍ متآكلة تحت وطأة الحرمان والجوع.
بلغ الوضع الإنساني في قطاع غزة حداً من التردي والانهيار لم يصل إليه من قبل على مدى عقود من الصراع على الأراضي المحتلة، حيث طغت على القطاع مجاعة شديدة مست بشكل خاص الأطفال الصغار والرُضع، فيما نددت بسياسة التجويع التي تتبعها تل أبيب العديد من المنظمات الدولية والحقوقية.
المقال يتحدث عن الحرب غير المعلنة ضد النساء الفلسطينيات في غزة، ضحايا حرب الإبادة بشكل مباشر أو غير مباشر فيما يسمى «الضرر الجانبي» أو غير المباشر والذي ما كان يمكن أن يحدث لولا الحرب.
قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “ أونروا”، إن طفلا من كل خمسة أطفال في غزة يعاني سوء التغذية، مع تزايد الحالات يومًا بعد يوم.
يُدقّ صندوق الأمم المتحدة للسكان ناقوس الخطر إزاء أزمة إنسانية عميقة تتكشف في غزة، حيث يُؤدّي الحرمان من الغذاء ونظام الرعاية الصحية المُدمّر والضغط النفسي الهائل إلى عواقب كارثية على الولادات للنساء الحوامل والمواليد الجدد، مُهدّدًا حياة جيل كامل.