اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
قهر لا يُقال: رجال غزة واقفون رغم كل شيءفي غزة، القهر لا يُروى، بل يُخزّن في العيون، في ملامح الرجال الذين فقدوا كل شيء وبقوا واقفين. في شوارعها المدمرة، لا ترى فقط الحجارة والرماد، بل وجوهًا أطفأها الألم، رجالًا كان لهم بيوت تعبوا في بنائها حجرًا فوق حجر، غرفة فوق غرفة، عمرًا فوق عمر، ثم جاءت الحرب ومسحت كل ذلك في لحظة.
خلف كل أسير فلسطيني يقبع في سجون الاحتلال، تقف امرأة صامدة لا تقل بطولة عن زوجها. زوجات الأسرى الفلسطينيين، اللواتي حملن على أكتافهن عبء الانتظار، وواجهن التحديات، وحوَّلن الصبر إلى قوة نضالية وطنية لا تثبت أزواجهن فحسب وإنما الكل لفلسطيني. ليس مجرد الانتظار ما يميزهن، بل القدرة على الصمود والعمل المستمر في مواجهة الاحتلال، سواء بالدعوة لحقوق الأسرى، أو المشاركة في الحملات الإعلامية، أو الدفاع عن قضيتهم في المحافل المحلية والدولية. تتحمل زوجات الأسرى مسؤولية رعاية الأبناء، وإدارة شؤون العائلة في غياب الزوج، مع الاحتفاظ برسالة الأمل والوفاء حية في قلوبهن.
لا أحد في غزّة على يقين بأنّ الحرب انتهت إلى غير رجعة، لكن الأمل الذي يتسلّل هو أن تكون حرب الإبادة قد توقّفت، وتحديداً في شقّ التجويع الإسرائيلي الممنهج لأهل غزّة، ذلك التجويع الذي يعضّ أمعاء الأطفال وقلوب الأمهات. وعلى الرغم من بدء إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، لكن الأمم المتحدة تقول إنّ "الاحتياجات لا تزال هائلةً"، ما يعني أنّ المجاعة قد تحتاج إلى شهور للقضاء عليها، فيما يعيش أهل غزّة بلا طعام في الأيدي، وبلا بضاعة في الأسواق، وبلا مخزون في المطابخ والمحال، وحتى بلا مطابخ وأدوات طهي وبلا منازل في كثير من الأحيان.
تحت خيوط الشمس الحارقة، تجلس "أم محمد" من نساءغزة، أمام قطع قماش متصلة مهترئة لا تكاد تشبه المأوى، وفي يدها وعاء بلاستيكي تغسل فيه ملابس أبناؤها، في طقس يومي يشبه طقوس البقاء لا الحياة، فرضته ظروف النزوح والعيش القسري في الخيام .
في لحظة ما، تختصر الحياة كلها في حقيبة. حقيبة لا تكفي حتى لحمل الذكريات، لكنها تحاول جاهدة أن تحتضن بقايا البيت، رائحة الوسادة، صورة الطفل، ونسخة مصغّرة من “الحياة السابقة”. في الزوايدة، حيث الخيام مؤقتة لكن الخوف دائم، وحين يصبح اليوم الواحد أطول من أعمارنا، تتولّد حكايات لا تصل إلى نشرات الأخبار، لكنها تعيش وتتنفّس بيننا. نزحنا من بيوتنا، لكننا لم ننزح من كرامتنا، ولم نخلع حبنا لهذه الأرض التي كلما نزفنا فوقها، ازدادت خصوبة.
على مدى عامَين من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، لم تسلم النساء من فصول هذه الحرب الدامية، فقد قُتلت آلاف منهنّ وأصيبت أخريات فيما فقدت كثيرات أحبّة وعشنَ النزوح والجوع والحرمان. وكانت وكالات مختلفة تابعة للأمم المتحدة قد حذّرت، في أكثر من مرّة، من أنّ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هي "حرب على النساء". وفي الإطار نفسه، عبّرت مقرّرة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضدّ المرأة ريم السالم عن قلقها "العميق" إزاء ما تتعرّض له الفلسطينيات من عنف وصعوبات في "جحيم حقيقي".
في هذا العالم الذي يركض بسرعة الضوء، ينهض جيل غزة كأنه يحمل الشموع ويسير عكس الريح. ليس لأننا ضعفاء، بل لأننا نعرف تمامًا قيمة النور حين يكون العالم حولنا مظلمًا. نحن جيل لا يملك ترف الانتظار. لا ننتظر انجلاء الغيم كي نحلم، بل نحلم تحته، وتحت النار، وتحت الحصار. الحياة لا تُقاس بما نملكه، بل بما لا نتخلى عنه… عن الحلم، عن الكتاب، عن الكلمة.
في ظل نقص الوقود وغاز الطهي نتيجة استمرار الحرب والإغلاق، تلجأ النساء النازحات في جنوب غزة إلى استخدام أفران طينية بدائية تعمل بحرق البلاستيك والكرتون، الأمر الذي تسببب في انتشار أمراض تنفسية خطيرة بين السكان. وحذر الأطباء من تفاقم تفشي أمراض الجهاز التنفسي، ما لم يتم السماح بدخول الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية والوقود والغذاء.
عُقد مؤتمر التضامن ضد انتهاك الحقوق الأساسية للأطفال من غزة إلى طهران بمناسبة يوم التضامن مع الأطفال والفتيان الفلسطينيين.
الأونروا، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، قالت: إن عشرات آلاف الفلسطينيين يجبرون على النزوح المتكرر في قطاع غزة في ظروف إنسانية صعبة، وما يترتب على ذلك من تكاليف باهظة.