اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ويزداد عدد المسلمين في ألمانيا على نحو مطّرد، سواء بسبب موجة اللاجئين التي حصلت في السنوات الماضية، أو بسبب دخول عدد من الألمان في الإسلام، فضلاً عن تعاليم الإسلام التي تشجع على زيادة عدد المواليد.
ولا يوجد إحصاءات دقيقة لعدد المسلمين في ألمانيا، فتقديرات العام ۲۰۲۳ تشير إلى أنه يتراوح بين ۳٫۸ و۴٫۵ ملايين نسمة، يشكل الأتراك أكثر من نصفهم بنحو ۲٫۵ مليون نسمة. ويعود هذا التفاوت الواضح بين الرقمين إلى أن الإسلام غير معترَف به دينًا في ألمانيا، على الرغم من أن الدستور الألماني يحترم حرية العقيدة.
وبموجب “قانون الحياد” (الديني) المعمول به في برلين، والذي يمنع موظفي الخدمة المدنية من ارتداء الملابس والرموز الدينية، مُنعت المعلمات في المدينة من ارتداء الحجاب منذ العام ۲۰۰۵٫
ويرى السياسي السوري الملقب بـ”شيخ الحقوقيين” هيثم المالح أن منع المعلمات المسلمات من ارتداء الحجاب كان قرارا خاطئا ولا بدّ من إصلاحه لأنه يخالف الدستور الألماني الذي يحترم العقيدة، “فليس القرار هو الغريب في بابه، وإنما الغريب هو منع المدرّسات من ستر شعر رؤوسهن بالحجاب الذي يرونه من أساسيات مظهر المرأة في الإسلام”.
ويردف الحقوقي المقيم في مدينة آخن الألمانية أن “إلزام المرأة (المدرّسة أو غيرها) بعدم تغطية شعرها يشكل عدوانا صارخا عليها واعتداءً على حقوقها بوصفها إنسانة تريد انتهاج شكل معين في لباس خروجها من المنزل. وكان من المفترض أن يتصدى القضاء لمثل هذه الحالة ويعيد الحق لأهله، ويبدو أن وزارة التربية أدركت خطأها السابق فرجعت عنه”.
وكانت إليف إيرالب، من حزب اليسار المناهض للتمييز، اعتبرت أن “الحظر المفروض على ملابس أعضاء هيئة التدريس في المدارس العامة بسبب قانون الحياد يجب أن يُلغى فورًا”، وطالبت بأن تحصل النساء على الفرص ذاتها مثل أي شخص آخر عندما يتعلق الأمر بوظائف الخدمة العامة.
أما توبا بوزكورت من حزب الخضر، فقالت إن الوقت حان لتتوقف الدولة عن التمييز ضد النساء المسلمات في برلين. ووصفت قرار المحكمة الدستورية الاتحادية الأخير بأنه “خطوة كبيرة نحو مزيد من المساواة في مجتمعنا، وقوبل بارتياح كبير في المجتمعات الدينية”.
وفي تقرير تم رفعه إلى السلطات المعنية في سبتمبر/أيلول ۲۰۲۲، شكت لجنة خبراء شكّلها مجلس الشيوخ في برلين من أن قانون الحياد يروّج للتمييز ضد المحجبات من دون مبرر موضوعي.
وأشارت اللجنة، في تقريرها، إلى أن هذا القانون أدى إلى تقديم شكاوى من التمييز من المتقدمات لوظائف التدريس، وإلى دفع تعويضات لهن. ففي أغسطس/آب ۲۰۲۰، مثلاً، منحت محكمة العمل الفدرالية امرأة مسلمة لم يتم قبولها في الخدمة المدرسية بسبب الحجاب الذي كانت ترتديه، تعويضا بلغت قيمته ۵۱۵۹ يورو، لأنها “تعرضت للتمييز بسبب دينها”.
يرى الترجمان المحلف في المحاكم الألمانية والسويسرية يوسف حمر العين أن قرار عودة المحجبات للعمل في المدارس يتّسق مع حقيقة أن الإسلام هو ثاني أكبر دين بعد المسيحية في ألمانيا، حيث يتمتع المسلمون بالحق في ممارسة شعائرهم والاحتفال بالأعياد الإسلامية.
ويستدرك حمر العين، في حديثه إلى الجزيرة نت، قائلا “على الرغم من ذلك، فإن الإسلام في ألمانيا يواجه تحديات عدة، مثل التمييز والعنصرية والتحريض ضد المسلمين، كما تواجه المساجد والمؤسسات الإسلامية صعوبات في الحصول على تراخيص البناء والتمويل”.
أما الصحافية والمترجمة ولاء العاني فترى أن السماح للمدرّسات بارتداء الحجاب أنصف المرأة المسلمة، “فقد كان دعاة الحرية في العالم يعيبون على دولة ديمقراطية كألمانيا أنها تمنع المسلمة المحجبة من العمل في مهن معينة كالتعليم، رغم أن شعبها يتمتع بالحرية والديمقراطية وتسود فيها ثقافة قبول الآخر، ودستورها يحترم عقائد أبناء شعبها”.
وتتساءل العاني “ماذا لو كانت المدرسّة من طائفة أخرى ترتدي الزي ذاته، هل كان سيصدر مثل هذا القانون المجحف؟”، مضيفة للجزيرة نت أن السماح للمدرّسات بارتداء الحجاب “هو القرار الصحيح، بعدما أصبحت الجالية الإسلامية رقما صعبا ولها وجود حقيقي ومؤثر على الأرض”.
يشار إلى أن دراسة رسمية أجراها المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين “بامف” في العام ۲۰۲۱ -بطلب من مؤتمر الإسلام في ألمانيا ووزارة الداخلية الاتحادية- خلصت إلى أن ما بين ۵٫۳ ملايين و۵٫۶ ملايين مسلم -من ذوي الأصول المهاجرة- يعيشون في ألمانيا، بزيادة تبلغ نحو ۹۰۰ ألف مما كان عليه العدد في العام ۲۰۱۵، أو ما نسبته ۶٫۴% حتى ۶٫۷% من سكان البلاد.
المصدر : الجزيرة + الصحافة الألمانية