اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
لم تتوقع أم أوس أنها ستستيقظ يوماً وتجد رسالة من زوجها مفادها “أنا طلعت برا البلد من غير رجعة”، فهي تدرك أن حياتها ستكون صعبة لاختيارها زوج من جنسية غير أردنية، ولكنها أصبحت أصعب منذ مغادرته.
تروي المواطنة الأردنية أم أوس قصتها وتقول “أهلي كانوا قلقين من فكرة الزواج برجل غير أردني، ومما سيعاني منه أبنائي وبناتي مستقبلاً، واليوم قلقهم هو حياتي الحقيقة التي أعيشها ”
وتقول بحزن “لم يكن هناك خيارات، فأنا مجبرة على إعانة نفسي وتوفير كافة الإمكانيات لأبنائي وبناتي ليتمكنوا من العيش في بلد لا يقدم لهم/ن شيء”؛ فهي عملت في أكثر من مكان ليتمكن أبنائها وبناتها من إكمال تعليمهم/ن، وبعد انتهاء معاناة التعليم بدأت معاناة العمل.
هذه المعاناة جعلت أم أوس تشعر بالغربة في بلدها الأردن على حد قولها مضيفة “حرمان أبنائي وبناتي من الجنسية هو أيضاً حرماني من حقي في الأمن والأمان بسبب خوفي على مستقبلهم/ن”.
في الوقت الذي تكفل فيه المواثيق الدولية التي صادق عليها الأردن والقواعد القانونية للمساواة بين الرجل والمرأة، تأتي التشريعات الوطنية لتضع قيوداً على هذه القاعدة من خلال قوانيين وأنظمة وتعليمات، تنظم المراكز القانونية بما فيها من حقوق والتزامات في هذا المجال بشكل غير متساو ومخالف للمواثيق الدولية.
وتكمن المشكلة، بأن القانون الأردني لا يعتبر الطفل/ة الذي يولد لأم أردنية وأب غير أردني مواطناً بنظر الدولة وبذلك فهو لا يسمح للأردنية بمنح جنسيتها لأبنائها وبناتها على قدم المساواة مع الرجل.
الحرمان من الجنسية انتهاك للدستور
يحدث التمييز بحق أبناء وبنات الأردنيات، رغم أن الدستور كفل لأمهاتهم/ن حق المساواة حينما نص في المادة (۶): “الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين”.
أكدت بنان أبو زين الدين المديرة التنفيذية لمجموعة تقاطعات (مجموعة نسوية للدفاع عن حقوق النساء في الأردن)، أن حرمان أبناء الأردنيات من الجنسية الأردنية هو انتهاك للدستور الأردني بناءً على المادة السادسة السابقة.
وأشارت بنان إلى أن التعديل الأخير الذي تم في العام الماضي وهو إضافة كلمة “الأردنيات” للدستور: هو تأكيد أن للأردنيات حق في منح أبنائهن وبناتهن الجنسية، وما يحدث اليوم يثبت أن ذلك مجرد حق مكتوب شكلياً لا يقدم أي شيء للمرأة الأردنية.
وترى بنان أن الانتهاك لا يمس أبناء وبنات الاردنيات فقط، وإنما هو تعدي على الحرية الشخصية للمرأة الأردنية في اختيار شريك حياتها، وممارسة السلطة عليها، أما الرجل الأردني يحق له الزواج من جنسية أخرى ويمنح زوجته الجنسية بعد ثلاث سنوات، أما المرأة الأردنية “تدفع الثمن بأشكال مضاعفة لاختيارها رجل غير أردني.”
وفي السياق الاجتماعي، تجد بنان أن هذا التمييز في معاملة أبناء وبنات الأردنيات يمكن أن يسبب شرخ في البنية الاجتماعية، وتعزيز الانتماء لديهم/ن تجاه الوطن وبالتالي يمكن أن نخسر موارد وطاقات بشرية يحتاجها الأردن، على حد قولها.
جهود مؤسسات المجتمع المدني
وفي سياق دور مؤسسات المجتمع المدني في الدفاع عن حق الأم الأردنية بمنح جنسيتها لأبنائها وبناتها، تقدر أبو زين الدين جهود هذه المؤسسات، رغم الضغوطات التي تحدث من قبل الحكومة عليها، والمضايقات الأمنية وقانون الجمعيات الجديد، لمنعها من إحداث التغيير المطلوب، وشجعت على ضرورة توثيق الانتهاكات التي تحدث بحق أبناء وبنات الأردنيات والممارسات الحقيقة التي تمارسها الدولة اتجاههم/ن للدفاع عنهم/ن.
حملة “أمي أردنية وجنسيتها حق لي” تعمل منذ عام 1998 في الأردن، رئيس الحملة رامي الوكيل تحدث عن المزايا الخدماتية التي تم منحها لأبناء وبنات الأردنيات والتي وصفها “بالغير مرضية”.
ويقول: في مجال التملك والاستثمار يعاملون معاملة الأجنبي بسبب القرار الذي صدر بالسماح لهم/ن بالتملك والاستثمار حسب الأنظمة والقوانين النافذة، بمعنى آخر حسب تعليمات تملك الغير أردني/ة وبذلك لا أهمية لها. وفي العمل فقد تم السماح لهم/ن بالعمل من غير تصريح، أما رخصة القيادة فيمكن الحصول عليها بعد احضار إذن من المخابرات علماً ان الرسوم مضاعفة على الأردني/ة.
وتابع الوكيل: “وفي الصحة يعامل كل من تحت سن الثامنة عشر عاما معاملة الأردني/ة وما فوق معاملة الأجنبي/ة، وكذلك الحال في التعليم وأضاف أنه يتم منع أبناء وبنات الاردنيات من دخول بعض الوزرات والدوائر الأمنية والعسكرية لأنهم/ن غير أردنيين/ات، وايضاً يسمح لهم/ن دخول رياض الأطفال الحكومية بعد الأردنيين/ات في حال تبقى لهم/ن مكان، اما الانتساب للنقابات فهو ممنوع، ومزاولة المهنة مؤقتة وبعض المهن يأخذ مزاولة للعمل في مكان محدد.
وأنهى الوكيل حديثه بقوله “وصلنا لمرحلة بأنه ليس هناك سوا الوعود من قبل الجهات الحكومية، رغم أن الحل الوحيد أمام هذه القضية هو اعطاء المرأة الأردنية حقها في منح الجنسية لأبنائها وبناتها”
ومن الجدير بالذكر أن عدد أبناء وبنات الأردنيات غير متوفر بدقة، ولكن تم الإعلان في جلسة مناقشة قانون الجنسية لعام ۲۰۱۴ ان هناك ۶۰۰ ألف من أبناء وبنات الأردنيات المتزوجات من غير أردني، وطالب النواب برد القانون بعد الإعلان عن هذا الرقم.
تم انتاج هذا التقرير ضمن مشروع “احنا۲” بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية.
المصدر : نساء FM