اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
لكن بالنسبة للعديد من الأمهات، يمكن للمشاعر السلبية مثل الاكتئاب والقلق أن تطغى على بهجة العضو الجديد في الأسرة، من الشائع أن تشعر الأمهات بالكآبة والقلق بعد يومين أو ثلاثة أيام من الولادة.
وقد تجد الأم نفسها تبكي دون سبب، أو تواجه صعوبة في النوم، أو تشك في قدرتها على رعاية الطفل الجديد وهو ما يعرف بـ “الكآبة النفاسية”.
وبحسب الدكتورة أليسون ستوبي، متخصصة بطب الأمهات والأجنة وبروفيسورة في أمراض النساء والتوليد في كلية الطب بجامعة ولاية كارولاينا الشمالية في الولايات المتحدة، ذلك يعود بصفة أساسية للتغيير الذي يطرأ على هرمون البروجستيرون.
البروجسترون هو أحد الهرمونات الأنثوية التي يتم إفرازها بشكل رئيس من خلال غدد مؤقتة في المبيض تُدعى الجسم الأصفر (Corpus luteum)، كما يتم إفرازها بكمية أقل عن طريق الغدة الكظرية والمشيمة.
من الممكن لارتفاع مستوياته في الجسم أن يُرسل إشارات عصبية للدماغ تُقلل من ردود الفعل في الجسم، أو تُشعر الشخص بنوع من الخدران والكسل، لذا فإن ارتفاع البروجستيرون قد يُسبب الشعور بتعب مفرط لدى المرأة.
ومن الأعراض الأخرى لارتفاع البروجستيرون:
بينما تختلف أعراض نقص البروجسترون عند المرأة الحامل وهي:
وعند غير الحامل:
لكن بحسب اليونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) من غير المرجح أن تكون التغييرات الهرمونية هي السبب الوحيد، حيث يوجد عوامل أخرى يمكن أن تقود إلى زيادة المشاعر السلبية بعد الولادة مثل فترات التعب والإرهاق الطويلة والصعوبات في تقديم الرضاعة الطبيعية وغيرها من مضاعفات ما بعد الولادة.
كما تتضمن العوامل الأخرى ما يلي:
لكن مع وجود نظام دعم جيد من الأسرة والمقربين عادة ما تتلاشى هذه المشاعر خلال حوالي أسبوعين من دون الحاجة إلى علاج.
يعد اكتئاب ما بعد الولادة شكل آخر من أشكال الكآبة النفاسية وعادة يحدث ما بين أسبوعين إلى ثمانية أسابع بعد الولادة، ولكنه قد يحدث خلال ما يصل إلى سنة بعد ولادة الطفل.
أحد الجوانب المهمة في اكتئاب ما بعد الولادة هو أنه ليس مجرد شعور بالحزن، فالشعور بقلق شديد يمثل سمة شائعة أيضاً في اكتئاب ما بعد الولادة.
ومن بين أعراض اكتئاب ما بعد الولادة التي ينبغي الانتباه إليها هي الشعور بجسامة العبء، والبكاء المستمر، ونقص الارتباط العاطفي مع الطفل، وتشكّك الأم في قدرتها على رعاية نفسها أو طفلها.
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة شبيهة بأعراض الاكتئاب المعروف، ومن بينها:
قد تشعر الأم بالانعزال عن طفلها أو شريكها، أو حتى قد تنتابها أفكار بإيذاء نفسها أو طفلها. وقد يكون من المخيف جداً على الأم أن تنتابها مثل هذه الأفكار، ولكن يجب عليها أن تتذكر أن هذا التفكير لا يعني بأنها ستقوم فعلاً بإيذائه.
وكلما بكّرت الأم بالتحدث مع شخص تثق به عن هذه المشاعر – صديقة، أو قريبة أو طبيبة أو قابلة، على سبيل المثال — كلما تمكنَت من الحصول على مساعدة مبكرة.
تختلف نسبة المصابات بالاكتئاب هذا في كل العالم حيث يقدر حدوثه بنسبة ۲۲% من الأمهات في إنجلترا، بينما لا يزيد معدله عن ۱۱% في نيوزيلندا، وفي جنوب أفريقيا يزيد معدل حدوثه عن ۳۰%، ولكنه في تنزانيا يحدث عند ۱۲% من الأمهات.
لكن تبقى العديد من المناطق والدول خالية من أي معلومات عن هذا المرض، رغم حالات الانتحار التي تنشأ بسببه تشكل نسبة رئيسية لوفيات الأمهات بعد الولادة.
ويعتقد أن حدوث هذا النوع من الاكتئاب يتعلق بالظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة مثل الفقر والانخفاض في مستوى المعيشة.
كما يمكن أن يكون هذا النوع من الاكتئاب ناتجاً عن نقص الدعم النفسي والأسري، وقد يكون العنف الأسري عاملاً مسهماً في تفاقم الحالة.
ومن الملفت للنظر أن هؤلاء الذين يعانون من هذا النوع من الاكتئاب، والذين لا تكون متاحة لهم فرصة الاستشارة الطبية في وقت مبكر، يعتمدون في تشخيص حالتهم على قدرتهم على التعبير عن مشاعرهم ومساعدة الأطباء لهم. وهذا غالباً ليس كافياً، حيث يُغفل عن حقيقة أعراض الاكتئاب لدى الأمهات، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على حالتهن النفسية خصوصاً في المجتمعات التي تفترض أن الإنجاب حدث سعيد في حياة الأم مما يبعد الأنظار عن حقيقة أعراضها واعتلال مزاجها.
أُجريت بعض الدراسات على مجموعة من النساء اللواتي قمن بزيارة مركز الرعاية الصحية الأولية في محافظة القليوبية بمصر خلال الستة أسابيع بعد الولادة.
تم طرح مجموعة من الأسئلة لهن حول تجاربهن مع القلق والاكتئاب بعد الولادة وأظهرت النتائج أن نسبة تقدر بحوالي ۲۰% من المشاركات تعاني من أعراض القلق والاكتئاب معاً، بينما تعاني فئة أخرى من أعراض واحدة فقط من هاتين الحالتين. وهذا يشير إلى وجود مشكلة.
ومع ذلك، بمراعاة أن الاستبيان تم تنفيذه على النساء اللواتي زرن المراكز الصحية شخصياً، فإن تقدير حجم المشكلة قد يتطلب مزيداً من البحث يشمل اللواتي لم يلتمسن الرعاية الصحية.
العديد من الناس يفترضون أن حدوث هذه الحالات في مجتمعنا قليل؛ نظراً لتوفر الدعم الأسري. ومع ذلك، فإن هذا الافتراض ليس بالضرورة صحيحاً دون دراسات تأكيدية.
قد تساعد المعتقدات الدينية في التغلب على أفكار الانتحار، ولكن ذلك لا يُنفي المعاناة التي تتعرض لها العديد من الأمهات. يمكن أن تستمر هذه المعاناة لفترة طويلة، مؤثرة على حالتهن النفسية، وربما تؤدي إلى صعوبة نسبية في علاقة الأم مع طفلها، حيث لا تظهر تأثيراتها على الجانبين إلا بعد فوات وقت طويل دون تدخل.
بوسع التثقيف النفسي الرامي إلى تطوير استراتيجيات إيجابية للتعامل مع الصعوبات، وإدارة التوتر، وبناء شبكات دعم، المساعدة في حماية الأم من اكتئاب ما بعد الولادة وهذا يتضمن التعلّم عن الصحة والعافية العقليتين وفهمهما.
والأمر شبيه بالتثقيف البدني، حيث يتعلم المرء كيف يعمل جسده، وكيف يعتني به، وتأثيرات الإجهادات المختلفة على الجسم — ولكننا نطبق هذا الأمر هنا على العقل والصحة العقلية. ومن المهم جداً أن يوجد نظام دعم في البيت للمساعدة في العناية بالصحة العقلية للأم.
هل تحصل على قسط كافٍ من النوم؟ وهل تتناول وجبات غذائية كافية؟ هناك العديد من الآباء والأمهات الجدد الذين يهتمون بأطفالهم دون الاهتمام بتلبية احتياجاتهم الشخصية من الطعام. من الممكن العثور على وجبات مغذية غنية بالبروتين، والتي يمكن أن تساعد الأم على الشعور بالعودة تدريجياً إلى روتينها اليومي الطبيعي.
هناك أنواع متعددة من العلاجات النفسية [مثل العلاج السلوكي-المعرفي أو العلاج النفسي المتعلق بالعلاقات الشخصية] التي تثبت فعاليتها في معالجة اكتئاب ما بعد الولادة أو القلق. ينبغي للأم أن تتحدث مع مقدم الرعاية الصحية حول كيفية العثور على محترف في مجال الصحة النفسية للمساعدة في التعامل مع هذه المشاعر.
هناك عدد من الأدوية الفعالة في إدارة أعراض اكتئاب ما بعد الولادة وتقليل حدتها. وعلى الرغم من أن هناك احتمالًا ضئيلًا لانتقال كميات صغيرة من أدوية مكافحة الاكتئاب إلى الطفل من خلال حليب الأم، إلا أنها لا تؤثر بشكل كبير على جودة حليب الأم وصحة الطفل. وبما أن الرضاعة الطبيعية توفر العديد من الفوائد للطفل، يجب على الأم مراعاة هذه الفوائد مقابل الاحتمال الضئيل لتأثير الدواء الذي يمكن أن يمر عبر حليب الأم. توصي الدكتورة ستوبي بقولها “في حالة عدم وجود أدلة واضحة على تأثير سلبي [للدواء على الطفل]، فإن تناول العلاج ومواصلة الرضاعة الطبيعية منطقي تماماً”. وقبل بدء استخدام أي دواء، يجب على الأم التشاور مع مقدم الرعاية الصحية لاختيار الخيار الأفضل لها.
غالباً ما تشعر الأم بأنها وحدها من يمر بمثل هذه المشاعر. يجب على الأم التحدث مع مقدم الرعاية الصحية حول الاستفادة من دعم الأقران والانضمام إلى مجموعات نصائح تسمح بتبادل الأفكار والمشاعر والتجارب. من المهم أيضاً التحدث مع الأصدقاء وأفراد العائلة حول هذه المشاعر.
قد تكون للأم توقعات كبيرة من نفسها بوصفها أماً، ولكن لا يمكن لأي شخص أن يلبي جميع هذه التوقعات في جميع الأوقات. وعلى الأم أن تتجاوز القلق إذا لم تتمكن من تنفيذ كل ما كانت تخطط له أو إذا شعرت بتراجع في مزاجها. يجب على الأم أن تعامل نفسها بلطف وأن تكون صديقة لنفسها.