تأثير قصر عطلة الأمومة في تونس: أزمة تراجع الرضاعة الطبيعية

تؤكد الهياكل الصحية ومكونات المجتمع المدني في تونس أن الرضاعة الطبيعة حق لكل طفل ويجب تذليل الصعوبات أمام الأم لتكريس هذا الحق الذي له عدّة فوائد صحية ونفسية ويوفر جودة الحياة.

ويرى رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، معز الشريف، أنّ الرّضاعة الطّبيعية هي حقّ لكلّ طفل وتؤسس لعلاقة متوازنة بين الأمّ وطفلها.

وأشار إلى أنّ نسبة الرضاعة الطبيعة في تونس طيلة ۶ أشهر لم تتعد ۱۷ في المئة خلال سنة ۲۰۲۴ في حين أنها كانت في حدود ۱۳ في المئة قبل ذلك بـ۴ سنوات، معتبرا أنها نسبة ضعيفة وغير كافية وتعود، أساسا، إلى عدة أسباب تتعلق بالمحيط المهني والاجتماعي.

۶۶٫۵ في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ۰ و۲۳ شهرًا يُغذون بزجاجة الرضاعة

ولفت الشريف إلى أنّ الإطار القانوني يشجع على الرضاعة الاصطناعية من ذلك تسهيل الترويج لمنتجات الحليب الاصطناعي إذ يتوفر في تونس ما يزيد عن ۲۰ منتجا، الأمر الذي سبّب ضغطا من المصنعين الذين يروجون لمنتجاتهم بصورة تتنافى مع المصلحة الفضلى للأطفال والرضع.

وقال، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، إن “مدّة عطلة الأمومة غير كافية بالمرة، الأمر الذي يؤدي إلى الأحجام عن الرضاعة الطبيعية لفترة أطول”.

وعدّد في سياق متصل، مزايا الرضاعة الطبيعية على صحة الأم والطفل، والتي تمنح الأم هامشا من الحرية دون الاضطرار إلى تحضير الحليب الاصطناعي في ساعة متأخرة من الليل وتتجاوب مع حاجيات الرضيع وتمكن من الوقاية من الأمراض المعدية وتقلص فرص الإصابة بالأورام الخبيثة على غرار سرطان الثدي لدى الأم.

ودعا الشريف إلى تطوير الجانب القانوني بما يدفع في اتجاه التشجيع على الرضاعة الطبيعية وإحداث محاضن للأطفال بالتجمعات المهنية لفائدة العاملات لاصطحاب أطفالهم إلى مقر العمل حتى تكون الأم فاعلة في الدورة الاجتماعية والاقتصادية.

وتعدّ الرضاعة الطبيعية ذات أهمية كبرى في نمو الرضيع بصحة جيّدة وتحصينه بمناعة قوية تقيه من أي يكون عرضة للعدوى من الأمراض والفايروسات، بيد أنّ نسبة الرضاعة الطبيعية الحصرية في تونس تعدّ منخفضة للغاية.

معز الشريف: الرّضاعة الطّبيعية هي حقّ لكلّ طفل وتؤسس لعلاقة متوازنة بين الأمّ وطفلها

وجاء في المسح الوطني العنقودي متعدد المؤشرات لسنة ۲۰۲۳، أنّ أكثر من ۸ من كل ۱۰ رضّع لا يتم إرضاعهم رضاعة طبيعية حصرية، أي أنّ نحو ۸۲٫۲ في المئة لا يحظون برضاعة طبيعية حصرية في تونس، وهو رقم مرتفع جدًا، وقد يطرح عديد التساؤلات.

وتعتبر نسبة الرضاعة الطبيعية الحصرية في تونس، وفق ما جاء في المسح الوطني، من بين أدنى النسب في العالم، ولا تزال دون المعدل العالمي الذي يناهز ۴۸في المئة والهدف المحدد من قبل المنظمة العالمية للصحة لعام ۲۰۲۵ والبالغ ۵۰في المئة.

وأشار المسح إلى أنّ ۵۴ في المئة من الأطفال استفادوا من الرضاعة الطبيعية المستمرة حتى بلوغهم سنة من العمر، و۲۶في المئة حتى بلوغهم السنتين.

كما ذكر أنّ ۶۶٫۵ في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ۰ و۲۳ شهرًا يُغذون بزجاجة الرضاعة، ومن بينهم ۵۲في المئة يبلغون من العمر بين ۰ و۵ أشهر، وهي الفترة التي يُفترض أن يتم خلالها إرضاعهم رضاعة طبيعية حصرية.

فيما لفت إلى أنّ أكثر من ۶ من كل ۱۰ مواليد لا يتم إرضاعهم من الثدي خلال الساعة الأولى بعد الولادة، أي ما يعادل نسبة ۶۵٫۷في المئة.

ويحتفل الديوان الوطني للأسرة والعمران البشرى بأسبوع الرضاعة الطبيعية تحت شعار “مع بعضنا… نشجّع الرضاعة الطبيعية”، مؤكدا أن الرضاعة الطبيعية تحمي الطفل من الأمراض، وتمتّن روابط علاقته بأمه، وتوفّر له أفضل بداية في الحياة.

ودعا الديوان الأمهات والعائلات ومهنيّي الصحّة إلى دعم الرضاعة الطبيعية، على الأقل خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل، ثم مواصلتها مع الأكل التّكميلي حتّى سنتين أو أكثر، وذلك من أجل بناء جيل صحي وقوي وآمن، حسب بلاغ له.

العرب