العراق في المقدمة.. النساء في البرلمانات العربية

أصدر العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز قراراً بتشكيلٍ جديد لمجلس الشورى تألف من 150 عضواً، بينهم 30 امرأة.

التزم هذا القرار بالمرسوم الذي أصدره الملك عبد الله بن عبد العزيز عام ۲۰۱۳ بتخصيص خُمس مقاعد مجلس الشورى للنساء.

هذه الخطوة تبقى رمزية إلى حدٍّ كبير في ضوء افتقار المجلس لأي صلاحيات تشريعية، ورغم ذلك، فإنها تُعدّ تقدماً على صعيد منح المرأة السعودية المزيد من الحقوق السياسية.

يعيدنا ذلك للنظر إلى بقية البرلمانات في الدول العربية، ونسبة تمثيل النساء فيها تاريخياً.

مصر

في عام ۱۹۵۶ سمحت مصر للنساء لأول مرة بالتصويت في الانتخابات، وفي العام التالي مباشرة وصلت امرأتان إلى مجلس النواب المصري لأول مرة، وهما: راوية عطية وأمينة شكري.

ظلّت المشاركة النسائية منخفضة حتى عام ۱۹۷۹، حين أقرّت الحكومة المصرية تخصيص كوتة نسائية بـ۳۰ مقعداً كحدٍّ أدنى مع كل انتخابات تالية لتمثل النساء ۸% من إجمالي الأعضاء. وبعد إلغاء هذا النظام في نهاية الثمانينيات انخفضت نسبة المشاركة النسائية إلى أرقام متواضعة: ۷ نائبات في ۱۹۹۰، و۵ في ۱۹۹۵، قبل أن ينخفض العدد مجدداً إلى ۴ فقط في انتخابات ۲۰۰۰ و۲۰۰۵٫

وبعد الانقلاب العسكري ۲۰۱۳ أقر دستور جديد نصّ على زيادة الكوتة المخصصة للنساء في البرلمان. بناءً عليه نالت النساء ۸۷ مقعداً، بحسب الإحصائيات التي أعلنتها الهيئة العام للاستعلامات، ليمثلن ۱۶% في برلمان ۲۰۱۶٫

وفق “دليل المرأة المصرية للانتخابات البرلمانية ۲۰۲۰” الذي أصدره المجلس القومي للمرأة، فإن هذه النسبة زادت في الانتخابات التالية لها بناءً على التعديلات الدستورية التي أجريت عام ۲۰۱۹ ورفعت نسبة التمثيل النسائي إلى ۲۵%.

تُرجمت التعديلات الدستورية إلى القانون (رقم ۱۴۰ لسنة ۲۰۲۰) الذي خصص للنساء ۲۵% من إجمالي المقاعد المنتخبة، مضافاً إليها نصف نسبة الـ۵% من الأعضاء الذين يعينهم رئيس الجمهورية. بذلك ضمَن القانون كوتة نسائية ثابتة في كل برلمان يجري انتخابه وهو ألا يقل عددهن عن ۱۶۲ مقعداً (۱۴ بنظام التعيين + ۱۴۹ بالانتخاب) ليشكلن نسبة ۲۷% تقريباً من المجلس النيابي الحالي، وهي النسبة الأعلى في التاريخ النيابي المصري وتوازي متوسط نسبة التمثيل النسائية العالمية في  البرلمانات الوطنية بحسب تقديرات البنك الدولي.

أما مجلس الشيوخ الحالي، فقد بلغت نسبة النساء فيه ۱۳٫۷% بواقع ۴۱ امرأة من إجمالي ۳۰۰ مقعد.

العراق

سُمح للنساء بالتصويت في الانتخابات للمرة الأولى عام ۱۹۸۰، بحسب ما ورد في بحث “النساء والمشاركة السياسية” للدكتورة حفيظة شقير.

الحق السياسي للمرأة في العراق ظلَّ حبيس النظام الانتخابي الضيق الذي لم يعترف إلا بـ”البعث” حزباً واحداً في البلاد، واستمر التمثيل النسوي في حدود نسبة تمثيل ۸% في ما عُرف بالمجلس الوطني الذي بقي هيئة برلمانية رمزية بشكلٍ كبير بسبب عدم تمتّعه بأي صلاحيات تُذكر واحتكار البعثيين أغلب مقاعده.

بعد سقوط نظام صدام حسين عام ۲۰۰۳ أجريت أول انتخابات برلمانية في يناير ۲۰۰۵، وفق الدستور العراقي الذي نصَّ على تخصيص ۲۵% من المقاعد البرلمانية للنساء.

في الانتخابات الأولى حصدت المرأة العراقية ۷۸ مقعداً من أصل ۲۷۵ مقعداً، ليحققن نسبة قاربت على الثلث، وهي الأعلى في تاريخ العراق، كما أوردت تغريد العذاري في بحثها “المشاركة السياسية للمرأة في الانتخابات البرلمانية العراقية بعد ۲۰۰۳”.

حافظت النساء على نسبة ۲۵% (۸۰ مقعداً تقريباً) حتى انتخابات ۲۰۱۸ التي حصلت النساء فيها على ۸۴ مقعداً من إجمالي ۳۲۹ مقعداً.

وفي نهاية ۲۰۱۹ أُقر قانون انتخابات جديد على وقع احتجاجات تشرين (خريف ۲۰۱۹)، وبناء عليه أعيد تقسيم الدوائر الانتخابية فارتفعت نسبة المرشحات إلى ألف من أصل ۳۲۴۳ مرشحاً يتنافسون على ۳۲۹ مقعداً في البرلمان العراقي.

في أكتوبر ۲۰۲۱ نجحت ۹۷ امرأة في نيل مقاعد نيابية بنسبة ۲۹%، بحسب تقرير “النساء في السياسة ۲۰۲۳″، الذي أصدره الاتحاد البرلماني الدولي

تونس

منذ عام ۱۹۵۷ تمتّعت المرأة التونسية بالحق في الانتخاب والترشح لعضوية المجالس النيابية إلا أنها بقيت أسيرة لنسب مشاركة وفوز هزيلة لسنواتٍ طويلة. وفي عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي تغيّر هذا الوضع بعد إقرار نظام الكوتة النسائية في الانتخابات البرلمانية.

هذا الأمر رفع نسبة النساء في البرلمان إلى ۲۲٫۸% بواقع ۴۳ مقعداً من أصل ۱۸۹، ما اعتبر تغييرا كبيراً مقارنة بانتخابات عام ۱۹۹۹، حين لم تتعد نسبة النساء ۴% فقط، بحسب دراسة “دور المرأة في الحياة السياسة” التي أصدرتها الجامعة اللبنانية الأميركية.

في انتخابات ۲۰۰۹ ارتفع التمثيل النسائي إلى ۲۷٫۲% بوصول ۵۹ امرأة إلى المجلس، عُينت إحداهن نائبة لرئيس المجلس للمرة الأولى.

وعقب الإطاحة ببن علي في ۲۰۱۱ حصلت النساء على ۲۹٫۸% من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي. وفي دورة ۲۰۱۴ ارتفعت النسبة إلى ۳۱% من إجمالي ۲۱۷ نائباً.

التمثيل النسوي المرتفع شهد انخفاضاً كبيراً في انتخابات ۲۰۱۹ إذ وصل إلى ۲۳%، وفي انتخابات ۲۰۲۳ استمرّ التدهور بفوز ۲۵ امرأة فقط بمقاعد نيبابية.

لبنان

يعدُ لبنان أول دولة عربية اعترفت للنساء بالحق في التصويت، وكان ذلك عام ۱۹۵۲٫ ورغم ذلك، لم تحظ اللبنانيات بنسب تمثيل برلمانية كبيرة.

في انتخابات ۱۹۹۲ فازت ثلاث نساء فقط بعضوية البرلمان وهو ذات الرقم الذي تكرّر في الانتخابات التالية ۱۹۹۶٫

وفي ۲۰۰۵ ترشحت ۱۴ امرأة بالانتخابات لتفوز ۶ منهن فقط. وفي ۲۰۰۹ ترشحت ۱۲ امرأة فازت أربع منهن. وفي الدورة الانتخابية ۲۰۱۸ ترشحت ۱۱۳ لتفوز ست نساء فقط. 

وتبلغ النسبة النسائية حالياً ۶٫۳% بواقع ۸ نائبات من إجمالي ۱۲۸ نائباً، بحسب تقرير “النساء في السياسة ۲۰۲۳”.

المغرب

بحسب ورقة “تمثيلية المرأة المغربية في الانتخابات التشريعية على ضوء دستور ۲۰۱۱″، فإن المغرب كان خامس دولة عربية تمنح النساء الحق في التصويت والانتخاب، وذلك عام ۱۹۵۹٫

وجرت أول انتخابات برلمانية في المغرب عام  1963، لكن نتيجتها أن أي امرأة لم تحظ بمقعد نيابي، حيث سيطر الرجال على جميع مقاعده الـ۱۴۴٫

ظلت المرأة المغربية غائبة عن مجلس النواب حتى ۱۹۹۳ حين فازت امرأتان بالعضوية لأول مرة من أصل ۲۲۲ عضوًا، وشكلن ما نسبته ۰٫۹%.

في الانتخابات التالية ۱۹۹۷ فازت امرأتان من إجمالي ۳۲۵ عضوًا بنسبة تمثيل قدرها ۰٫۶%، بينما شهدت انتخابات ۲۰۰۲ طفرة في زيادة الوجود النسائي بعدما أجريت تعديلات قانونية خصّصت للنساء عدداً أكبر من المقاعد، ليقفز عدد المرشحات إلى ۲۶۶ بدلاً من ۷۲ بالانتخابات السابقة فازت منهن ۳۵ بالعضوية ليشكلن نسبة ۱۰٫۷%، وفي انتخابات ۲۰۰۷ انخفض العدد إلى ۳۴٫

بعد ۲۰۱۱ تبنّى المغرب دستوراً جديداً منح النساء المزيد من الأفضلية السياسية وشكلن ۱۷% من أول مجلس نواب تشكّل وفق الدستور الجديد (۶۷ امرأة من إجمالي ۳۹۵ نائباً). زادت هذه النسبة إلى ۲۱% في انتخابات ۲۰۱۶ بواقع ۸۱ امرأة.

وحالياً تشغل النساء ۹۶ مقعداً من إجمالي ۳۹۵ مقعدًا بنسبة ۲۴٫۳%، أما مجلس الشيوخ فبلغت نسبة تمثيلهن فيه ۱۱٫۷% بواقع ۱۴ مقعدا من إجمالي ۱۲۰٫

المصدر: ارفع صوتک