الفن يساعد في دعم التطور المعرفي ويخفف الألم والإجهاد

يؤكد خبراء الصحة على أن الأنشطة الثقافية يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على الصحة الجسدية والنفسية للأشخاص، مشيرين إلى أن المشي في الفعاليات الثقافية، على سبيل المثال، يساهم في تحسين اللياقة البدنية ويعزز من صحة القلب. كما أن المشاركة في الفعاليات الثقافية، حتى بشكل غير منتظم، يمكن أن تسهم في تخفيف الألم والضعف الجسدي والاكتئاب وتقليل الاعتماد على الأدوية.

أظهرت دراسة أجراها خبراء منظمة الصحة العالمية وشركة فرونتير إيكونوميكس الاستشارية، أن الفن يساعد في دعم التطور المعرفي، ويخفف أعراض الأمراض النفسية والألم والإجهاد والتوتر العاطفي.

كما كشفت الدراسة أن المشاركة في الفعاليات الثقافية، حتى بشكل غير منتظم، يمكن أن يسهم في تخفيف الألم والضعف الجسدي والاكتئاب وتقليل الاعتماد على الأدوية، الأمر الذي يؤكد دور الثقافة والفنون في تعزيز الصحة البدنية والنفسية.

ويشير الخبراء، إلى أنه وفقا لنتائج الدراسة التي أجريت في بريطانيا، تُحسّن المشاركة في المناسبات الثقافية والأنشطة الإبداعية نوعية الحياة وتساعد في مكافحة أعراض الأمراض النفسية.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة أجراها متخصصون من منظمة الصحة العالمية وشركة فرونتير إيكونوميكس الاستشارية، بتكليف من وزارة الثقافة والإعلام والرياضة في المملكة المتحدة. وتضمنت الدراسة استطلاع آراء ممثلي ۱۳ مجموعة من سكان بريطانيا. واتضح للباحثين أن الصحة والرفاهية العامة للمشاركين في الاستطلاع تتحسن عندما يحضرون أو يشاركون في الأحداث الثقافية.

فمثلا الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ۶۵ عاما والذين كانوا يحضرون أسبوعيا على مدى ثلاثة أشهر دروسا في الرسم، أصبحوا يشعرون بتحسن حالتهم الصحية. أما استطلاع أكثر من ۳ آلاف شخص أعمارهم بين ۱۸ و۲۸ عاما، فأظهر أنه بعد المشاركة في مثل هذه الأحداث أصبحوا يشعرون بمعنى لحياتهم.

المشاركة في الحياة الثقافية للمجتمع تساعد سكان بريطانيا على التقليل من مراجعة الأطباء

ويقول ماثيو بيل الباحث والمتحدث باسم الشركة “ترتبط المشاركة في الأنشطة الفنية مثل المسرحيات والمسرحيات الموسيقية والباليه، وخاصة دروس الموسيقى، بالحد من الاكتئاب والألم، علاوة على تحسين نوعية الحياة”.

من جانبها تقول ديزي فانكورت، المشاركة في الدراسة، مديرة مركز منظمة الصحة العالمية للتعاون في مجال الفن والصحة “للأنشطة الفنية تأثير متنوع وملموس على الصحة”.

فمثلا يساعد الفن على دعم التطور المعرفي، ويساعد على تقليل أعراض الأمراض النفسية والألم والتوتر. كما أن الانخراط في الإبداع يمكن أن يساعد في تقليل العبء على نظام الرعاية الصحية، من خلال مساعدة الأفراد على إدارة صحتهم بشكل أكثر استباقية، مثل الحفاظ على النشاط البدني والمشاركة الاجتماعية، وتقليل الحاجة إلى الإقامة في المستشفيات أو دور الرعاية.

وتشير هذه الدراسة إلى أن المشاركة في الحياة الثقافية للمجتمع تساعد سكان بريطانيا على التقليل من مراجعة الأطباء. أي يمكن اعتبارها جزءا من برنامج التدابير الوقائية في القطاع الصحي.

وكثيرا ما اعتبر الخبراء الفن نوعا من العلاج النفسي . ويحاول الخبراء دومًا دمج طرق علاج جديدة وحديثة مع الطرق التقليدية مثل إدخال التكنولوجيا والعلم الذي ساعد في علاج الكثير من الأمراض النفسية والجسدية، ومن العلاجات الأخرى التي دُمجت مع العلاج النفسي التقليدي نجد العلاج بالفن.

ويُعرَف العلاج بالفن بأنه استخدام الأساليب الفنية لعلاج الاضطرابات النفسية وتعزيز الصحة العقلية، وهو أسلوب يعتمد على فكرة أن التعبير الإبداعي يعزز الشفاء ويحسن الصحة النفسية، فقد لاحظ الأطباء أن الأشخاص الذين يعانون من مرض نفسي غالبًا ما يعبّرون عن أنفسهم في الرسومات والأعمال الفنية الأخرى، مما دفع الكثيرين إلى استخدام الفن كإستراتيجية علاجية، ومنذ ذلك الحين أصبح الفن جزءًا مهمًّا من المجال العلاجي ويستخدم في بعض تقنيات التقييم والعلاج. والهدف من ذلك هو الاستفادة من العملية الإبداعية لمساعدة الأشخاص على استكشاف التعبير عن الذات، ثم إيجاد طرق جديدة لاكتساب رؤية شخصية وتطوير مهارات تأقلم جديدة.

الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ۶۵ عاما والذين كانوا يحضرون أسبوعيا دروسا في الرسم، أصبحوا يشعرون بتحسن حالتهم الصحية

والعلاج بالفن هو نهج علاجي يستخدم الرسم والتلوين، والنحت، أو أي شكل من أشكال التعبير الفني لمساعدة الأفراد على معالجة مشاعرهم وفهم مشاكلهم، وتحسين نوعية حياتهم. ويمكن تطبيق العلاج بالفن في جلسات فردية أو جماعية، مع متخصصين مدربين في هذا المجال.

ولا يعتمد العلاج بالفن على المهارات الفنية أو الخبرة السابقة، بل يركز على عملية الإبداع بحد ذاتها كوسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر التي قد يصعب التعبير عنها بالكلمات.

وقد يجد البعض صعوبة في التعبير عن مشاعرهم بالكلمات. ويتيح الفن مساحة آمنة للتعبير عن المشاعر الداخلية مثل الحزن والغضب أو القلق بطرق غير لفظية.

كما أن الانخراط في الأنشطة الإبداعية يساهم في تهدئة العقل والجسم. والتركيز على الرسم أو التلوين يمكن أن يقلل من التوتر ويعمل كوسيلة للتأمل.

ويؤكد الخبراء أن إنجاز عمل فني يمنح الشخص شعورًا بالإنجاز والرضا، مما يعزز الثقة بالنفس والشعور بالكفاءة.

ويمكن للأعمال الفنية أن تكون وسيلة للتواصل مع الآخرين. فعرض العمل الفني أو مناقشته قد يفتحان الباب للحوار والتفاهم.

كما أن الأفراد الذين يعانون من الصدمات النفسية يمكنهم استخدام العلاج بالفن كوسيلة للتعامل مع ذكريات مؤلمة بطريقة آمنة وموجهة، إضافة إلى أن الفن يحفز النشاط الإبداعي في الدماغ، مما يساعد على تحسين المزاج وزيادة الإحساس بالراحة والاسترخاء.

العلاج بالفن يركز على عملية الإبداع بحد ذاتها كوسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر التي قد يصعب التعبير عنها بالكلمات

ويوفر المعالج بالفن بيئة مريحة حيث يمكن للفرد أن يعبّر عن نفسه بحرية دون خوف من الحكم أو النقد.

ويتم تشجيع الفرد على استخدام أدوات مثل الألوان والفُرَش، أو الطين للتعبير عن أفكاره ومشاعره.

وبعد الانتهاء من العمل الفني، تتم مناقشة المعنى وراء الألوان، الأشكال، أو الرموز المستخدمة، وهذه المناقشة تساعد في فهم أعمق للمشاعر والأنماط العاطفية.

وتعتبر الأنشطة الثقافية من العناصر الأساسية التي تساهم في تعزيز الصحة العامة. وحيثما كانت هذه الأنشطة متنوعة، فإنها تلعب دورًا محوريًا في تحسين جودة الحياة وتعزيز الرفاهية النفسية والجسدية.

وتساهم الأنشطة الثقافية في تحسين الصحة النفسية للأفراد، وذلك بـ :

  • تخفيف التوتر والقلق: المشاركة في الفنون أو الأنشطة الثقافية تساعد على تخفيف الضغوط النفسية.
  • تعزيز الشعور بالانتماء: من خلال الانخراط في الفعاليات الثقافية، يشعر الأفراد بأنهم جزء من مجتمع أكبر.
  • تحفيز الإبداع: الأنشطة الثقافية تشجع على التفكير الإبداعي، مما يساهم في تحسين الصحة العقلية.

وإضافة إلى ذلك، فإن الأنشطة الثقافية يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على الصحة الجسدية. حيثما يتم دمج الأنشطة البدنية مع الفنون، يمكن أن تكون النتائج مذهلة. فعلى سبيل المثال:

المشي في الفعاليات الثقافية: يساهم في تحسين اللياقة البدنية ويعزز من صحة القلب.

الأنشطة اليدوية: مثل الحرف اليدوية، تساعد في تحسين التنسيق بين اليد والعين.

المصدر: العرب