اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
هذه المرأة الحديدية هي الأستاذة المستشارة سعادة فوزي الدجاني التي ولدت في غزة بعد رحيل أسرتها من القدس، حيث تلقت تعليمها في مدارسها حتى التحقت بجامعة عين شمس في القاهرة وتخرجت منها سنة ۱۹۶۷ وحصلت على ليسانس الحقوق وكلها أمل وتصميم للعمل في سلك القضاء، فتدربت في مكتب والدها المحامي الكبير فوزي الدجاني الذي غرس في وجدانها حب الوطن والعدالة لتكون أول محامية فلسطينية تمارس مهنة المحاماة، وما لبثت أن استوعبت رسالة والدها حتى تفوقت على نفسها فعينت كأول وكيلة للنائب العام سنة ۱۹۷۱، ومن ثم أثبتت أنها جديرة لتكون أول قاضية في محكمة الصلح سنة ۱۹۷۳، واستمرت تشغل هذا المنصب مدة ثلاثة عشر عاماً حتى سنة ۱۹۸۷ حيث تم تعيينها قاضية في المحكمة المركزية حتى سنة ۱۹۹۵ عندئذ صدر قرار رئاسي بترقيتها لتصبح قاضية بالمحكمة العليا ومسجلاً أعلى، فكانت بلا شك أول إمرأة فلسطينية وعربية تشغل هذا الموقع المهم دون منازع.
العدالة أولاً
تقول المستشارة سعادة الدجاني عن مشوارها الطويل في السلك القضائي أنها وصلت إلى ما هي عليه الآن بالتدريج ولم تعين فجأة كقاضية أو مستشارة فقد كانت لديها الجاهزية والاستعداد لتحمل مسؤولية أي موقع جديد طالما أنها نجحت في المواقع السابقة فهي تؤمن بمقولة أن البقاء للأفضل سواء للرجل أو المرأة ومن يتفوق ويثبت جدارة بالعمل فمن حقه الترقي والتقدم للأمام.
وتضيف الدجاني أن عملها يتعاظم ويكتسب أهمية كبيرة مع قبول المجتمع لها والترحاب بها كقاضية طالما أنها تمارس مهنتها بإخلاص وحياد مشيرة إلى أن القاضي سواء كان رجلاً أم إمرأة يتوجب عليه النفاذ إلى أعماق مجتمعه ليتحسس مشاعره ومعاناته بهدف تطبيق القوانين وإرساء مبادئ العدالة والمساواة.
وهنا التجربة أثبتت أن النساء الفلسطينيات قادرات على العطاء والتميز في عملهن فالمستشارة سعادة الدجاني جمعت في عملها بين الرقة والشدة، بين العقل والعاطفة، وتمكنت من حسم قضايا عديدة منها الجنح والجنايات مثل جرائم القتل، وتقول بهذا الصدد” عندما كنت أصدر أحكامي في قضية قتل لم يكن يهمني الحكم على المجرم بالإعدام، ولا أكون متضايقة لأنني أصدرت هذا الحكم لكن من الممكن أن أحزن على طفل صغير أو على إمرأة مقهورة ومضطهدة، وقد سبق وحكمت في كثير من القضايا بالإعدام وهناك بعض القضايا تشمئز منها وتصدر فيها الحكم وأنت راضي تماما، ولا يهمني هذا الطرف أو ذاك لكن ما يهمني الأوراق الثبوتية والشهادات التي بين يدي”.
وتضيف الدجاني أنها تضع عاطفتها جانباً عند إصدار الأحكام ولا يهمها شخص يتباكى ويمثل دور الضحية فإذا كان المتهم يستحق البراءة أمنحه إياها فوراً، وإذا كان يستحق الإدانة لن أتردد في إصدارها لينال عقابه، مؤكدة أنها لا تخشى إلا رب العالمين ولا تعبأ بردود الأفعال الغاضبة عند إصدار الأحكام.
خلل اجتماعي
ترد الدجاني على التساؤلات التي تطرح هنا وهناك حول عمل المرأة في سلك القضاء، وتتساءل لماذا التمييز والتفريق بين قاضي وقاضية؟ طالما أن الرجل والمرأة بالأساس هما إنسان، مشيرة إلى أن المطلوب بهذا المجال توعية وتثقيف فئات المجتمع وتكريس مبدأ احترام وتقدير الإنسان سواء إمرأة أو رجل ومحاسبة كل إنسان بقدر عطائه وخدمته لمجتمعه.
وتؤكد الدجاني أن المسؤول عن هضم حقوق المرأة ونفي شخصيتها متمثل بذلك الخلل الإجتماعي الموجود في بعض الحالات المتشددة والظواهر السلبية والسلوكيات الخاطئة التي تنم عن فهم غير صحيح ومشوه للأمور الدينية والدنيوية.
وأوضحت الدجاني أن القانون ينص على أن الفلسطينيين متساوون في جميع الحقوق والواجبات، لكنها في الوقت نفسه شددت على ضرورة أن تقوم النساء بتأدية واجباتهن على أكمل وجه حتى يحصلن على حقوقهن كاملة ويحظين بمكانة مرموقة في المجتمع.
وفيما يتعلق بحياتها الاجتماعية تقول الدجاني أن عملها في القضاء لم يؤثر على شخصيتها في منزلها الذي يعمه التعاون والمحبة والألفة والمرونة مع إمكانية التنازل عن بعض الأمور لمصلحة أسرتها لكن في المحكمة لا تنازل أو تهاود عن الحق ولابد من الإصرار على تحقيق العدالة. وتضيف الدجاني أن علاقتها مع الناس جيدة، لكنها لا تمارس أي نشاط خارج نطاق عملها بحكم ضوابط مهنتها القضائية.