اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
هذه الجريمة لم تكن معزولة، بل جاءت لتضاف إلى سلسلة طويلة من جرائم قتل النساء في فلسطين، والتي تتصاعد في ظل أزمات مركبة تشمل الاحتلال والحصار والانقسام وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يجعل النساء والفتيات الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للعنف والقتل.
في حديث خاص لنساء إف إم، حذّر نبيل دويكات، مسؤول البحث والمناصرة في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، من تصاعد جرائم قتل النساء خلال العامين الأخيرين، قائلاً إن “الظاهرة مستمرة، بل وتزداد حدة في ظل التحديات الوطنية الكبرى، مما يعكس خللاً عميقًا في البنية المجتمعية، ويشكّل مؤشرًا خطيرًا لتطبيع العنف القائم على النوع الاجتماعي”.
وأوضح دويكات أن المركز وثّق ۴۹ حالة قتل لنساء خلال عامي ۲۰۲۳ و۲۰۲۴، بواقع ۲۳ حالة في العام الأول و۲۶ في العام الثاني، مع توثيق دقيق يشمل أعمار الضحايا، وطرق القتل، والوضع العائلي، وعدد الأطفال لدى الضحايا المتزوجات. وأضاف: “كل عام لدينا أكثر من ۴۰ طفلاً يفقدون أمهاتهم بسبب جرائم القتل، ويقعون تحت وطأة ضغط نفسي واجتماعي هائل”.
ومن أبرز ما أشار إليه دويكات أن جزءًا كبيرًا من هذه الجرائم لا يتم الكشف عنه في حينه، موضحًا أن “بعض الحالات لا يُكشف عنها إلا بعد مرور سنوات، كما حدث في أكثر من واقعة صادمة”. وأضاف أن ما يزيد من تعقيد المشهد هو “تكييف القضايا قانونيًا” بما يخفي حقيقتها، إذ تُسجل بعض جرائم القتل كـ”انتحار” أو تُدرج ضمن ما يسمى “جرائم الشرف”، رغم أن المعطيات تؤكد عكس ذلك.
ولفت إلى أن أكثر من ۳۰% من الحالات التي يتم توثيقها تسجل على أنها انتحار، رغم وجود مؤشرات واضحة تدل على أنها جرائم قتل، ما يطرح تساؤلات جادة حول جدية التحقيقات، وآليات جمع الأدلة، والدوافع وراء التكييفات القانونية الخاطئة.
وأشار دويكات إلى أن المركز وثّق خلال الفترة الأخيرة حالات قتل دون أي ذنب أو مبرر واضح، مثل سيدة في غزة قُتلت بإطلاق ۹۰ رصاصة على سيارتها، ثم قيل إنها “قُتلت عن طريق الخطأ”، كما سُجلت حالات في مخيم جنين، لا تزال عائلات الضحايا تجهل حتى اليوم هوية القاتل.
وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتقطيع أوصال الضفة الغربية، والانهيار الاقتصادي، يرى دويكات أن النساء يتحملن العبء الأكبر، مشددًا على ضرورة التعامل مع جرائم قتل النساء باعتبارها قضية مجتمعية ووطنية بامتياز، تتطلب تدخلًا عاجلًا على مستوى السياسات، والقوانين، والخطاب الثقافي والإعلامي.
وأكد أن مركز المرأة لا يقتصر دوره على التوثيق، بل يوفر كذلك خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للنساء المعنفات، إلى جانب توثيق الانتهاكات الإسرائيلية ضد النساء الفلسطينيات في مختلف المناطق.
واختتم دويكات حديثه بالتأكيد على أن معالجة هذه الجرائم لا تكون فقط بمحاسبة الجناة، بل أيضًا بمحاربة ثقافة التبرير والتستر، وتوفير بيئة قانونية ومجتمعية تحمي النساء وتكفل لهن حياة آمنة وكريمة.
نساءFM