اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
ومنتصف الشهر الجاري، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (جهة حكومية) وصول نسبة الطلاق إلى ۲٫۵ من كل ألف من السكان، الذين وصل عددهم إلى نحو ۱۰۵ ملايين مواطن، مع استمرار تراجع نسب الزواج من ۹۲۷ ألفاً و۸۴۴ عقد زواج عام ۲۰۱۹ إلى ۸۸۰ ألفاً و۴۱ عقداً عام ۲۰۲۱، كما أعلنت شركة استطلاعات رأي خاصة أن نسبة الزواج انخفضت بنحو ۲۰% خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
ويرى متخصصون -تحدثوا للجزيرة نت- أن الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي من أهم أسباب ارتفاع نسب الطلاق والعزوف عن الزواج في مصر، بعد انتشار الصراعات بين الرجل والمرأة بشكل دفع إلى زيادة الشقاق وغياب الوفاق وتخويف الشباب من الزواج.
وقد حذر رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في وقت سابق من زيادة نسب الطلاق وعزوف الشباب عن الزواج، مؤكداً خوفه مما سمّاه “الكفر بفكرة الزواج والأسرة”.
يبلغ عدد الأسر المصرية ۲۵٫۸ مليون أسرة، وفق الأرقام الأخيرة التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في ۱۵ مايو/أيار الجاري، وبلغ عدد حالات الطلاق آخر عام إحصائي (۲۰۲۱) ۲۵۴ ألفاً و۷۷۷ حالة طلاق، بمعدل ۲٫۵ لكل ألف من السكان، مقابل ۲۲۲ ألفاً و۳۶ حالة عام ۲۰۲۰، بنسبة زيادة مقدارها ۱۴٫۷%.
ووفقاً لإحصاءات الجهاز المركزي عام ۲۰۲۱، فإن العاصمة القاهرة تتصدر نسب الطلاق تليها محافظة الجيزة، ثم محافظات الإسكندرية والشرقية والدقهلية، بينما تعد المحافظات الحدودية هي الأقل في نسب الطلاق، تتقدمها جنوب سيناء، ثم محافظات الوادي الجديد، البحر الأحمر، شمال سيناء، مطروح.
وبحسب بيانات المسح الصحي للأسرة المصرية عام ۲۰۲۱، فإن عدد عقود الزواج على مستوى الجمهورية بلغ ۸۸۰ ألفاً و۴۱ عقد زواج عام ۲۰۲۱ بمعدل ۸٫۶ لكل ألف من السكان.
وفي سبتمبر/ أيلول ۲۰۲۱، شهدت عقود الزواج انخفاضاً بنسبة ۵٫۶%، بحسب إحصاءات الجهاز لعام ۲۰۲۰، إذ بلغ عدد عقود الزواج ۸۷۶ ألفاً و۱۵ عقداً عام ۲۰۲۰، مقابل ۹۲۷ ألفاً و۸۴۴ عقداً عام ۲۰۱۹٫
وكشف محمد أحمد الرئيس التنفيذي لشركة “إجابات” لاستطلاعات الرأي (قطاع خاص) -قبل أيام- أن نسبة الزواج انخفضت بنحو ۲۰% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مؤكداً في تصريحات له أن الزواج بات في مصر على صفيح ساخن وأصبحت الصورة الذهنية عنه “مشوّهة”.
تلقي أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس الدكتورة سامية خضر صالح باللائمة على سوء استخدام وسائل التواصل، وهو ما ساهم في تعميق أزمة الطلاق والعزوف عن الزواج، معتبرة أن سوء الاستخدام ينتج خطاباً اجتماعياً زائفاً وخطيراً حلَّ محل الأب والأم وكيان العائلة والطبيب والإعلامي والفنان، في غياب الحوار الأسري والإبداع الفني والدور الإعلامي الإيجابي والقيم الأخلاقية المثلى، والهوية الثقافية، وعدم وجود قدوة أمام الشباب والفتيات.
وتوضح الدكتورة سامية في حديثها للجزيرة نت أن “البنيان الاجتماعي للأسرة والعلاقات باتا مهدَّدين في ظل التحريض ضد الأسرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتأثير السلبي لكل من هبَّ ودبَّ وعدم احترام الأمومة، حتى وصل الأمر إلى تنظيم حفلات طلاق، على وسائل التواصل”.
وتشير إلى انتشار “خطاب اجتماعي زائف” على وسائل التواصل، يروّج لأنماط علاقات أسرية واجتماعية خيالية، الأمر الذي يعطي انطباعات غير حقيقية عن شكل الحياة والأسرة ومواصفات الزوج والزوجة، مما يزيد من الصدمات والصِدام. ونتج عن ذلك زيادة حالات الطلاق إلى حالة كل دقيقتين خلال العام الماضي، بعدما كانت قبل ۱۲ عاماً حالة كل ۷ دقائق.
وتشير أستاذة علم الاجتماع إلى أن مصر لم تكن تعاني من البعد الأسري كما هو الحال الآن، مما يؤكد أهمية استعادة الدولة لدورها المفترض في التوعية والرقابة والإبداع وتجييش كل العاملين في الوزارات ذات الصلة بالإعلام والفن والثقافة والتربية والتعليم، بدءاً من المتخصص الاجتماعي بالمدارس.
ويؤكد الدكتور محمود القلعاوي المستشار الأسري ومدير “أكاديمية بسمة للسعادة الزوجية” أن سوء استخدام منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما في المجموعات النسوية والذكورية، بات إحدى أدوات التخريب الأسري والاجتماعي.
ويقول القلعاوي للجزيرة نت إنه رغم جهد المستشارين والمتخصصين على منصاتهم لمواجهة تلك المجموعات والشكاوى المتكررة ضدهم، ولكن تعقّد الظروف الاقتصادية والاجتماعية يساهم بشكل غير مباشر في علو صوت المحرّضين على كيان الأسرة ورواج فكرة الطلاق كحل سريع من دون تفكير.
وحذر مدير أكاديمية بسمة للسعادة الزوجية أن تلك الإجراءات باتت تثير القلق لدى المقبلين على الزواج من فكرة الارتباط بالأساس، ويجعلها فكرة مفزعة، وهو ما يستوجب تضافر الجهود للعمل على استقرار البيوت وتقويض أسباب الطلاق.
وكثيراً ما تنال وسائل التواصل في مصر قسطاً كبيراً من الهجوم، باعتبارها إحدى أدوات تفسّخ الأسر والعزوف عن الزواج أو التحريض على الطلاق، بينما يدافع عنها البعض.
ومن جانبه حذّر مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، في وقت سابق، من “إدمان وسائل التواصل الاجتماعى” وسوء استخدامها، معتبراً أنها أصبحت أحد العوامل المسبّبة لزيادة حالات الطلاق، مؤكداً أن انصراف الزوجين إلى عالم افتراضي خاص جعلهما يتخذانه متنفسّاً في تعدّد العلاقات والصداقات المضرّة ونشر مختلف الأحوال والشؤون الخاصة، مما أضر بكيان الأسرة.
ولكن سلمى علاء، العضو بإحدى المجموعات النسائية على موقع “فيسبوك” تقول -في حديث للجزيرة نت- إن هذه المجموعات تتعرّض لهجوم غير مبرّر، رغم أن بعضها يوفر فرص توعية للسيدات والبنات، مقابل مجموعات الرجال التي تحرّض ضد النساء بشكل دائم، وفق رأيها.
وتوضح سلمى، وهو اسم مستعار بناء على طلبها، أن هذه المجموعات ليست كلها مع الطلاق، وإنما هي مجرّد منتديات نسائية فيها الرأي والرأي الآخر، وفيها من ينصح بالطلاق ومن ينصح بالبقاء، وصاحبة المشكلة هي من تحدّد.
ولكنها تعترف بأن عضوات المجموعات يقدمن النصائح بناء على خلفيتهن الشخصية والاجتماعية وتجاربهن الذاتية، وتكثر فيها بالفعل نصائح الطلاق. ولكنها تستدرك “هناك عضوات متخصصات كذلك، وينصحن بالمناسب، ولكن عموماً للأسف لا يوجد وعي بالزواج الصحيح ولا وعي بالطلاق الصحيح، وهو ما يشعل العراك دائماً”.
المصدر : الجزيرة