اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
قدمت ريم السالم للجمعية العامة للأمم المتحدة تقريرا حول العنف الذي تواجهه النساء والفتيات في مجال الرياضة. وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة شددت السالم على ضرورة تعزيز دور الإعلام في تغيير الصورة النمطية وتوفير بيئة إيجابية ومشجعة لمشاركة المرأة في الرياضة.
أشارت المقررة الأممية المستقلة* إلى أشكال متعددة من العنف من بينها العنف الجسدي والاقتصادي والرقمي والاستبعاد من المشاركة. وعزت المقررة الأممية أسباب العنف ضد النساء في مجال الرياضة إلى عدة أسباب من بينها القوالب النمطية الجنسانية، والثقافة الذكورية السائدة، ونقص التمثيل النسائي في المناصب القيادية، والإفلات من العقاب.
واقترحت جملة من الحلول من بينها ضرورة توفير بيئة آمنة وخالية من العنف، وتشجيع مشاركة المرأة في الرياضة، ومعالجة التمييز في الاستثمار والتغطية الإعلامية، ومحاسبة مرتكبي العنف.
UNFPA Egypt
يُذكر أن المقررين الخاصين يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. وهذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم. كما أن آراءهم لا تعكس بالضرورة مواقف وآراء مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
في بداية الحوار طلبنا من المقررة الخاصة السيدة ريم السالم أن تلخص لنا أهم ما ورد في هذا التقرير.
ريم السالم: استعرضت في هذا التقرير أشكال العنف التي تواجهها النساء والفتيات في الرياضة وأسبابها، وأيضا الجهات التي ترتكب هذا العنف. وأقدم فيه توصيات لتحسين الوقاية والاستجابة للعنف ضد النساء والفتيات في الرياضة.
وبما أنني مقررة معينة من قبل مجلس حقوق الإنسان أتناول أيضا الإطار القانوني الدولي الذي له علاقة بهذا الموضوع، وأيضا استعرض بعض الممارسات الجيدة التي اعتمدتها الدول لتعزيز المشاركة المتساوية والفعالة. وأيضا أتحدث عن الأسباب وراء هذا العنف ضد النساء والفتيات في الرياضة.
هناك أسباب هيكلية ونظامية مثلا أن المجتمع لا يشجع النساء والفتيات على المشاركة في الرياضة، وهناك القوالب النمطية الجنسانية الضارة والمعايير الثقافية التي هي – كما قلت – لا تشجع المرأة أو الفتاة، هناك أيضا الثقافة الذكورية السائدة في الرياضة كما في جميع أشكال الحياة.
هناك أيضا تمثيل ناقص في الأدوار الرياضية، مثلا لا نجد عددا كبيرا من النساء المسؤولات في الأندية الرياضية، أو في الوزارات المعنية بتشجيع الرياضة، هناك أيضا نقص في المساواة فيما يتعلق بالاستثمار في الرياضة، أي أن هناك تركيزا كبيرا – سواء من ناحية الدعم المعنوي أو السياسي أو الاقتصادي – على الرياضة الذكورية.
هناك إفلات واسع النطاق من العقاب بالنسبة لأي شخص يتعدى على حقوق المرأة أو الفتاة في الرياضة
هناك أيضا إفلات واسع النطاق من العقاب بالنسبة لأي شخص يتعدى على حقوق المرأة أو الفتاة في الرياضة، هناك انعدام في المساءلة عن أعمال العنف التي ترتكب بحق الفتيات والنساء. تشعر وكأن عالم الرياضة له قوانينه الخاصة ويتم التعامل معه باستقلالية. لماذا؟ لأن التركيز هنا على الفوز والحفاظ على سمعة الفريق.
ريم السالم: رأينا خلال السنوات الأخيرة أن هناك بعض الدول تسمح للذكور الذين يعرفون أنفسهم على أنهم إناث بالمشاركة في الرياضة النسوية – أي أن يتباروا أو يتسابقوا ضد فتيات أو إناث. طبعا نحن نعرف أن التكوين البيولوجي له تأثيره. هناك دراسات عديدة وتوثيق أن الذكر لكونه ذكرا فهذا يعطيه أفضلية على الإناث، وهذا يعني أن الفرصة العادلة للمتسابقة الأنثى تزول إذا سُمح للذكر أن يتبارى معها في نفس التصنيف. طبعا يجب أن نسمح للجميع بالمشاركة في الرياضة لأن الرياضة مهمة – سواء لمن يعرفون أنفسهم على أنهم ذكور أو إناث – ولكن يجب أن تكون هناك معاملة عادلة.
أقدم بعض الحلول لهذا الموضوع، مثلا يمكن للأندية أن تنشئ فئات مفتوحة للجميع في الرياضة بغض النظر عن نوع الجنس– أي يمكن للجميع المشاركة سواء كانوا ذكورا أم إناثا.
وأنا أشجع على إعادة تقديم إمكانية الفحوصات الطبية البسيطة للتمييز بين الجنسين، لكي نعرف هل هذا المتباري ذكرا أم أنثى لأجل تحديد العدالة والفرص أمام الجميع، لأنه ليس من العدالة أن تكون هناك إناث قد تدربن طوال حياتهن ويرغبن في الفوز مثل اللاعب الذكر الذي يود أيضا الفوز ويقدم أحسن ما لديه.
اللاعبة أو المتبارية الأنثى لها الحق في الفرصة الكاملة العادلة. المشكلة هي أن التكوين البيولوجي يؤثر على الأداء – سواء شئنا أم أبينا. ولا يمكننا أن نتغاضى عن ذلك. إذا سمحنا للذكور أن يتباروا ضد النساء فهذا يرسل رسالة للإناث أنهن يتعين عليهن دائما تفضيل رغبة الذكر، وأن أحلامهن وقدراتهن وإمكانياتهن تأتي في المؤخرة، فهل هذا هو المجتمع الذي نريده؟
ريم السالم: تناولت بشكل سريع في التقرير أن هناك من ينادي – وأرى أن هذا نداء مشروعا – بأنه يجب اتباع نهج متسق بشأن مشاركة رياضيين يحملون جنسيات دول متورطة في ارتكاب فظائع جسيمة ضد النساء، أو فظائع حقوقية جسيمة بشكل عام، وخاصة ضد النساء، وأذكر على سبيل المثال الفريق الوطني لأفغانستان والفريق الوطني لإسرائيل.
لماذا؟ لأن حكومة طالبان في أفغانستان تقوم باضطهاد النساء والفتيات على أساس جنسهن ولا يستطعن المشاركة لا في الحياة العامة ولا الخاصة، وليس بوسعهن ممارسة الرياضة، وقد تم إقصاؤهن تقريبا من الحياة العامة. حاليا، الفريق الوطني الأفغاني يتكون بشكل عام من الرجال، لأن حكومة طالبان لا تسمح للنساء والفتيات بالمشاركة في الرياضة.
لا يمكننا أن نسمح للدول التي تنتهك حقوق النساء أن يتم احتواؤها من قبل المجتمع الدولي حتى من خلال الرياضة
وإذا نظرنا إلى إسرائيل، فهناك تقريبا ۴۲ ألف فلسطيني قتلوا منذ بداية الحرب على غزة في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي – غالبيتهم من النساء والأطفال. ونعرف أن مـحكمة العدل الدولية ترى أنه من المحتمل أن تكون إسرائيل قد ارتكبت أعمال إبادة جماعية.
الذي أقوله هو أننا لا نستطيع أن نسمح لهذه الدول التي تقوم بانتهاكات جسيمة لحقوق النساء أن يتم احتواؤها من قبل المجتمع الدولي حتى من خلال الرياضة. يجب أن تكون هناك تبعيات لمثل هذا التصرف. محكمة العدل الدولية قالت في الرأي الاستشاري حول الاحتلال الإسرائيلي إنه لا يجب التعامل مع المؤسسات أو الأفراد الذين من شأنهم أن (يرسخوا) الاحتلال. ونحن نعلم أن هناك عددا من الأندية الرياضية الإسرائيلية لكرة القدم هي أصلا تتبع لمستوطنات.
© UNICEF
ريم السالم: أنا شاركت قبل أيام في ندوة نظمتها جامعة ستانفورد لتكريم حياة ريبيكا تشيبتيغي وهي قتلت من قبل شريك حياتها السابق، وهو مثال على ما كنت أقوله إن الأندية والفرق الرياضية وحتى المدربين ليس لديهم القدرة أو المعرفة حول كيفية الاستجابة للعنف الأسري أو عنف الشريك حتى إذا أبلغوا بهذا الموضوع.
فهناك نقص في المعرفة والآليات اللازمة للتعامل مع هذا الموضوع. ولكن يجب أن نعترف أنه أحيانا هناك عدم رغبة. هناك قرار سياسي أن هذا ليس موضوعا يجب أن نتدخل فيه.
وللأسف قتلها هو علامة على ذلك. ونحن نعرف أنه حتى بعيدا عن الرياضة فالنساء في كثير من المرات يتعرضن لتهديدات أو محاولات قتل عديدة من الشركاء أو من أفراد العائلة قبل أن يتم قتلهن بالفعل. وتحاول النساء طلب النجدة – سواء كان من البوليس أو من أفراد عائلة – ولكن لا يؤخذ طلبهن على محمل جد حتى تقع الكارثة.
ريم السالم: العنف الاقتصادي هو نوع من أنواع العنف الذي تتعرض له النساء والفتيات في الرياضة. وهو نوع من أنواع العنف القائم على نوع الجنس ضد النساء أو الفتيات، بسبب كونهن إناثا في الرياضة. في منطقتنا قد لا يوجد الكثير من المعرفة أو الدراية بماهية العنف الاقتصادي.
مثلا يأخذ هذا النوع من العنف شكل السيطرة على مواردهن المالية من قبل الذكور – سواء كانوا في الأندية أو المدربين أو أفراد عائلاتهن ويتم استغلالهن اقتصاديا فتفقد النساء والفتيات السيطرة على مكاسبهن ويحرمن من الموارد المالية، ويمكن أن يجبرن على توقيع عقود استغلالية تعطي الأولوية وتفضل المديرين أو الوكلاء أو المنظمات الرياضية، وتأخذ جزءا غير متناسب من أرباحهن.
في الإكوادور يتقاضى لاعب كرة القدم الذكر نحو ۱۰۰ ألف دولار شهريا، بينما تتقاضى لاعبة كرة القدم ۴۰۰ دولار شهريا
فهذا يتركهن بدون أمان أو استقلال مادي أو مالي، ويمكن أيضا ألا يحصلن على تعويض مناسب. على سبيل المثال، أفاد مسح عالمي أجري عام ۲۰۱۷ بأن متوسط الراتب في كرة القدم النسائية بلغ ۶۰۰ دولار. وفي الإكوادور مثلا يتقاضى لاعب كرة القدم الذكر ما يصل إلى ۱۰۰ ألف دولار شهريا، بينما تتقاضى لاعبة الكرة القدم ۴۰۰ دولار، وهذا يبين حجم الفجوة الكبيرة بين المردود المالي للاعبة المحترفة الأنثى مقارنة بنظيرها الذكر في البلد نفسه وفي الرياضة نفسها.
هناك اعتقاد بأن الإيرادات التي تجنيها الأندية من مباريات الرياضة الذكورية أكثر بكثير من المردود المالي الذي يتم جنيه من الرياضة النسائية. ونرى تداعيات هذا الأمر في كيفية تغطية وسائل الإعلام. على سبيل المثال، التغطية الإعلامية المخصصة للرياضة التنافسية النسائية بين ۲-۴% من التغطية العامة مقابل ۹۶% للرياضة الذكورية. يمكن للعنف الاقتصادي أيضا أن يمنع الرياضيات من متابعة الفرص التعليمية أو الحفاظ على وظائف خارج مسيرتهن الرياضية.
Yokasta Valle
(يسار) يوكاستا فالي ملاكمة محترفة من كوستاريكا.
ريم السالم: يجب أن يؤخذ ذلك على محمل الجد. ماذا نعني بالعنف الرقمي في الرياضة؟ من خلال البحث وجدت أن النساء والفتيات في الرياضة يتعرضن بشكل كبير للتهديدات العنيفة والمعادية والتحرش – سواء كان جنسيا أو غيره من السلوكيات المسيئة في العالم الرقمي.
إنهن يتعرضن لإساءات جنسية، وعنصرية، وخطاب الكراهية، والسخرية. إنهن يتعرضن – بصورة أكثر من الذكور – إلى اللوم عندما يفشلن في الفوز بالمنافسات. يمكن أن يتعرضن أيضا للسخرية بسبب أجسامهن. يمكن أن يتعرضن أيضا للابتزاز بنشر معلومات شخصية عنهن.
وإذا كان مظهر اللاعبة الأنثى يعتبر ذكوريا – إلى حد ما – فإنه يتم إهانتها ويتم شتمها بالقول القبيح. وجدنا أيضا أن الرياضيات يواجهن نشر صورهن الجنسية من غير موافقتهن على الإنترنت. وطبعا حاليا لدينا تطبيقات يمكن من خلالها تعرية (صور) الشخص بشكل قسري. وبالتالي فإنهن يواجهن هذه المشكلة.
العنف الذي يتعرضن له يؤثر على صحتهن العقلية وإحساسهن بالأمان مما ينعكس سلبا على أدائهن الرياضي. بشكل عام ليس لدى كل دولة الآليات والقوانين أو الرغبة السياسية التي تمكنها من التعامل مع العنف الرقمي ضد النساء. لكن يجب التعامل مع هذا الموضوع بحزم أكبر.
ريم السالم: بوصفي مقررة أممية، يطلب مني مجلس حقوق الإنسان تقديم تقريرين سنويا. أحدهما لمجلس حقوق الإنسان والآخر للجمعية العامة للأمم المتحدة. أما اختيار المواضيع فهذا أمر يخصني. أنا لي الحرية الكاملة في انتقاء الموضوع. وأنا، بشكل عام، أحب أن اختار المواضيع المعقدة أو تلك التي أحس أنه لم يتم تناولها كما يجب، خاصة من ناحية حقوقية.
أنا أو حتى المقررات السابقات تناولنا وضع فئات معينة من النساء والفتيات قد لا يتم الحديث عنهن كثيرا. أحسست أن موضوع المرأة والفتاة في الرياضة لا يتم تناوله كثيرا من الناحية الحقوقية. نحن نعلم أنه يوجد عنف ولكن لم يتم إعداد تقرير كامل بالنسبة لهذا الموضوع. وجدت أن التوقيت مناسب مع دورة الألعاب الأولمبية في باريس هذا العام.
هناك إدراك بأن الرياضة آلية مهمة لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة
جرى الحديث مؤخرا عن كيفية تعزيز المشاركة النسوية في الرياضة، لأن هناك إدراكا بأن الرياضة هي آلية مهمة يمكن أن تدفع إلى تحقيق أو المساعدة في الوصول إلى المساواة بين الرجل والمرأة، وأن يمكن تحفيز وضع المرأة في المجتمع إذا تم الاستثمار فيها. كذلك لاحظت أن هناك اهتماما أكبر من كثير من الدول والأندية الرياضية بمعالجة قلة المشاركة النسوية حتى في الرياضة الاحترافية.
Diablos Rojos del México
فريق ديابلوس روجوس فيمينيل من مكسيكو سيتي.
ريم السالم: يقدم التقرير العديد من التوصيات لجميع الجهات الفاعلة في موضوع الرياضة، ليس فقط الرياضة المحترفة، بل أيضا الرياضة الاعتيادية التي يقوم بها الشخص العادي أو حتى في المدارس. كثيرة هي التوصيات، ولكن أهمها هو أخذ قرار متعمد من جميع الجهات الفاعلة بضرورة معالجة موضوع العنف ضد المرأة في الرياضة والعمل على زوال الأسباب وراء هذه الظاهرة، وتحقيق العدالة والسماح لضحايا هذا العنف ليس فقط بالإبلاغ ولكن أيضا بالحصول على الحلول والمساعدة والحماية. ويجب أن تتضافر هذه الجهود، فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع.
هناك دور كبير للصحافة والإعلام في الدفع من أجل توفير حماية وأمان أكثر للمرأة والفتاة في الرياضة، ولتغيير النمط والنظرة الاجتماعية عن طريق التعامل مع العنف الرقمي، ولكن أيضا من خلال الكيفية التي تغطي بها المباريات النسوية، وكيف نتكلم عن الرياضيات، وكيف نتعامل مع من يهاجمون أداء الفتيات أو النساء. هذا الموضوع لا يقتصر على الحكومات فقط فالجميع له دور.
المصدر: الأمم المتحدة