اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وتكرر الشريف رحلتها الشاقة يومياً لتوفير كمية قليلة من أصناف المسليات، فيما لا تتمكن من شراء المزيد منها نظراً لمحدودية رأس مالها، حيث تعتمد على دخلها اليومي بشكل أساسي لإعانة أسرتها المكونة من خمسة أفراد. وفور عودتها من مشوارها اليومي، تبدأ رحلة أخرى لبيع البضائع على بسطة صغيرة وسط المدرسة التي تحولت إلى مركز إيواء للنازحين الفلسطينيين، تعيش فيها أسرتها التي أجبرت على النزوح بعد تدمير الاحتلال الإسرائيلي منزلها.
تقول سمية الشريف لـ”العربي الجديد” إن أسرتها أجبرت على النزوح من حيّ “بئر النعجة” في معسكر جباليا منذ الأسبوع الأول للحرب، بعد أن جرى قصف منزل العائلة واستشهاد شقيقها الكبير وابن شقيقها. وكغيرها من الفلسطينيين الذين تجرعوا مرارة النزوح والحرمان، فقد واجهت الشريف وأسرتها صعوبات يومية عدة، جراء النزوح من مكان إلى آخر، ونقص المواد الأساسية، وفي مقدمتها الماء والطعام، إلى جانب القلق المتواصل بفعل أصوات القصف المرعبة، والشعور الدائم بالخطر في كل لحظة.
وإلى جانب معاناة الأسرة من التأثيرات القاسية للعدوان الإسرائيلي، فقد واجهت صعوبة في تأمين الاحتياجات اليومية، خاصة بعد فقدان الأب سيارته والملابس الرجالية الجاهزة التي كان يعمل على بيعها، بعد أن أحرقتها صواريخ وقذائف الاحتلال. موضحة أنها بدأت عملها لتوفير مصدر دخل لأسرتها، بعد أن فقدت العائلة كل ما لديها في الحرب، حيث افتتحت بسطة صغيرة داخل المدرسة، فيما تقطع مسافة طويلة يومياً لشراء ما يلزم للبيع. مضيفة أنها اضطرت لركوب الدراجة الهوائية بسبب النقص الشديد في سيارات الأجرة والغلاء الجنوني في أسعار النقل، فيما تحاول توفير كل قرش من دخلها المحدود لشراء المستلزمات المهمة لأسرتها.
وتقول الشريف “في أول مرة ركبت الدراجة الهوائية شعرت بالنظرات الغريبة من الناس، كانت نظرات مليئة بالاستهزاء والسخرية والاستغراب من فتاة تقود الدراجة في مشهد غير معتاد بمجتمعنا، إلا أنني لم ألتفت إليهم وأكملت طريقي”. مشيرة إلى أن حجم التحديات التي تواجه أسرتها منذ بداية العدوان، والمترافقة مع الحياة القاسية بسبب النزوح المتواصل، أكبر من أي انطباع أو رأي أو اتفاق أو حتى اختلاف، حيث وصلت الأزمة إلى أدق تفاصيل الحياة اليومية، والمتعلقة بتوفير شربة الماء، ورغيف الخبز.
ولا يسعف هامش الربح اليومي البسيط الفتاة لركوب سيارة أجرة، ما يجبرها على المداومة على قطع تلك المسافة الطويلة على دراجتها الهوائية، على الرغم من الإرهاق الشديد ووعورة الطريق، بفعل تخريب الاحتلال الشوارع والبنية التحتية، فيما لا يشغل بالها سوى تأمين قوت أسرتها.
العربي الجدید